فاينانشال تايمز: "الإله" أردوغان يحرق الجسور مع أوروبا
كتب – محمد الصباغ:
بات من الواضح للجميع حاليًا أن رجب طيب أردوغان لن يتوقف عن سعيه نحو حكم الرجل الواحد في تركيا، وكان قد انتخب عام 2014 كرئيس للبلاد بعد توليه منصب رئيس الوزراء لأكثر من عقد.
وفي تحليل للأوضاع الجارية بتركيا، قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن الرئيس التركي عمل للعشر سنوات الماضية على حرق الجسور مع أوروبا، وذلك بعد اتهامه لألمانيا وهولندا بأن تصرفاتهم "نازية"، وذلك لمنع الدولتين لوزرائه من عقد تجمعات لجذب المصوتين الأتراك بالخارج على التصويت في استفتاء أبريل حول التعديلات الدستورية.
وأشارت الصحيفة إلى اتهامه للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإيواء إرهابيين في بلادها.
وأضافت أن أفعال أردوغان المرفوضة بشدة أصبحت موثقة بشكل جيد. وتابعت أن مستوى التصريحات المعادية لأوروبا وصلت إلى معدل جديد حينما ألقى وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو بزهور "التوليب" قائلًا "احضروا إلى إسطنبول وانظروا من أين تأتي ورود التوليب الجميلة". ومن المعروف أن هولندا معروفة بأنها موطن الأزهار الشهيرة.
وجاء بالصحيفة أيضًا أنه بعد 10 انتصارات على التوالي منذ 2002 لأردوغان وحزبه الإسلامي "العدالة والتنمية"، لا يمكن لأحد القول بأن أساليبهم خلال الانتخابات ليست ناجحة. وأضافت أن غريزة ترامب تتمثل في الاستقطاب والتصعيد، لكن بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فهذه هي طريقة عملهم الأساسية. هو حزب حاكم يتصرف كمعارضة.
بالنسبة لأوروبا، هذه الأساليب تحريضية وإثارية خلال فترة الانتخابات، وتعتبر أيضًا هدية للشعوبيين اليمينيين وكارهي المهاجرين. لكن يبقى السؤال لتركيا، وفقًا لفاينانشال تايمز، وهو إلى مدى قد تقود هذه المغامرة، القائمة على أن الفائز سيحصل على كل شيء، إلى تدمير مؤسسات الدولة والنظام الدولي.
وأضافت الصحيفة أن حرب الكلمات الدائرة حاليًا، بالتزامن مع اتجاه أردوغان نحو الاستبداد، ربما تدفن طموحات تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي. التغييرات الدستورية التي يسعى إليها أردوغان ستجعل تركيا غير مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وذلك بتدميره لفكرة الفضل بين السلطات وسحق دولة القانون.
ومن الجدير بالذكر أن أردوغان يحكم حاليًا بموجب قانون الطوارئ الذي فرض منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في الصيف الماضي، والتي أسفرت عن احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص.
وتابعت الصحيفة أن أردوغان ربما أفقد تركيا رابطتها الضعيفة مع أوروبا، لكنه عزز قوة حزب العدالة والتنمية، وحشد القوميين وحتى قائدة المعارضة إلى معسكره. وأشارت إلى مطالبة زعيم حزب الشعوب الجمهوري، كمال قليتش دار أوغلو، لأردوغان بقطع العلاقات مع هولندا.
وأضافت أن قيادة البلاد نحو ما يصفه المعارضون بـ"سَلطنة" جديدة يمكن أن يكون مدمرًا.
كما أكدت على أن الغزو التركي لسوريا هو قومي بشكل واضح: لإيقاف المكاسب التي حققتها القوات الكردية السورية المتحالفة مع الأكراد في تركيا والمدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية. كما تخاطر تركيا بعضوية حلف الناتو، بالتحالف مع روسيا وإيران، الراعين لنظام الأسد. وإلى الآن لن تسمح الدول المذكورة بتحرك تركيا نحو وادي نهر الفرات بالعراق، حتى لا تسلمها للمعارضة السورية العربية التي تدعمها أنقرة.
لا يثق أردوغان بقدرته على تنفيذ مبتغاه في الاستفتاء الشهر المقبل، لكن ثمن "التأليه" الذي يسعى نحوه قد يؤدي إلى مزيد من الأراض المحترقة.
فيديو قد يعجبك: