إعلان

"نيويورك تايمز": عائلة "تميم" انقلب حالهم.. خرجوا من أسفل الرمال إلى الرفاهية

12:05 ص الثلاثاء 23 يناير 2018

كتب- عبد العظيم قنديل:

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن قطر تخوض معركتها من أجل البقاء بعد اعتقاد العائلة الحاكمة أن ثروات الغاز والنفط كافية لاستقلال قرارها.

وتطرقت الصحيفة الأمريكية، في تقرير مطول نشرته، اليوم الاثنين، إلى أمير قطر، تميم بن حمد، موضحة أنه حلم بأن يصبح أفضل لاعب تنس في العالم، على غرار اللاعب الألماني بوريس بيكر، ولذلك استجلب إليه والديه نجم التنس الألماني إلى الدوحة عندما كان في سن المراهقة لإعطائه دروساً في لعبة "النبلاء والأثرياء".

وأشارت الصحيفة، إلى حالة العشق التي تربط أمير دولة قطر والرياضة، ما دفعه لشراء في وقت لاحق نادي باريس سان جيرمان، الذي دفع الصيف الماضي 263 مليون دولار للمهاجم البرازيلي نيمار، فضلًا عن نجاحه في اقتناص بلاده تنظيم كأس العالم 2022 بتكلفة تقدر بـ 200 مليار، خاصة أن الحدث يعتبر تاريخياً في تاريخ الدولة الخليجية.

وفقاً للصحيفة، يواجه "تميم"، البالغ من العمر 37 عاماً، مشكلة لا يمكن للمال وحده أن يحلها، وبعدما قطعت دول خليجية "السعودية، مصر، الإمارات، والبحرين"، في مطلع يونيو الماضي، علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، واتهامها ـ"بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول الداخلية، واستهداف أمن واستقرار المنطقة".

وأشار التقرير إلى نفوق الآلاف من الإبل بسبب العطش، بعد أن طلبت السلطات السعودية نقل القطيع من أراضيها، في يونيو الماضي، وجرى طرد نحو 12 ألف جمل قطري من المملكة، ما تسبب في تدافع على الحدود.

واعتبر التقرير، أن مقاطعة قطر ضربة أولى لحملة واسعة النطاق قام بها ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، الذي وضع الشرق الأوسط برمته في "حالة غير تقليدية"، فهو يركز على كبح الطموحات الإقليمية لخصمه اللدود إيران.

ووضع الأمير السعودي الشاب أُسس السياسية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، حسب التقرير الذي ذكر أن مساعي بن سلمان قد تكون لها عواقب بعيدة المدى، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وتعزيز جهود السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وزيادة فرص الحرب مع إيران، فيما يعد الصراع مع قطر أقل جزء من لعبته الكبرى.

وكان وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية سلطان المريخي، دخل في مشادة كلامية مع رئيس وفد السعودية إلى الجامعة العربية السفير أحمد قطان، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي عُقد في سبتمبر الماضي.

ووفقًا لـ"نيويورك تايمز"، ينتمي القطريون والسعوديون والإماراتيون إلى نفس القبائل البدوية، ويتقاسمون نفس الدين ويأكلون نفس الطعام، لذلك فإن نزاعهم له جذور قبلية، برغم امتلاء خزائنهم بمليارات الدولارات والطائرات الأمريكية.

وفي تصعيد جديد في الأزمة الخليجية المتواصلة منذ أكثر من 7 أشهر، اتهمت أبوظبي مقاتلات قطرية، الاثنين الماضي، بـ"اعتراض" طائرة مدنية إماراتية كانت في طريقها إلى المنامة، واعتبرت أن هذا التطور يهدد سلامة الطيران المدني لكن دون أن تقدم تفاصيل إضافية أو تعرّف الأجواء التي وقع فيها الحادث.

- من تربية الإبل إلى قيادة السيارات الفارهة:

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن القطريين اعتادوا على مدى العقود السابقة، استخراج اللؤلؤ في الصيف ورعي الإبل في فصل الشتاء، مشيرة إلى أن قطر تخلفت كثيرا عن جيرانها السعوديين، الذين كانوا في خضم طفرة نفطية كبيرة، في الوقت الذي كانت عائلة آل ثاني الحاكمة تعاني من انقلابات دورية.

وكان اكتشاف أكبر حقل للغاز في العالم مصدرا لخيبة أمل مريرة. وقال عبد الله بن حمد العطية، وزير الطاقة القطري السابق: "الناس يأملون في النفط"، ولكن بحلول التسعينيات، سمحت التكنولوجيا الجديدة بتسييل الغاز وتصديره في سفن.

وأشار التقرير، إلى سعى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والد الأمير تميم، إلى جذب المستثمرين في اكتشاف حقول الغاز، فسكب 20 مليار دولار إلى مصنع تسييل مترامي الأطراف في رأس لفان، والذي يعمل على تحويل الغاز الطبيعي إلى منتجات بترولية السائلة، بمساعدة شركة إكسون موبيل العملاق للطاقة، ثم ترأس الشركة ريكس تيلرسون، وهو الآن وزير الخارجية الأمريكي.

وكان الرهان مثمرًا للغاية بالنسبة للشيخ حمد بن خليفة، لاستحواذ قطر على 30 في المئة من إنتاج السوق العالمية في الغاز الطبيعي، وقال التقرير، إنها كانت نقطة فارقة في اقتصاد الدولة الخليجية الصغيرة، والتي أصبح متوسط دخل سكانها الأعلى في العالم، حتى تجاوز ضعف دخل مواطني الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية.

وفي تطور درامي، تحول أفراد الأسرة الحاكمة القطرية من العيش بين الكثبان الرملية والمسطحات المائية إلى الالتزام بمظاهر الرفاهية ومشاركتهم في المهرجانات الدولية، علاوة على دخولهم إلى عالم الثقافة والفن عبر شراء لوحات فنية بملايين الدولارات وتأسيس قناة "الجزيرة" الفضائية، التي لعبت دورًا هامًا في إثارة الشعوب العربية عام 2011، وفق الصحيفة.

- خلاف الأمراء:

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن ثراء قطر الفاحش شكل عقبة أمام تنسيق جهود جيرانها السياسية، حيث اتبعت أسرة آل ثاني سياسات متناقضة مثل دعوتها إلى فضائل الإسلام والتعليم وحقوق المرأة جنبًا إلى جنب مع تمويل المتطرفين الإسلاميين في سوريا واستضافة أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وحسب التقرير، يقود الأمير محمد بن سلمان حملة تهدف الى إصلاح وتنشيط المجتمع السعودي، بما في ذلك المقترحات الغريبة مثل مدينة "نيوم" المطلة على شواطئ البحر الأحمر.

وشبهت الصحيفة الخلاف بين ابن سلمان، وآل نهيان في الإمارات من جانب، وتميم من جانب آخر بـ"الحكايات الفلكلورية مثل مطاردة الصحراء ومؤامرة القصر"، وقد أطلق علي ذلك النزاع اسم "صراع العروش"، إذ أشار التقرير إلى أن الأزمة الراهنة تمثل لحظة عميقة من الحساب بالنسبة لدول بريقها ساطع في منطقة الخليج.

- تداعيات المقاطعة:

وبعد 7 أشهر من اندلاع الأزمة، لم تتغير الحياة اليومية في الدوحة إلى حد كبير. وتدفق النبيذ الغالي في فنادق الخمس نجوم، ومن المقرر أن يصبح المتحف الوطني المذهل، على شكل سلسلة من الأقراص المتقاطعة العملاقة، أحدث أعجوبة معمارية في المدينة، في الوقت الذي يذهب الشباب القطريون إلى "اجتياز الكثبان الرملية"، وهم يركبون سيارات الدفع الرباعي بسرعة عالية. ويقول البنك المركزي القطري إن لديه مبلغ 340 مليار دولار للمساعدة في مواجهة الأزمة، حسبما أفادت الصحيفة الأمريكية.

ولفت التقرير إلى أن القيود التجارية التي فرضتها المقاطعة على قطر أجبرت الدوحة على إقامة علاقة أعمق مع إيران، في حين أصبح تميم هدفا لطائفة شخصية حادة، حيث تزين صورة الأمير اللوحات الإعلانية التي تعلو ناطحات السحاب، إذ تظهر معالم الإشادة بقيادته القوية للبلاد.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان