"أعداء بمنافع".. "واشنطن بوست": الأزمة التركية الهولندية فزاعة لحصد أصوات ناخبي البلدين
كتب – محمد الصباغ:
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن التصعيد الحالي بين تركيا وهولندا مثال صارخ على ما يمكن أن تفعله الحملات الانتخابية من إشعال للأحداث الدولية، وذلك لأن الهولنديين يذهبون إلى صناديق الاقتراع يوم الأربعاء من أجل التصويت في الانتخابات البرلمانية، في حين تشهد تركيا استفتاء على تعديلات دستورية في الشهر القادم.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الذي عنونته "أصدقاء بمنافع" على وزن العبارة الإنجليزية الشهيرة "أصدقاء بمنافع" أن كل العيون في هولندا مركزة على "جيرت فيلدرز"، السياسي الشعبوي المشكك في فكرة الاتحاد الأوروبي والمعادي للمسلمين، كما ستكون تركيا محل الأنظار بسبب الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي قد تقضي على النظام البرلماني لصالح نظام رئاسي بقيادة الرجل القوي رجب طيب أردوغان. وأضاف التقرير أن "فيلدرز وأردوغان" وجدا فزاعتهما المخيفة في دول أخرى.
وأكد أستاذ السياسة بجامعة جورجيا، "كاس ماد"، إن تفسير الأزمة التركية الهولندية واضحًا، مضيفًا "كلا الدولتين غارقتين في الحملات الانتخابية التي يهيمن عليها تفضيل مواطنيهم على الأجانب بطريقة استبدادية".
كانت الأزمة بين البلدين بدأت حينما مُنع وزيران تركيان من حضور تجمعات في هولندا. وربما تكون الأصوات المتفرقة في شمال أوروبا هي ما تحقق مبتغى إردوغان، وكان أنصاره قد رتبوا لتجمعات مؤيدة له في عدة مدن أوروبية. وخوفًا من حدوث هذه التجمعات في وقت قريب من يوم انتخاباتهم، منعت الحكومة الهولندية وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من الهبوط في هولندا السبت.
وعندما وصلت وزيرة الهجرة التركية، فاطمة بتول صيان، إلى مدينة روتردام عبر سيارة قادمة من ألمانيا، استوقفتها الشرطة الهولندية خارج القنصلية التركية ومنعتها من دخول المبنى، في الوقت الذي بدأ فيه مواطنون هولنديون من أصول تركية بالتجمع والتظاهر. وتم مرافقة الوزيرة إلى أن غادرت الحدود الهولندية بطائرة خاصة.
وألقت هذه المشاهد بظلالها في كلا الدولتين، ووصف "فيلدرز" الذي تعتمد سياساته على رفض الإسلام والمهاجرين المسلمين، المحتجين بأنهم معادين لهولندا، وكتب تغريدة يقول فيها: "هولندا ترى هؤلاء الأشخاص أتراك وليسوا هولنديين. لديهم جوازات سفر هولندية، لكنهم لا ينتمون إلى هنا".
وأضافت "واشنطن تايمز" أن التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي كانت تختمر خلال السنوات الماضية، مع صدام الجانبين بسبب أزمة اللاجئين السوريين ودعم أوروبا المزعوم للانفصاليين الأكراد.
وقال "أردوغان" خلال تجمع يوم الأحد في إسطنبول "لقد نزع الغرب قناعه في الأيام الماضية"، وتابع موجهًا الاتهامات لألمانيا بعد منع تجمعات لأنصاره "ما رأيناه هو سلوك إسلاموفوبيا واضح. لقد اعتقدت أن النازية انتهت، لكنني خاطئ".
وتجمعت مجموعة من المتظاهرين الأتراك المناصرين لأردوغان وعصروا البرتقال –في رمز إلى هولندا- كتعبير عن الغضب، ثم شربوا هذا العصير.
وتابع تقرير واشنطن بوست: قبل الانتخابات، انتهج رئيس الوزراء الهولندي مارك روت طريقًا متشددا نحو المهاجرين، مشيرًا إلى أن بعض المسلمين الهولنديين عليهم العمل بدرجة أكبر حتى يندمجوا في المجتمع الهولندي، كما نشر إعلانًا في جريدة هولندية بحجم صفحة كاملة حذر فيه المهاجرين "إما أن تكونوا طبيعيين أو ارحلوا".
ومن التناقض أن السلطات التركية التي علقت بغضب على قمع التجمعات السلمية والديمقراطية التركية، إلا أن معارضين لأردوغان أكدوا أن الاستفتاء القادم في تركيا هو طريق لحكم استبدادي. فبعد محاولة انقلاب فاشلة ضد أردوغان في الصيف الماضي، بدأت الحكومة التركية حملة قمع واسعة ضد المجتمع المدني وأماكن تمركز القوى في الوظائف الحكومية. كما يُنظر إلى التحول التركي عن النظام البرلماني كخطة خطيرة نحو تقويض الديمقراطية تحت نظر أردوغان.
ومن المثير للسخرية أن فيلدرز أيضًا يسعى لتدعيم موقفه قبل الانتخابات. وكثيرا ما هاجم السياسي اليميني المتطرف إردوغان بأنه ديكتاتور. وفي الأسبوع الماضي شارك في مسيرة ضد زيارة وزير الخارجية التركي ووقف أمام لافتة تقول "ابق بعيدًا! هذه بلادنا".
فيديو قد يعجبك: