مجلة أمريكية: ترامب لا يفهم ما يحدث في إيران
كتبت- هدى الشيمي:
قالت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران الآن ما هي إلا صدى للماضى القريب، ففي صيف 2009، نزل ملايين الإيرانيون إلى الشوارع احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، والذي تسببت سياسته في عزل بلادهم لأربعة أعوام.
وأوضحت المجلة أنه في الوقت الذي يتابع العالم بأسره ماذا يحدث في إيران، تمنح طهران اهتمامًا كبيرًا للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا السياق، ترى المجلة أن ما تقوم به أمريكا الآن، لن يكون له تأثيرا كبيرا على ماذا سيحدث في إيران فيما بعد.
"دعم المعارضة"
وأشارت إلى متابعة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاحتجاجات الإيرانية، إذ كتب سلسلة من التغريدات على حسابه بموقع تويتر، منذ السبت الماضي، يؤكد فيها دعم إدارته للمعارضة، ويشدد على أن وقت التغيير قد حان.
وبحسب المجلة، فإن ترامب نشر في إحدى تغريداته، مقطع فيديو لخطابه في الجمعية العامة بالأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي، والذي ينتقد فيه السياسات الإيرانية، ويصف حكومتها بغير المحترمة.
وفي ليلة رأس السنة، وباستخدام لغة مشابهة للتي يستعملها في تغريداته حول الشؤون الأمريكية الداخلية، أثنى ترامب على ما يقوم به المعارضون الإيرانيون، وقال إن المواطنين يصبحون أكثر حكمة في نهاية المطاف حول كيفية سرقة واهدار أموالهم وثرواتهم للإرهابيين.
وتجد المجلة أن اهتمام ترامب الكبير بإيران ليس مستغربا، فعلى مدار العام الأول له في الرئاسة أكد في أكثر من مناسبة أن طهران تحتل جزءًا كبيرا من أجندته الخارجية، وأدان سياسة خليفته باراك أوباما تجاه البلاد، ووصفها بـ"المتساهلة"، وندد بالاتفاق النووي الإيراني.
"نتائج عكسية"
وانتهج ترامب سياسة أكثر تشددا نحو إيران، وأصبحت لغته أكثر حدة، فلم يفوت فرصة إلا واتهمها بنشر الفوضى والفساد في المنطقة، إلا أن تغريداته الأخيرة عن الأوضاع في طهران مضللة وسيكون لها نتائج عسكية، بحسب المجلة.
وقالت المجلة إن الإيرانيين لم "يستيقظوا أخيرا"، ولم "يصبحوا أكثر حكمة"، كما يرجح ترامب، ولكن في حقيقة الأمر فإن المجتمع الأيراني أصبح لديه مجتمعا مدنيا نشطا، يحاول اغتنام الفرص للحصول على المزيد من الإصلاحات، وتحقيق التقدم على مدى العقود.
وأوضحت "ذي أتلانتيك" أن الإيرانيين لا يحتجون على سياسة بلادهم الخارجية كما يعتقد ترامب، ولا يمنحون كل هذا الاهتمام لدعم النظام للإرهاب، إلا أن أكثر ما يقلقهم هو أسعار المنتجات والمشكلات الاقتصادية التي يعيشونها، مثل سعر الدجاج والبيض، وارتفاع معدل البطالة، ونقص الخدمات.
"فشل الاتفاق"
أوضحت المجلة أن المعارضة الإيرانية رأت أن نتائج الانتخابات، عام 2009، كانت مزورة، وطالبوا بإعادة فرز الأصوات الانتخابية، وندد آخرون بالنظام والمُرشد الأعلى آية الله خامنئي. وحدثت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، الذين وصفتهم الحكومة بـ"مثيري الشغب" وعملاء الأجانب، وتحول الأمر إلى مشهد هائل، وبدا في ذلك الوقت أن الأوضاع السياسية في إيران تشهد تغيير لا رجعة فيه.
وذكرت "ذي أتلانتيك" أن تحركات عام 2009، والمعروفة باسم "حركة الخضراء الإيرانية"، انتهت بعد عدة أشهر، وغادر بعضهم البلاد، وبعضهم ألقي القبض عليه، وهناك من قُتل، أما أغلبهم فعاد إلى حياته الطبيعية.
أما الآن، تقول المجلة إن إيران تشهد أول عملية احتجاجات واسعة النطاق منذ تلاشي الحركة الخضراء، ومنذ ذلك الحين، نقل الإيرانيون احتجاجاتهم وتحدياتهم إلى صندايق الاقتراع عوضًا عن التظاهر في الشوارع، فأجروا انتخابات رئاسية فاز فيها الإصلاحي حسن روحاني، كما أجروا انتخابات برلمانية، إلا أن هذا لم يحول دون حدوث مشاكل جديدة.
وأشارت المجلة إلى أن الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقعته طهران مع القوى العالمية الست، فشل في تحقيق انتعاش اقتصادي للمواطنين، ما جعل الشعب يشعر مرة أخرى بعدم الاستقرار، وزادت قرارات الحكومة برفع أسعار بعض المواد الغذائية والوقود الأمر سوءً.
"حالة إحباط"
وتقول المجلة إن حالة الاحباط التي سيطرت على الإيرانيين انتقلت إلى الشوارع، وردد المحتجون بعض الشعارات المشابهة للتي قالوها عام 2009، وأوضحت أن رصاص قوات الأمن، والعربات المدرعة التي دفعت بها الحكومة في الشوارع، واللجوء إلى قوات الحرس الثوري الإيراني وغيرها من المليشيات الشيعية لم يعد يخيف المعارضين الذي قالوا عبارات من بينها "الموت للديكتاتور"، ومزقوا صور خامنئي المُعلقة في الشوارع، بحسب مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكما حدث عام 2009، تقول المجلة إن المتظاهرين وقوات الأمن يحاولون استخدام منصات التواصل الاجتماعي لصالحهم، وعلقت الحكومة بعض تطبيقات التواصل مثل تليجرام، الذي استخدمه المعارضون لحشد التظاهرات، وتطبيق انستجرام للصور، بحسب تقارير هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وبعد أيام من وقوع الاحتجاجات، قال روحاني، في اجتماع مع حكومته الأحد الماضي، إن الاحتجاجات لا تتعلق فقط بأسباب اقتصادية، ولكن لها صلة أيضا بالشفافية والفساد، وفي الوقت ذاته ألقى الرئيس الإيراني باللوم على المتشددين الإيرانيين الذين يركزون جهودهم على بناء علاقات مع الغرب، وتنفيذ الاتفاق النووي، عوضًا عن دعم شعبه.
فيديو قد يعجبك: