"الأبطال المنسيون".. قصص مسلمين شاركوا في الحرب العالمية الأولى ترى النور
كتب – سامي مجدي:
نشرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، اليوم الأحد، تقريرا عن المسلمين الذين قاتلوا مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا، ودُفنوا في مقابر مع قتلى الحلفاء، وبقيت قصصهم مجهولة، واصفة هؤلاء بـ"الأبطال المنسيين".
تقول الصحيفة، إن قصص 2.5 مليون مسلم سافروا إلى أوروبا للقتال من أجل الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى كُشفت أخيرا.
وأضافت أن أكثر من 1.5 مليار قذيفة مدفعية سقطت على الجزء الشمالي من فرنسا القريب من بلدة آراس، الأمر الذي دفع الجنود إلى تسمية تلك الأرض الزراعية التي قاتلوا عليها بـ"الجحيم الشمالي" أو "المقبرة".
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن المقبرة تحكي تجارب بعض المقاتلين المسلمين، تلك التي ألقت نظرة على جانب من تاريخ الحرب لم يروى بالكامل أبدا.
تقول "الأوبزرفر" إن هؤلاء الجنود المسلمين سافروا آلاف الأميال من المناطق الحارة، ونزلوا الخنادق مع أئمة كانت مهامهم إمامة المصلين ورفع الآذان. وتحدثت الصحيفة عن الصلاة في أوقات الحرب.
وذكرت الصحيفة أن "الطعام الحلال" كان يعده طهاة صاحبوا الجنود المسلمين. وكذلك العادات الطبية التي جلبها الجنود من بلدانهم الإسلامية والأغاني الفولكلورية التي كان يرددها الجنود في الخنادق.
وتلفت الصحيفة إلى أن الدليل على تضحياتهم معروف في زاوية في منطقة نوتردام دي لوريتا، التي تضم قبور 40 ألف جندي فرنسي سقطوا على الجبهة الغربية، مشيرة إلى أن شواهد قبور الجنود المسلمين مميزة ليس لأن الآيات القرآنية مكتوبة عليها فحسب، لكن لأن رؤوسهم متجهة نحو مكة المكرمة حيث المسجد الحرام والكعبة الشريفة.
ووفقا للصحيفة، قضى باحثون من مؤسسة "أبطال 14-19"، التي وثقت مساهمات المسلمين في الحرب تحت قيادة الحلفاء، الأعوام الستة الأخيرة في فحص وثائق من الأرشيف العسكري وعددا كبيرا من المذكرات الشخصية لمحاربين في الحرب العالمية الأولى من 19 بلدا، فضلا عن مئات الصور، وأكثر من 850 ألف وثيقة بالفرنسية والإنجليزية والفارسية والآردية والروسية والألمانية والعربية، إضافة إلى مئات الصور.
قدر الباحثون بأن هناك 2.5 مليون مسلم ساهموا إلى جانب الحلفاء إما كجنود أو عمال.
المؤسسة أسسها بلجيكي يدعى لوك فيريي، ويبلغ من العمر 53 عاما، بعدما عثر في مذكرات من الحرب العالمية الأولى لوالد جده على فصول مطولة عن المسلمين الذين التقاهم في جبهات القتال.
بحث الرجل كثيرا في كتب التاريخ ليعرف المزيد عن هؤلاء الجنود، لكنه لم يجد معلومات تذكر عنهم. بعدها بدأ بحثه الخاصة، من خلال سجلات الحرب البلجيكية والفرنسية، وأدرك أن هناك قصة أكبر، حتى أنه تخلى عن وظيفته في صناعة الطيران وأسس مؤسسته في 2012، وكرس حياته لتوثيق دور المسلمين المنخرطين في الحرب، على ما تقول الصحيفة البريطانية.
ووجد الرجل أن هؤلاء المقاتلين جُلبوا من أفريقيا والهند وروسيا والشرق الأقصى والأوسط وحتى من أمريكا، فعاشوا وماتوا مع نظرائهم الأوروبيين المسحيين واليهود. ويعتقد أن معرفة قصص هؤلاء المقاتلين قد تساعد في تخطي بعض المشكلات التي تواجهها أوروبا اليوم.
وبحسب الصحيفة، تكشف الوثائق كيف كان أئمة وقساوسة وحاخامات يعلّمون بعضهم بعضا طريقة الدفن والصلاة على موتاهم في ساحات القتال. وتروي الوثائق أيضا قصص الجنود المسلمين وهم يقتسمون طعامهم مع المدنيين الجياع. كما اندهش الضباط الفرنسيون والبلجيكيون والكنديون من معاملة الجنود المسلمين الإنسانية للأسرى الألمان.
وعندما سئلوا عن ذلك، ذكر لهم الجنود المسلمين أن هذه طريقة معاملة الأسير وفق تعاليم الإسلام، وتلى أحد الجنود آية قرآنية وحديث نبوي حول معاملة أسرى الحروب.
قال فيريي، وهو غير مسلم، إن "اليمين المتطرف والإسلاموفوبيا في صعود في أنحاء أوروبا. مشروعنا هو أن نجعل كل الناس في أنحاء القارة يفهمون تاريخهم المشترك. هذا المشروع ليس عن السياسة أو الاستعمار. نحن ببساطة نقدم الحقائق لأن هذه قصة ينبغي أن تعرفها أوروبا كلها".
وأضاف "صورة المسلمين في الغرب هي أنهم أعداء، وأنهم وافدون جدد لم يقدموا شيئا لأوروبا. لكن بإمكاننا أن نظهر أنهم ضحوا بحياتهم من أجل أوروبا حرة، وساعدوا في جعلها ما هي عليه الآن ولهم الحق في أن يكونوا هنا".
تهدف المؤسسة، بحسب الصحيفة، إلى نشر نتائج أبحاثها فيما بين الشباب البريطاني والأوروبي على وجه الخصوص، أملا في أن يساعد ذلك في أن تفهم الأجيال المستقبلية بشكل أفضل المجتمعات الإسلامية التي تعيش فيما بينهم.
وتنقل الصحيفة عن يوشف تشامبرز، من مؤسسة "التراث الإسلامي"، "نحاول بناء جسور، وما هي أفضل وسيلة للقيام بذلك من تناول وجبة معا أو التواصل اجتماعيا مع بعضنا البعض".
وأضاف "عملنا يركز على كل المجتمعات والأعمار لكن الشباب على وجه الخصوص. نريد من الناس أن تعي هذا التاريخ لأننا نريد من كل طفل بريطاني وأوروبي أن يقول إن المسلمين كانوا أبطال الحرب العالمية الأولى أيضا".
ووفقا للأوبزرفر، أثار عمل الباحثين اهتمام خبراء الحرب العالمية الأولى؛ فألقى فيريي محاضرة في جامعة هارفارد الشهر الماضي، وقدم وثيقة للأمم المتحدة. ويعتزم الباحثون إصدار كتاب يتضمن مقاطع من الوثائق التي اطلعوا عليها، ومجموعة من الصور التي عثروا عليها.
ويقدر فيريي أن يرتفع العدد الحالي للمسلمين الذين ساعدوا الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (الآن 2.5 مليون) مع استمرار البحث.
ومن بين الوثائق الأكثر تأثيرا، حسب الكاتب، الرسائل التي كتبها هؤلاء المقاتلون المسلمون، وذكر منها رسالة مقاتل جزائري كان في جبهة القتال بمنطقة نوتر دام دوي لوريت في عام 1916 يقول فيها: "أقسم بالله العظيم، أنني لن أتوقف عن الصلاة، ولن أتخلى عن ديني، حتى لو وضعت في جحيم أشد من الجحيم الذي أنا فيه".
ووفقا للوثائق، قدر عدد الجنود المسلمين:
400 ألف هندي (الجيش البريطاني الهندي)
200 ألف جزائري، 200 ألف تونسي، 40 ألف مغربي، 100 ألف من غرب أفريقيا، 5 آلاف صومالي وليبي (الجيش الفرنسي)
5 آلاف أمريكي مسلم
1.3 مليون روسي مسلم
أما العمال الذين كانوا يصاحبونهم:
100 ألف مصري
35 ألف صيني مسلم
130 ألف من الصحراء الكبرى
40 ألف هندي
فيديو قد يعجبك: