"أردوغان".. الزعيم الأكثر إثارة للانقسامات في تاريخ تركيا
كتبت – رنا أسامة:
وصفت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي واجه مُحاولة انقلاب عسكري باءت بالفشل، بأنه الرئيس الأكثر إثارة للخِلاف والانقسامات في تاريخ الجمهورية الحديثة.
في الوقت الذي يراه المُعجبون مثالًا للقائد الذي نجح في تحديث تركيا ونقلها نقلة نوعية، يعتبره الخصوم زعيمًا استبداديًا يقمع الحُريّات ووجهات النظر المُعارضة له.
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن موجة من التفجيرات القاتلة قد ضربت تركيا في عهد أردوغان؛ بسبب الحملات العسكرية المُزدوجة التي تشنّها حكومته ضد القبائل الكُردية في الجنوب، وتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا المجاورة.
كما لحقت بحزب التنمية والعدالة (AKP)- الذي يترأسّه أردوغان- اتهامات بتبنّيه مُخطّط لفرض قيم إسلامية مُتشدّدة في أرجاء البلاد، الأمر الذي رُبما فجّر بداية الخِلاف مع الجيش التركي الذي دائمًا ما يعتبر نفسه حاميًا للدستور العلماني.
صعوده ليكون أول رئيس مدني مُنتخَب ديمقراطيًا في البلاد عام 2014، دفعه ليبذل قصارى جهده من أجل تعزيز سُلطته والحِفاظ على نفوذه، بأي وسيلة مُمكنة، لدرجة قيامه بتغيير الدستور كي ترتدي تركيا ثوبًا أمريكيًا.
بيد أن الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها ليلة الجمعة الماضية، هزّت أركان سُلطته إلى حدٍ ما لم يكُن يتوقّعه أحد.
السيّد الكبير
يُعرف أردوغان بين أتباعه ومؤيّديه بأنه "السيّد الكبير"، أو Buyuk usta باللغة التركية، أو "السُلطان".
هذا الرجل الذي يبلُغ من العمر 61 عامًا، جاء إلى السُلطة أول مرة كرئيس للوزراء عام 2003، أعاد الاستقرار للبلاد بعد تاريخ طويل من الانقلابات والتحالُفات المُترنّحة، ونجح في إخراج الدولة ذات الأغلبية المُسلمة من مستنقع اقتصادي.
ونجح في تقليم أجنحة الجيش التركي من خلال تطهيره من العناصر المُناهضة له، أو هكذا زعم.
غيرَ أن المواطنين الأتراك العاديين قد انتابهم الشكّ في الحركات التي يتخذّها أردوغان وحكومته من أجل "أسلمة" المجتمع، والتي تمثّل بعضها في: "فرض قيود على مبيعات الكحول، تقييد الوصول إلى الإنترنت، فضلًا على مُحاولة حظر السَكن المُختلط (بين الجنسين) في جامعات الدول".
من أجل الدفع بتركيا في قائمة أكثر 10 دول رائدة في مجال الاقتصاد، بحلول الذكرى المئوية للجمهورية بحلول عام 2023، أطلق أردوغان سلسلة من مشروعات البِنية التحتيّة الطَموحة المُذهلة، بما في ذلك تدشين أول قطار فائق السُرعة ونفق تحت مضيق البوسفور.
بيد أن إقدامه على شراء قصر رئاسي يحوي 1150 غرفة، بمبلغ 615 مليون دولار، خطوة انطوت – في نظر الكثيرين - على قدر من الإسراف والبَذخ غير المسؤول، مُعتبرين إياها إشارة على الجشع واستغلال النفوذ.
تكميم أفواه النُقّاد
لم يتوانَ نظام أردوغان المُستبّد عن تكميم أفواه المُناهضين، سواء بفرض قيود على الصحفيين أو المواطنين العاديين، لينتهي المطاف بأي شخص يوجّه إهانة أو يحاول النيل من سُمعة الرئيس أو حكومته في أروقة المحاكم.
ونالت حملة تكميم أفواه المُعارضين تلك انتقادات دولية واسعة، شوّهت بقدر ما صورة الرجل الذي أشاد به الغرب على قيامه بخلق نموذج للديمقراطية الإسلامية على حافة أوروبا الشرقية.
اشتُهِر أردوغان أيضًا بتصريحاته الغربية بعض الشيء، كما إعلانه أن "المُسلمين قاموا باكتشاف الأميركتين قبل كولومبوس"، و"النساء لا يتساوون مع الرجال في الحقوق".
فيديو قد يعجبك: