"الدولة العميقة".. هل تحارب المؤسسة الأمريكية ترامب؟
كتب - ممدوح عطا:
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن اتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسلفه السابق باراك أوباما بتسجيل مكالمته التليفونية وتأكيداته بأن البيروقراطية الأمريكية تقوم بتسريب الأسرار لتشويه سمعته هي أحدث العلامات على انهماك البيت الأبيض بنظرية " الدولة العميقة " تعمل على افشاله للقيام بوظيفته كرئيس للولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن مفهوم "الدولة العميقة" يعنى أن هناك شبكة غامضة من الهيئات، أو مسؤولين عسكريين يتآمرون سرا للتأثير على سياسة الحكومة، وهذه المفهوم عادة ما يستخدم لوصف دول مثل مصر وتركيا وباكستان، حيث تجتمع عناصر الاستبداد معا لتقويض سلطة القادة المنتخبين ديمقراطيا.
وأضافت أن مفهوم "الدولة العميقة " انتقل الى داخل المعسكر الغربي؛ فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحاشيته خاصه كبير الاستراتيجيين ستيفن بانون، يرون تأثير هذه القوى على العمل داخل الولايات المتحدة، وحجتهم الأساسية بأن حكومتهم تتعرض للتقويض من الداخل.
ولفتت الصحيفة أنه على خلاف غير عادي لرئيس حالي، رفض غاضبا العام المنصرم اكتشاف مسؤولي الاستخبارات تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لدعمه، يطلب الآن من موظفيه ومن لجنة الكونجرس التحقيق في قيام الرئيس الأمريكي السابق اوباما بالتجسس عليه.
وأشارت نيويورك تايمز إلى ما قاله نويت جنجرش كبير المستشارين في حملة الرئيس ترامب الانتخابية، والذي تحدث مرات عديدة مع ستيف بانون كبير الاستراتيجيين عن شكوكه في "الدولة العميقة" وتأثيرها الضار على رئاسة ترامب: "ما قاله الرئيس ترامب يكشف وجود مشكلة كبيره وضخمة تؤرقه، وأنه مصدوم من أن النظام مازال معاد له "
وأضاف جنجرش "نحن ضد هيكل بيروقراطي دائم الدفاع عن نفسه وعلى استعداد تام لخرق القانون للقيام بذلك."
وأشارت الصحيفة أن أيا من الرئيس ترامب او كبير الاستراتيجيين لم يستخدم مصطلح "الدولة العميقة" علنا، لكن كلاهما جادلا بأن هناك محاولة مدبرة جارية، تغذيها التسريبات وتمكنها وسائل الاعلام للتقليل من الرئيس الجديد والتدخل في أجندته.
وأشارت الصحيفة الى حديث ستيف بانون في مؤتمر العمل السياسي المحافظ بأن العنصر المركزي في رئاسة ترامب سوف يكون "تفكيك الدولة الإدارية". وقال بانون: "كان أحدث تعبير للرئيس ترامب نتيجة نظرة قاتمة للوكالات الفيدرالية والتي جادل بأنها سعت لانتزاع السلطة بناء على طلب من "اليسار التقدمي".
كما أشارت الصحيفة إلى استخدام موقع "بريتبارت" والذي كان يشرف عليه ستيفن بانون، مصطلح "الدولة العميقة" كثيرا في تغطيته للأحداث، وذكرت قصة اخبارية نشرها الموقع بعنوان "بوابه الدولة العميقة" والتي حققت انتشارا على المواقع اليمينية الأخرى، والبرامج الاذاعية المحافظة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ألهبت أنصار الرئيس ترامب فكرة وجود عصابة سرية وقوية تخطط لإسقاط الرئيس.
ونقلت نيويورك تايمز تحذير مسؤولين في الإدارات السابقة من أن اتهام الرئيس ترامب الرئيس السابق باراك اوباما بالتجسس عليه اتهام خطير.
فقد أكد مايكل هيدن، مدير الاستخبارات الأمريكية السابق في إدارتي أوباما وبوش، يوم الاثنين الماضي على شبكة إم إس إن بي س، أنه لن يستخدم مصطلح "الدولة العميقة أبدا".
وأضاف "استخدمنا هذا التعبير مع تركيا والدول الأخرى التي تماثلها، لكن ليس الجمهورية الأمريكية."
وقال "الرؤساء وكبار المسؤولين في البيت الأبيض في كثير من الأحيان يغضبون على ما يعتبرونه البيروقراطية البطيئة، لكن هذا تناقض لإدارة في السلطة بالادعاء بأن موظفي الخدمة المدنية يعملون بهمة لتخريب الحكومة". هذا ما قالته لورين داجون شولمان، وهي مسؤولة كبيرة في مجلس الأمن القومي لإدارة الرئيس أوباما، وزميلة بارزة في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
ونقلت نيويورك تايمز عن لورين داجون أن مصطلح "الدولة العميقة" يستخدم مع دولة مثل مصر وتركيا والدول الأخرى، وهو أن جزء من الحكومة أو من خارج الحكومة والذين يسيطرون حرفيا على اتجاه الدولة بغض النظر عمن في الحكم فعليا، وأنه من المحتمل الانخراط في اعمال القتل وممارسات الفساد الأخرى.
وأضافت شولمان "أنها صدمة أن تسمع هذا النوع من التفكير من الرئيس أو من المقربين له."
حتى الآن بالنسبة لحلفاء ومؤيدي الرئيس فإن الرئيس يعبر عن نظرية مفضلة لهم.
ونقلت نيويورك تايمز عن ستيف كينج، عضو مجلس النواب عن ولاية ايوا وهو جمهوري: "نحن نتكلم عن بزوغ للدولة العميقة بقيادة باراك أوباما،" مضيفتا أن "أفضل من يفهم هذا هو ستيفن بانون، وأعتقد انه يطالب باتخاذ بعض التحركات لإصلاح الوضع".
وذكر ستيف كينج أن قرار الرئيس أوباما بالبقاء في واشنطن بعد مغادرة البيت الأبيض هو دليل على ازدهار" الدولة العميقة، وأن قرار اوباما يرجع لرغبته في إحباط تنفيذ أجندة الرئيس ترامب".
ولفتت الصحيفة الأمريكية الى أن الرئيس السابق باراك اوباما صرح أنه سوف يبقى في العاصمة لحين تخرج ابنته الصغرى، ساشا، من مدرسة الثانوية عام 2019.
وأكد ستيف كنج أن الرئيس ترامب في حاجة إلى تطهير الإدارة الأريكية من "اليساريين" المتبقين من إدارة الرئيس السابق اوباما، لأنه يبدو أنهم يقوضون إدارته وفرص نجاحه."
ويسمع مصطلح "الدولة العميقة "عادة في الدول التي لها تاريخ مع الانقلابات العسكرية، حيث يستقل الجنرالات بالسلطة عن القادة المنتخبين، وفقا لنيويورك تايمز.
ويقول بيتر فيفر وهو متخصص في القضايا المدنية والعسكرية بجامعة دوك ومساعد الأمن القومي للرئيس بوش أن مصطلح الدولة العميقة برز للسطح في دول حيث تقوم أجهزة الجيش والأمن بإنشاء حدود تسمح للسياسيين المدنيين بالعمل من داخلها" وأنه في حالة ما إن تم تجاوز هذه الحدود، فإن "الدولة العميقة" تتدخل لإعادة ترتيب الأمور، وعادة ما تستخدم القوة العسكرية المفرطة للقيام بذلك.
وأكد مساعد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش للأمن القومى، أنه توجد أشكالا أكثر اعتدالا "للدولة العميقة" في الديمقراطيات الصحية" بحجة أن الرؤساء الأمريكيين عادة ما كانوا يغتاظون من القيود البيروقراطية الفيدرالية.
وأضاف أن الرئيس الامريكي السابق نيكسون، شارك نوع مشابه من عدم الثقة مثل الرئيس ترامب، وشعر أنه لا يحصل من الحكومة على ما يريده ف بعض النقاط.
وأكد أن "رؤية الرئيس ترامب تتشابه لحد كبير مع جزء من طيف الرئيس نيكسون. وهو أبعد ما يكون عن الوضع في باكستان".
ونقلت نيويورك تايمز عن جميس جي كارفانو، زميل في مؤسسة التراث قوله " لأنك فقط ترى أشياء مثل التسريبات والتدخل وعرقلة قراراتك، فإن هذا لا يعنى أن هناك دولة عميقة، وتاريخيا رأينا مثل هذه الأشياء من قبل، لا شيء جديد في ذلك."
وأضاف "ما سيكون مختلفا هو ما إذا كان هناك اشخاص في الإدارة السابقة دبروا ذلك عمدا، وبطريقة خطيرة من داخل المعارضة للرئيس".
وأضاف جميس جي كارفانو أنه في عدم وجود دليل بطريقة أو أخرى، فانه من الصعب معرفة ما إذا كان الرئيس ترامب يستخدم بعض البلاغة السياسية القوية، أما إن كانت نظريته حقيقية؟
فيديو قد يعجبك: