هآرتس: في سوريا.. السياسة تسيطر أم الحرب؟
كتب – محمد الصباغ:
سيكون للعلاقات الثانوية الوليدة في الحرب الأهلية السورية التأثير الأكبر في مستقبل الدولة والمنطقة بأكملها خلال المرحلة المقبلة، وستشكل هذه العلاقات أهمية في مصير الحرب أكبر من مسار العمليات القتالية نفسها. وتناول تحليل بصحيفة هآرتس الإسرائيلية للمحلل السياسي، زافي برائيل، تأثير هذه العلاقات التي تجمع القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع قوى إقليمية مثل إيران وتركيا والسعودية، مشيرًا أيضًا إلى أن التحالفات بين هذه الدول وميلشياتها على الأرض ستخلق توازنا ما بين القوى السياسية.
وأضاف التحليل أنه على سبيل المثال، تستخدم روسيا الأكراد في سوريا كورقة تساوم بها ضد تركيا، التي خلق تعاونها مع الجيش السوري الحر فجوة بين أنقرة وطهران.
وأشار أيضًا إلى أن ضربات الأردن الجوية ضد تنظيم داعش في جنوب سوريا تعزز التحالف الأردني الروسي وتقوي علاقات عمّان مع نظام الأسد.
وتضع التطورات الأخيرة العلاقات التركية الإيرانية محل اختبار، حيث تعتقد الأولى أن طهران تريد تحويل العراق وسوريا إلى دول شيعية، وبالطبع تؤمن إيران بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحلم بإعادة الإمبراطورية التركية. فمنذ أسبوع، طالب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إيران بإيقاف تهديد استقرار وأمن المنطقة. ثم خرج المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في اليوم التالي ليحذر تركيا قائلًا إنها طالما كانت جارة مهمة، لكنه أضاف "هناك طاقة لصبرنا".
وتطرقت الصحيفة أيضًا إلى أنه برغم تلك الخلافات، لم يتأثر حجم التبادل التجاري الذي وصل إلى حوالي 10 مليار دولار سنويًا.
وكانت إيران أيضًا أول دولة تندد بمحاولة الانقلاب في تركيا يوليو الماضي، ومن المتوقع أن يزور الرئيس الإيراني حسن روحاني أنقرة أبريل القادم. كما تتشارك أنقرة وطهران في معارضة إقامة دولة كردية مستقلة في سوريا، والتي بدورها قد تُلهم الأكراد في إيران وتركيا.
وإلى جانب ذلك، شعر الإيرانيون بالارتياب من تحرير القوات التركية والجيش السوري الحر لمدينة الباب، التي تبعد 30 كيلومتر عن حلب، وذلك بالرغم من أن خصمهم هو تنظيم داعش. مبعث القلق، وفقًا للكاتب الإسرائيلي، هو أن تحرير "الباب" هو مفتاح لتحرير مدينة الرقة، معقل التنظيم الإرهابي، والتي بدورها السبيل للسيطرة على الحدود العراقية السورية المحورية بالنسبة لطهران.
كما اعتبر التحليل أن السياسة الروسية تفترض أنه عندما يحين وقت الحل الدبلوماسي، لن تقف تركيا عائقًا وستوافق على سحب قواتها طالما ضمنت لها موسكو عدم قيام دولة كردية في سوريا. وتعتمد هذه الفرضية على الاتفاق الذي توصلت إليه الدولتان والذي لم يتمثل فقط في التعاون العسكري في قصف مدينة الباب، بل أيضًا التوصل لعملية وقف إطلاق نار في مدينة حلب.
وأشار المحلل السياسي، زافي برائيل، إلى أن التعاون الوثيق بين تركيا وروسيا امتد أيضًا إلى إسرائيل. ففي البداية، توصلت إسرائيل مع روسيا إلى تفاهمات حول الضربات الجوية المسموح بها في سوريا لضمان التنسيق ووضع مسافة كافية بين القوتين الجوتين للدولتين. ثم انضمت لهما تركيا بعد ذلك، وليس فقط لدورها في الضربات الجوية في سوريا، لكن أيضًا لأنها بدأت إحياء تعاونها العسكري مع إسرائيل.
جاء بالصحيفة أيضًا أنه بمجرد انضمام تركيا للتحالف السنّي بقيادة السعودية، سعت طهران إلى توطيد علاقاتها مع دول عربية وإسلامية لمحاولة معادلة النفوذ السعودي. وعلى سبيل المثال، حاولت استكشاف عملية إصلاح العلاقات مع مصر وخصوصا مع دخول القاهرة والرياض في توتر غير متوقع. وأشار التحليل إلى أن إيران تحاول الاستمرار في العلاقات الطبيعية مع الكويت والإمارات وقطر وسلطنة عمان.
اختتم التحليل بإبراز غياب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التام وسط شبكة علاقات دبلوماسية معقدة. وأضاف أنه بعيدا عن المشاركة الفعالة في الحرب ضد تنظيم داعش، فإن إدارة ترامب لم تتخذ موقفا واضحا في قضايا مثل استبدال نظام الأسد، أو طبيعة النظام الجديد ومصير بشار الأسد والمجموعات المعارضة.
وأكد أن السعودية خشيت من خسارة نفوذها لصالح تقارب الإدارة الأمريكية السابقة مع إيران، وتكتشف المملكة الآن أن ترامب ربما يتسبب في تعزيز التحالف الروسي الإيراني التركي على حساب السعودية.
فيديو قد يعجبك: