لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نيويورك تايمز: سياسات التقشف بالسعودية لم تحدّ من إنفاق العائلة المالكة

08:33 ص الثلاثاء 10 يناير 2017

الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز

القاهرة - مصراوي:

سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على ما يحدث داخل القصر الجديد للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الذي شق طريقه الصيف الماضي على الساحل الأطلسي.

وتقول الصحيفة في نسختخا المترجم للعربية، إنه في الوقت الذي ألغت فيه الحكومة السعودية مشاريع داخل المملكة بقيمة ربع تريليون دولار في إطار خطة التقشف المالية، كان العمل يجري على قدمٍ وساق للانتهاء من بناء منصّات هبوط تتلألأ باللون الأزرق استعدادًا لاستقبال طائرات الهليكوبتر داخل المجمّع المخصّص لقضاء العطلات، وتشييد خيمةٍ على مساحة شاسعة حيث يمكن للملك إقامة الاحتفالات والترفيه عن العدد الهائل من أفراد حاشيته.

وبحسب الصحيفة فإن العائلة المالكة تستمد ثروتها من احتياطي النفط الذي اكتُشف قبل أكثر من 75 عامًا أثناء حكم والد الملك سلمان الملك عبد العزيز بن سعود. توفر مبيعات النفط مليارات الدولارات سنويًّا في صورة مخصصات مالية، ووظائف مجزية بالقطاع العام، وامتيازات أخرى يستفيد منها أفراد العائلة المالكة الذين يمتلك أكثرهم ثراءً قصورًا فرنسية وسعودية، ويكتنزون الأموال في حسابات سويسرية، وترتدي نساؤهن أفخم الحُلَل تحت عباءاتهن، ويمرحون على متن أكبر يخوت العالم بعيدًا عن أنظار العامّة.

يضطلع الملك سلمان بمسؤولية إدارة مؤسسة عائلية معروفة بشكل غير رسمي باسم "مؤسسة آل سعود". وقد فرض الانخفاض المستمر في أسعار النفط قيودًا على الاقتصاد وأثار تساؤلات عمّا إذا كانت العائلة المالكة – التي تضم آلاف الأفراد ولا تزال في ازدياد مستمر – ستستطيع الحفاظ على نمط الحياة المترف والاستمرار في إحكام قبضتها على البلاد في آنٍ واحد.

يقول الأمير خالد بن فرحان آل سعود وهو سعودي منشقّ عن العائلة المالكة ويقيم في ألمانيا: "عامّة الشعب لديهم من الأموال الآن أقل من ذي قبل، بينما لم تتأثر أملاك العائلة المالكة. قدرٌ كبير من أموال الدولة لا تُدرج في الميزانية، وهو أمر يقرّره الملك وحده."

وأشارت الصحيفة إلى الأوقاتٌ المشوبة بالقلق التي يعيشها أفراد العائلة المالكة في ظل حكم ملكٍ يبلغ من العمر 80 عامًا وتعرّض لسكتة دماغية واحدة على الأقل، ومن المرجح أن يكون آخر من يتولى الحكم من الأبناء الستّة لمؤسس المملكة العربية السعودية. وهكذا، يتحتّم على الملك الآن أن يسيطر على عُصبة من أقاربه – منهم من هو ميسور الحال ومنهم من يمتلك المليارات – الذين اعتادوا رغد العيش منذ نعومة أظافرهم.

ومن الجدير بالذكر أنه خلال عامين اعتلى فيهما الملك سلمان سدّة الحكم، انقلب الملك على تقاليد التوريث وتسبّب في إحداث حالة من الشقاق بعد أن تخطّى العديد من الأشقاء حتى يتمكن من ضمّ الجيل التالي – ابن أخيه وابنه المفضّل – إلى قائمة انتظار الوصول إلى العرش. أزاح الملك سلمان بعض كبار الشخصيات التي تنتمي لفروع أخرى من العائلة من حكم المحافظات ومن المناصب العليا بالوزارات، وهو ما أسفر عن تعزيز قبضته على السلطة لكنه في الوقت نفسه غرس بذور السخط في عائلة تحتاج إلى التوحّد الآن أكثر من أي وقت مضى.

ورغم ما يدور من أزمات كبرى خارج حدود المملكة – ما بين حرب باهظة الكلفة في اليمن، وأعمال عنف تجتاح كلًّا من العراق وسوريا، وخِصم جسور يُدعى إيران – فإن الأزمات الاقتصادية هي التي تخاطر بتهييج عامّة الشعب إذا ما تضاءلت الامتيازات التي اعتادوا أن ينعموا بها طوال حياتهم. وكثير من أفراد العائلة المالكة يخشون انتشار أي أنباء عن ثرواتهم لأنها ستثير انتقادات العامّة.

لطالما كانت عائدات شركة النفط الوطنية السعودية أرامكو شريان الحياة الذي يغذي الإنفاق الحكومي. وقد تصدَّى بعض أفراد العائلة المالكة لاقتراح تقدّم به ابن الملك ولىّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان بهدف الخصخصة الجزئية للشركة، لأن إدراجها في أسواق الأوراق المالية في نيويورك أو لندن سيستتبع إجراء عمليات تدقيق جديدة لحسابات الشركة وربما يكشف الستار عن التمويل الحكومي والأموال التي تصب في خزائن هؤلاء الأفراد.

دفعت تلك المخاوف بعض كبار أفراد العائلة المالكة إلى البحث في هدوء عن خيارات بديلة لمقترح الخصخصة، رغم تأكيد بعض المسؤولين السعوديين أن المقترح لا يزال قائمًا.

ولمواجهة العجز الكبير في ميزانية الدولة، لجأت الحكومة إلى تخفيض رواتب القطاع العام وتخفيض الدعم وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود، والكهرباء، والمياه. وشرعت المملكة أيضًا في اقتراض المليارات من الداخل والخارج. علاوةً على ذلك، تضاءلت فرص التوظيف بالقطاع الحكومي – الذي يُعد الوجهة الأولى والمفضّلة للسعوديين الباحثين عن فرصة عمل – وهو ما بثّ الخوف من المستقبل في نفوس الأجيال الشابة التي لا تستطيع الحصول على فرصة عمل.

تُلقي الأزمة بظلالها على أفراد العائلة المالكة أيضًا، وفقًا لما ذكره أنس القصيّر المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام الذي أشار إلى تخفيض المخصصات المالية التي يحصل عليها أفراد العائلة المالكة. ورغم ذلك، لم تتأثر المخصصات المالية لبعض أفراد العائلة على الأقل، حسبما أفاد العديد من السعوديين المقربين من العائلة المالكة.

قال ستفين هيرتوج، أستاذ مشارك بكلية لندن للاقتصاد ومؤلف كتاب "أمراء، ووسطاء، وبيروقراطيون" الذي يتناول فيه طبيعة الاقتصاد السياسي بالمملكة: "يبدو أن الأمراء يتمتعون بالمزيد من المزايا المادية في ظل حكم الملك سلمان، وأن النظام الأساسي لتقديم المخصصات المالية لم يتغير".

لا يزال البذخ في الإنفاق سلوكًا سائدًا بين بعض أفراد العائلة المالكة، حيث أشارت دانيا سينّو الوكيل العقاري لدى وكالة بيل ديمور بفرنسا إلى إقبال العديد من أفراد العائلة المالكة على شراء عقارات في باريس العام الماضي، وذكرت أنها باعت مؤخرًا شقة على مساحة 11000 قدم مربعة تقريبًا في شارع أوكتاف فوييه الشهير لأميرة سعودية مقابل 30 مليون دولار أمريكي.

أما الملك سلمان فلديه الكثير من الممتلكات في فرنسا، إذ تشير السجلات العقارية هناك إلى أنه يمتلك مجموعة شقق في الدائرة 16 الراقية بباريس تقدر قيمتها بنحو 35 مليون دولار. كما أنه يمتلك قصرًا فاخرًا في كوت دازور في فرنسا وقصرًا آخر في مدينة ماربيا على ساحل كوستا ديل سول الإسباني.

كل تلك الممتلكات بالطبع لا تعني ندرة الخيارات أمام الملك داخل البلاد، فلديه شبكة من القصور ذات الأعمدة الرخامية والمنتجعات الريفية التي تمتد من البحر الأحمر إلى الخليج الفارسي. لكن يبدو أن مجمّع طنجة بات الوجهة المفضّلة لديه في الوقت الحالي.

استطاعت "نيويورك تايمز" وضع تصور تفصيلي لنمط الإنفاق لدى العائلة المالكة من خلال عشرات اللقاءات مع دبلوماسيين، ومديري أموال، واقتصاديين، ووكلاء عقارات، ووكلاء سفر، ومهندسي ديكور، وأفراد من أسرة آل سعود، ومن خلال الاطلاع على سجلات قضائية ووثائق عقارية.

إلا أن ثمة هالةٌ من التعتيم تحيط بحجم ثروات العائلة المالكة التي توزع الأموال على العديد من الأقارب في عدة قارات حول العالم، وهو ما يزيد من صعوبة الحصر الدقيق لتلك الثروات. أما آليات التمويل نفسها فيشوبها الغموض عمدًا، كما أنه لا يتم الإفصاح عن النسبة التي تدخل إلى خزانات العائلة المالكة من ميزانية الدولة. وحتى الأفراد الذين يتابعون العائلة المالكة السعودية عن كثب قالوا إنهم لا يستطيعون تقدير إجمالي الأصول المملوكة للعائلة.

ومع أن هذه الهالة من السريّة لم تسلم من الاختراق سواء من خلال الدعاوى القضائية والتقارير الصحفية التي تُنشر بالخارج، يعي أفراد العائلة المالكة أهمية الإمساك عن التباهي بثرواتهم أمام عامة الشعب الذي يبلغ تعداده 30 مليون مواطن. شيّد أفراد العائلة أسوارًا عالية حول قصورهم، واشتروا أصولًا خارج البلاد داخل شركات صورية، واستعانوا بالوسطاء لإتمام صفقات استثمارية كبرى، وطالبوا الموظفين بالتوقيع على اتفاقيات تلزمهم بعدم الإفصاح عمّا تناهى إلى علمهم من أنباء.

كشفت "أوراق بنما" التي أزيح عنها الستار في أبريل الماضي عن علاقة تربط الملك سلمان بشركات أجنبية في لوكسمبورج وجزر فيرجين البريطانية. وقد أشارت الوثائق إلى علاقته بيخت وعقارات في لندن تقدر قيمتها بعدة ملايين من الدولارات؛ حيث تضم هذه العقارات منزلًا ملكيًّا ذا شرفة عالية بالقرب من هايد بارك في حي "مايفير" الراقي.

وبالنظر إلى نصيب الفرد الواحد من الدخل، فإن المملكة العربية السعودية لا تضاهي كلًّا من قطر والكويت اللتين تنعمان بثراء النفط والغاز أيضًا لكن تعداد الشعب فيهما أقل بكثير من جارتيهما الكبرى. (تأثرت كلتا الدولتين أيضًا بانخفاض أسعار النفط). ورغم شبكة الأمان الاجتماعية الجيدة - التي تشتمل على تقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية المجانية – هناك سعوديون يرزحون تحت وطأة الفقر، والكثيرون من أفراد الطبقة المتوسطة يستطيعون بالكاد تلبية احتياجاتهم الأساسية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان