من عبدالناصر حتى السيسي.. 7 محطات مرت بها العلاقات المصرية الأمريكية
كتبت- إيمان محمود وهدى الشيمي:
اتخذت واشنطن خطوة مفاجئة هذا الأسبوع، إذ أعلنت تجميد وخفض أجزاء من المساعدات الأمريكية لمصر، مُرْجِعَة ذلك لعدم إحراز القاهرة لأي تقدم في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.
بهذه المناسبة، استعرضت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تاريخ العلاقات المصرية- الأمريكية فيما يتعلق بالمساعدات، وحالات الصعود والهبوط التي شهدتها العلاقة بين واشنطن والقاهرة، بدءًا من وصول الضباط الأحرار إلى الحكم في أعقاب ثورة يوليو 1952، وحتى قرار إدارة ترامب الأخير.
في عهد "ناصر".. صفقة الأسلحة السوفيتية والسد العالي ينهيان آمال واشنطن
بعد وصول الضباط الأحرار إلى السلطة وإطاحتهم بالنظام الملكي كان هناك احتمال لفتح قنوات مختلفة مع الولايات المتحدة، لكن خطاب القومية العربية الذي نادى به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، المناهض لإسرائيل قضى على أمل أن تصبح واشنطن راعية للنظام المصري الجديد الذى فضل التوجه شرقا، ففي عام 1955 وقّعت مصر صفقة شراء الأسلحة السوفيتية عبر دولة تشيكوسلوفاكيا، فدخلت مصر في عمق المعسكر السوفيتي على الرغم من جهود القاهرة لتصبح ضمن دول عدم الانحياز.
وتحطمت كل الآمال في بناء علاقة جيدة بين مصر وأمريكا، عندما وافقت موسكو على بناء سد كهرومائي ضخم (السد العالي) على نهر النيل في جنوب مصر، في حين رفض البنك الدولي تمويل المشروع بعد توصية من واشنطن.
وتأزمت العلاقات بشكل أكبر، عندما اتهمت مصر الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل في نكسة عام 1967.
مع السادات.. وداعًا لـ"السوفيت" مرحبًا بالأمريكان
بدأ نفوذ واشنطن في الزحف إلى مصر بعد فترة قصيرة من هزيمة مصر، عندما توسطت أمريكا لوقف إطلاق النار (مبادرة روجرز) عام 1970 لإنهاء القتال المكثف بين مصر وإسرائيل.
وبعد ذلك وفي خطوة مفاجئة، طرد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1972 آلاف الخبراء العسكريين السوفيتيين وأسرهم، مفسرًا ذلك بأن موسكو لم تفعل ما يكفي لمساعدة المصريين على مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية، وهو ما اعتبر بمثابة كلمة النهاية للحلف "المصري السوفيتي".
بعد مرور عام على تلك الواقعة، خاضت مصر وإسرائيل آخر حروبهما الأربعة (حرب أكتوبر 1973)، الأمر الذي مهد الطريق بشكل كامل أمام واشنطن لكي تحل محل موسكو كأكثر قوة أجنبية هيمنة في الشرق الأوسط.
كامب ديفيد.. "المساعدات" مكافأة السلام مع إسرائيل
توسطت واشنطن لإيقاف الحرب بين مصر وإسرائيل، وفى منتجع "كامب ديفيد" وقع البلدان، برعاية أمريكية، الاتفاقية التي وضعت حدًا للعداء، وجاءت بعد عام من زيارة الرئيس أنور السادات التاريخية لإسرائيل.
عقب ذلك بدأت رحلة "المساعدات الأمريكية" إلى مصر، والتي اعتبرت بمثابة المكافأة على توقيع المعاهدة مع إسرائيل، خاصة وأنها أتت في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها بعد انتهاء الحرب.
بدأت المساعدات الأمريكية ببرنامج عسكري واقتصادي، في نطاق متواضع، ثم نما باطراد من حيث الحجم والنطاق، وأصبحت مصر حليفا مقربا من الولايات المتحدة.
مبارك.. 29 سنة من التوازنات
بعد اغتيال السادات في 1981، وتولى الرئيس الأسبق حسني مبارك، لم تتغير الأمور، حيث حافظ مبارك على علاقات القاهرة الوثيقة مع واشنطن، كما التزم بتنفيذ بنود معاهدة السلام مع إسرائيل.
وأظهرت زياراته شبه السنوية للبيت الأبيض طوال 29 عامًا من منصبه، مدى قرب الدولتين، حتى حان موعد العام 2011.
الدور الأمريكي في الإطاحة بـ "مبارك"
يُدين عديدون في مصر والبلدان العربية لدور إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في دعم ثورات الربيع العربي التي بدأت في أواخر عام 2010 في تونس، وانتقلت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين.
ويرى كثيرون أن تخلي الإدارة الأمريكية عن مبارك خلال الـ18 يوما التي قضاها المصريون في ميدان التحرير، كان سببا رئيسيا في تنحيه وتركه للسلطة.
في المقابل يرى العديد من المعلقين أن دعم الولايات المتحدة للثورة المصرية جزء من مؤامرة أمريكية لإضعاف الدول العربية، وإغراقها في حرب أهلية لمصلحة إسرائيل، حيث اشتعل الاقتتال في المنطقة وظهرت داعش وأخواتها من الجماعات الإرهابية.
أوباما.. والضغط بملف حقوق الإنسان
بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسى، دخلت العلاقات بين مصر وأمريكا مرحلة توتر، حيث صرح أوباما أنه غير مسرور بالإطاحة بالرئيس الإخوانى، رغم انتقاده له وتأكيده أن حكمه لم يكن شاملا، واعترافه بالاحتجاجات الشعبية ضد حكومته.
وفى ظل توتر العلاقات، أصدر أوباما قرارًا بتعليق جزئي للمساعدات العسكرية لمصر في أكتوبر 2013، احتجاجًا على سجل حقوق الإنسان، وإن كان ركز على دور مصر الرئيسي في الحرب العالمية ضد الإرهاب.
في عام 2015 عادت المساعدات مرة أخرى، وإن لم يكن ذلك كافيًا لإعادة الأمور إلى طبيعتها، حيث شن المعلقون المؤيدون للرئيس عبد الفتاح السيسي هجوما على أوباما لعدم منح مصر الأسلحة التي تحتاجها في حربها على المتطرفين الإسلاميين في سيناء، وزعموا أن الإدارة الأمريكية تدعم جماعة الإخوان المحظورة، وتسعى إلى زعزعة استقرار مصر.
مع ترامب.. الصفحة الجديدة يعكرها القرار الأخير
فتحت الإدارة الأمريكية صفحة جديدة في علاقتها مع مصر بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في يناير الماضي. بدأ ذلك عندما أبدى الرئيس السيسي دعمًا للمرشح الجمهوري، وتفضيلا له على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، في اللقاء الذى جمعه بالمرشحين، وقتذاك، في نيويورك في سبتمبر 2016.
وعقب تنصيب ترامب، تلقى السيسي دعوة لزيارة البيت الأبيض، وخلالها لم يتحدث الزعيمان عن ملف حقوق الإنسان، ما جعل العديد يعتقدون أن شيئًا لن يقف عائقًا أمام علاقة الرئيس الأمريكي بالقاهرة.
لذلك كان قرار واشنطن بتخفيض أو تأجيل المساعدات الأمريكية لمصر، والتي تُقدر بحوالي 290.7 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية، مفاجأة غير سارة للقاهرة.
ومع ذلك، من السابق لأوانه القول إن هذه الخطوة ستعيد مصر والولايات المتحدة إلى ما كانت عليه في عهد أوباما، عندما سجل ملف حقوق الإنسان تدهورا متواصلا.
فيديو قد يعجبك: