نيويورك تايمز: المخابرات الأمريكية تواصلت سرًا مع نظام الأسد
كتب – محمد الصباغ:
في الأيام الأولى لإدارة الرئيس دونالد ترامب، بدأ مسئولون في الأمن القومي الأمريكي استكشاف الطرق لتحرير أوستن تايس، وهو صحفي أمريكي وضابط مارينز سابق والذي يُعتقد أنه محتجز لدى الحكومة السورية، وفقًا لما جاء بتقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم السبت.
وقالت الصحيفة إن هذه القضية أغضبت المحققين والدبلوماسيين منذ اختفاء تايس قبل خمسة أعوام تقريبًا.
وقرر المسئولون الرسميون بالبيت الأبيض، بحسب نيويورك تايمز، وبسبب حساسية الموقف بناء طريقة اتصال خلفية مع سوريا.
ومع العلاقات المتردية بين واشنطن ودمشق، كانت الخيارات محدودة. ولذلك تحدث مايك بومبيو، مدير الاستخبارات الأمريكية، في فبراير الماضي، هاتفيًا مع علي مملوك، رئيس المخابرات السورية، وهو المتهم بانتهاك حقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية في بلاده، وتعرض لعقوبات من الولايات المتحدة. وكانت المكالمة الهاتفية هي أعلى مستوى للتواصل بين البلدين منذ سنوات.
وتابعت الصحيفة على لسان مسئولين أمريكيين سابقين، رفضوا الإفصاح عن هويتهم، أنه على الرغم من أن التواصل والمناقشات بين الطرفين جددت الأمل في الإفراج عن تايس، إلا أن العملية فشلت في أبريل الماضي بعد استخدام الحكومة السورية لغاز الأعصاب في هجوم على معارضين في شمال سوريا، وبعد الضربات الجوية الأمريكية التي تبعت الهجوم.
وأظهر هذا النهج لإدارة أوباما في سوريا ما يمكن أن تفعله من أجل الإفراج عن الأمريكيين المحتجزين بالخارج.
ويقول دانيل آر روسيل، مساعد وزير الخارجية إبان حكم أوباما "في بعض الأحيان يعمل السحر، وفي أحيان أخرى لا يعمل".
وتؤمن الولايات المتحدة بأن الحكومة السورية تحتجز تايس، لكنها لا تمتلك أي دليل. وفي الوقت نفسه تصر الحكومة السورية على أنها لا تعلم ما حدث له.
وقال نائب وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، لوكالة أسوشيتد برس في العام الماضي "أوستن تايس ليس في أيدي السلطات السورية، ولا نمتلك أي معلومات عنه مطلقًا".
ورفضت عائلة تايس التعليق على القضية، ومثلها كل من الاستخبارات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأضاف تقرير نيويورك تايمز، أنه بعد شهر من النفي السوري، ظهر تايس معصوب العينين في مقطع فيديو وبجواره مسلحين ملثمين. وبدا في المقطع خائفًا وتحدث بكلمات قليلة بالعربية ثم اختفى. ويعتقد مسؤولون أمريكيون سابقون أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد سجلت هذا المقطع من أجل إلقاء مسئولية احتجازه عى المجموعات المسلحة.
وعلى الرغم من العلاقات العدوانية بين سوريا وأمريكا، هناك دافع يجعل الحكومة السورية تتحدث مع مسئولين أمريكيين رفيعي المستوى. وتابعت الصحيفة أنه قبل الحرب الأهلية أيضًا، كانت هناك اتصالات عديدة من بينها ما جرت عام 2010 بين مملوك ودانيل بنجامين، الذي عمل كمنسق في مكافحة الإرهاب خلال حكم الرئيس السابق أوباما.
وعلق سفير أمريكا السابق لدى دمشق، روبرت إس فورد، قائلًا إن "الحكومة السورية تريد تخفيف عزلتها. السوريون مرنون جدًا، وبغيضون. بإمكانهم النقاش دائمًا. وهكذا يسيرون أعمالهم".
وتابعت الصحيفة أنه بعد قدوم ترامب إلى السلطة، استمرت المحاولات الأمريكية في التواصل مع سوريا بشأن تايس. وتواصل بامبيو مع مملوك هاتفيًا للحديث حول تايس. ولم يتضح، بحسب نيويورك تايمز، ما دار بين الطرفين.
ثم بدأ بعدها المسئولون الأمريكيون في محاولة تخيل السيناريو المحتمل الذي سيقدمه السوريون لتفسير اختفاء تايس الطويل. ومن بين الاحتمالات هو أن الأمريكيين سيتلقون دليلًا على حياته، ثم تعلن الحكومة السورية بعد ذلك العثور عليه، مبررين سبب احتجازه. وجاء أيضًا، بحسب نيويورك تايمز، أن تايس قد يواجه محاكمة لانتهاكه قوانين الهجرة في سوريا، ثم يخرج الرئيس الأسد للعفو عنه. وبعد وصوله إلى الأراضي الأمريكية ربما يتصل ترامب بالأسد.
لكن كل ما سبق لم يحدث أبدًا -وفقًا للصحيفة- وأشار بعض الدبلوماسيين السابقين إلى تصريح سابق لسفيرة أمريكا بالأمم المتحدة نيكي هالي حين قالت إن الولايات المتحدة لا تعتبر الإطاحة بالأسد أولوية.
وتابع الدبلوماسيون أن حديثها كان على غير المعتاد. وبهذا الأمر أضعفت الإدارة الأمريكية موقفها في التفاوض حيث أعطت الحكومة السورية شيئًا تريده دون طلب أي شئ بالمقابل.
وقال جيمس أوبراين، المبعوث الرئاسي الخاص لشئون المحتجزين خلال حكم أوباما، لنيويورك تايمز إن الولايات المتحدة لم يكن عليها أن تخرج بهذا التصريح إلا في حال "عودة تايس إلى الوطن".
وأبرزت الصحيفة أن تايس لم يكن المحتجز الأمريكي الوحيد في سوريا. فهناك كيفن باتريك داوس، المصور الحر من مدينة سان دييجو الذي اعتقلته القوات الحكومية السورية في 2012. وفي أواخر 2014، اعترفت سوريا باعتقال داوس وأطلقوا سراحه في أبريل 2016 لأسباب صحية.
فيديو قد يعجبك: