كاتب أردني: الرسائل الحقيقية لزيارة الملك عبدالله للضفة الغربية
كتبت – منن المشري:
يواجه ملك الاردن المحبوب عبد الله الثانى حاليا مستوى من الغضب العام لم يسبق له مثيل في حكمه الذي دام 17 عاما. وترسل زيارته رسالة إلى جمهورين: إسرائيل وشعبه، حسبما كتب الكاتب الصحفي الفلسطيني-الأردني، داود كتاب، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
يقول كتاب في مقاله إن الغضب الوطني الأردني على عمليات القتل التي ارتكبها حارس الأمن الإسرائيلي في الأردن الشهر الماضي، لم يذكر كدافع وراء زيارة الملك عبدالله الثاني القصيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله. وبينما كان الهدف العام من زيارته هو التحقق من عباس وتقديم الدعم للفلسطينيين والمسجد الأقصى، فإن الرسالة الحقيقية للرحلة القصيرة كانت تستهدف الشعبين الأردني وإسرائيل.
وأشار الكاتب إلى أن آلاف الأردنيين استمعوا لمكالمة رئيس الوزراء نتنياهو الهاتفية لتهنئة حارس أمن السفارة الذي قتل اثنين من الأردنيين بعد لحظات من مغادرته البلاد وسط أزمة دبلوماسية دامت 24 ساعة. وقرأوا النسخة العربية من المحادثة الرسمية، حيث يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي له التمتع بوقته في تلك الليلة مع صديقته.
وانتشرت الترجمة مثل النار في الهشيم على الواتساب، مما أثار غضب الأردنيين الذين شعروا بأن حكومتهم خانت دماء مواطنين أردنيين لتحقيق مكاسب سياسية. واستمر الإذلال في وقت لاحق من تلك الليلة، عندما أظهرت الإذاعة نتانياهو يعانق القاتل للأردنيين ويهنئه "على إبقائه باردا"، بحسب كتاب.
وقال كتاب "إسرائيل لم تذل الأردنيين فقط، بل يبدو أنها طعنت الملك عبد الله والحكومة الأردنية من الخلف من خلال عدم اتباع بروتوكول فيينا الذي يتطلب من إسرائيل إجراء تحقيق جنائي عندما يرتكب شخص يتمتع بحصانة دبلوماسية جريمة في بلد أجنبي."
وأضاف أنه في حين أن نظام الأردن ملكي، فإن الملك لا يحكم إلا من خلال حكومته. في هذه الحالة، يعتقد معظم الأردنيين أن الحكومة شجعت بقوة هذا الفعل. وقد أصبحت الضغوط التي تمارسها إسرائيل وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، لإطلاق سراح حارس الأمن الإسرائيلي بسرعة - على الرغم من أعماله الإجرامية المزعومة - معروفة عامة في المملكة، مما جعل عبد الله عرضة للخطر في أعين شعبه.
يذكر أن الأردنيين الذين يتذكرون حادثة جسر الملك حسين [اللنبي] عام 2014، التي قتل فيها حارس إسرائيلي القاضي الأردني رائد زعيتر، ومن المفترض أن اللجنة المشتركة ما زالت تحقق في الحادث. وقد سارع المتصلون في برامج إذاعية شعبية في عمان إلى القول إن العدالة لم تنجز بعد في قضية القاضي الموقر، مضيفين أنهم بحاجة إلى مزيد من الأدلة على أن الملك يعتزم متابعة العدالة في هذه القضية الجديدة.
وكان الملك في اجازة خلال حادث السفارة، ووسط ضغوط إسرائيلية وأمريكية، قطع عطلته القصيرة وعاد الى دياره. وذهب مباشرة إلى منازل الأردنيين القتلى لدى وصوله. وفى لقاء مع والد عامل مخزن الاثاث الذي يبلغ من العمر 17 عاما، قال عبد الله انه سيسعى إلى تحقيق العدالة لابن الرجل كما لو كان ابنه.
وعقب اجتماعه مع وزير الخارجية الاردني وعقد مجلس السياسات الوطنية، وجه الملك بعض الكلمات الحادة لنتنياهو في تصريحاته الأولية. وقال "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي ملزم بمسؤولياته واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة التي تشمل محاكمة القاتل بدلا من التعامل مع هذه الجريمة كعرض سياسي بهدف تحقيق مكاسب سياسية شخصية، هذا النوع من السلوك العدائي مرفوض على جميع الجبهات، ويغضبنا جميعا".
ركز عبد الله لدى وصوله إلى رام الله، بحسب كتاب، على دعم الرئيس الفلسطيني الذي يقتصر حكمه على الضفة الغربية بدلا من التوسل إلى إسرائيل للحصول على تصريح أمنى للسفر الى الخارج. وقرر عباس والمسؤولين الفلسطينيين بالأجماع وقف التعاون والتنسيق الأمني مع اسرائيل.
أما بالنسبة للأردنيين، فقد أراد الملك إظهار الدعم الكامل للفلسطينيين في كفاحهم ضد المحاولات الإسرائيلية لتغيير الوضع الراهن في الأقصى، وفقا للكاتب.
وقال إن الأردنيين الأصليين وكذلك الأردنيين من أصول فلسطينية تحدثوا بصوت موحد حول هذه المسألة، ويريد الملك أن يكون إلى جانبهم. أما بالنسبة للإسرائيليين، فقد أرادهم الملك أن يعرفوا أن الأردن تدعم الفلسطينيين وأن السلام الإسرائيلي-الأردني في خطر حقيقي -ليس فقط بسبب الأقصى بل أيضا بسبب الطريقة التي تمت بها معالجة قضية السفارة، وبسبب استمرار العقبات الإسرائيلية أمام حل الدولتين.
والجدير بالذكر إن زيارة عبد الله لرام الله هي الخامسة منذ أن أصبح ملكا وأول زيارة له منذ خمس سنوات. ولا تقوم مروحية الزعيم العربي عادة بزيارة رام الله او اي مكان اخر في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ولم تدم الزيارة بأكملها إلى رام الله أكثر من ساعتين، ولكن أثر الزيارة والرسائل التي تحملها سيستمر صداها لفترة طويلة، على ما يقول داود كتاب.
فيديو قد يعجبك: