حلفاء وإرهابيون: معركة عفرين ومصالح تتضارب بين تركيا وأمريكا والأكراد
كتب – محمد الصباغ:
يريدون القضاء على الحدود وتأسيس مجتمعًا لا يخضع لدولة. عانت سيداتهن وماتت كثيرات منهن بجوار الرجال في أراضي القتال ضد داعش. وجذبت صورتهم اليسارية والمعارضة للإسلاميين، المتطوعين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
تعتبر أمريكا المقاتلين الأكراد الذين يحاربون ضد تنظيم داعش الإرهابي، أكثر شريك يمكن الاعتماد عليه في المنطقة، بينما تراهم تركيا، حليفة الناتو والاتحاد الأوروبي، إرهابيين.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها نُشر اليوم الجمعة، أن وحدات حماية الشعب الكردية، تواجه الآن معركة متصاعدة بدأتها القوات التركية في شمالي غرب سوريا. وأشارت إلى أن هذا الأمر يعقد السياسة الأمريكية.
ترتبط المجموعة بعلاقات عميقة مع حزب العمال الكردستاني، المعروف باسم "بي كي كي"، والذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية تسعى للانفصال.
وفي الوقت الذي يقلل قادة وحدات حماية الشعب من حجم علاقاتهم بحزب العمال، إلا أن المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها مليئة بصور قائد حزب العمال المسجون، عبد الله اوجلان، والذي ينظر إليه الأتراك كما تنظر الولايات المتحدة إلى أسامة بن لادن.
وأضافت نيويورك تايمز في تقريرها أن الأمر الواضح هنا هو أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على المقاتلين الأكراد في المعركة ضد داعش في شمالي غرب سوريا، طالما قللت من حجم تعقيدات تحالفها مع الأكراد.
ويقول نوح بونسي، المحلل السوري في مجموعة الأزمة الدولية، إن الولايات المتحدة "بشكل واضح اختارت أهمية بناء تحالف سريع للسيطرة على الأراضي من داعش". وأضاف: "يبدو أن أمريكا تمتلك أسبابا لتستمر في دعمها وحدات حماية الشعب الكردية، لكن القيام بذلك مع استمرار حزب العمال الكردستاني التمرد ضد حليفها بالناتو، هو موقف لا يحتمل".
وباتت الولايات المتحدة في وضع تصادمي مع تركيا بسبب دعم واشنطن لقوات حماية الشعب الكردية بالأسلحة والتدريب والغطاء الجوي أيضًا.
وبدأت تركيا قبل أسبوع عملية عسكرية ضد الأكراد في عفرين شمالي غرب سوريا، وتهدد بتمديدها إلى الشرق وتحديدا إلى مناطق تدعم فيها الولايات المتحدة القوات الكردية بشكل مباشر.
على أمريكا أن تفكر في التفريق بين الأكراد الذين تدعمهم وبين المتواجدين في عفرين، بحسب تقرير نيويورك تايمز.
وقال نواف خليل، المحلل السياسي الكردي في ألمانيا والمتحدث السابق باسم حزب مرتبط بوحدات حماية الشعب: "ليسول أطراقا مختلفة على الإطلاق، ولا منقسمين بأي شكل، لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا عسكريا. بالنسبة لنا، كلها كردستان والآن ندافع عن عفرين بكل ما نملك".
وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بتجنب أي تصعيد للموقف قد ينجم عنه اشتباك بين القوات التركية والأمريكية.
بينما صرح قادة بقوات حماية الشعب الكردية بأنهم ترعرعوا في هذه المنطقة ودافعوا عن المدنيين في الأيام الأولى من الحرب السورية ضد اعتداءات داعش.
وبسبب دورها في ذلك بجانب الدعم الأمريكي، تحولت المجموعة إلى القوة السياسية والعسكرية المهيمنة في شمالي شرق سوريا.
وبعدما كانت أقلية مهمشة، بات الأكراد الآن يديرون مناطق حيث يعلمون اللغة الكردية فيها ومسئولون عن شئون الإدارة فيها. بينما اتهمهم البعض بتهجير العرب من هذه المناطق.
طالما تعهدت الولايات المتحدة بتقليل العلاقات بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال، لكت تركيا غضبت بشدة لأن واشنطن تقدم الدعم العسكري لمجموعة تحمل أيدلوجية عبدالله أوجلان، السجين الوحيد على جزيرة في بحر مرمرة.
كشف كثير من قادة وحدات حماية الشعب الكردية عن تاريخهم مع حزب العمال الكردستاني، والأكراد الذين انضموا للحركة بعدما وصلوا إلى سوريا من العراق وإيران وتركيا.
وقال نوح بونسي، إن هناك أمل بين الأمريكيين بأنه يمكن إبعاد وحدات حماية الشعب عن حزب العمال. لكن مثل هذا المنظور يبدو غير محتمل، وخصوصا مع شعور من جانب الأكراد بأنهم لا يجدون دعمًا قويًا من الولايات المتحدة، والتي بعثت برسائل مشوشة حول مدى دعمهم ضد العملية التركية.
حينما بدأ تنظيم داعش الاستيلاء على الأراضي في شمالي شرق سوريا، كانت أول هزيمة له على حدود مدينة كوباني الكردية. وقاتلت هناك وحدات حماية الشعب بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد ذلك ارتفعت الانتقادات التركية، حيث بدأت الولايات المتحدة بدأت تطلق على شريكها قوات سوريا الديمقراطية. كما ضمت بجوار وحدات حماية الشعب في هذا التحالف الجديد عناصر عربية ومن مجموعات عرقية أخرى.
ظلت وحدات حماية الشعب هي المهيمنة على قوات سوريا الديمقراطية، وكان لها حلفاء محليين أيضًا. أسسوا مجالس محلية مع ممثلين عن مجموعات عرقية مختلفة، على رأس كل منها رجل وامرأة. ومع حملهم اسم وحدات حماية الشعب، بدأ المحليين في التفاعل والتواصل معهم وبأشكال مختلفة وبارزة.
وقال محللون بتقرير نيويورك تايمز، إن الولايات المتحدة لم تنفذ وعودها بشكل متكرر مع تركيا بشأن التحالف. وكانت واشنطن صرحت بأن قوت سوريا الديمقراطية لن تعبر نهر الفرات، لكنها فعلت. ثم قالت الولايات المتحدة إنها ستنسحب، ولم يحدث أيضًا ذلك.
وصرح مسئولون أمريكيون للأكراد بأنهم لن يقاتلوا تركيا نيابة عنهم. ومع التركيز على محاربة داعش، ربما يتراجع الدعم المقدم للوحدات الكردية أيضًا.
فيديو قد يعجبك: