لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"هاآرتس": بوتين في مهمة اختيارية صعبة "إما إسرائيل أو إيران"

11:25 م الإثنين 19 فبراير 2018

الرئيس الروسي بوتين

كتب- هشام عبد الخالق:

نشر الكاتب البريطاني آنشيل فيفير، مقالاً في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الإثنين، حول الوضع في سوريا، والمُعضلة التي تواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفق الكاتب، فإن بوتين اعتقد أنه يستطيع النجاح في الوقت الذي فشلت فيه الإدارة الأمريكية تحت رئاسة الرئيس السابق باراك أوباما، في تهدئة الأوضاع السورية، وإنقاذ نظام حليفه بشار الأسد، وتحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة لإيران وإسرائيل في الدولة التي مزقتها الحرب، واستطاع تحقيق كل ذلك عن طريق نشر طائرات وما يقرب من 2000 عسكري، في وقت كانت الولايات المتحدة ستنشر 10 أضعاف ما نشرته روسيا لتحقيق أهدافها.

وأضاف الكاتب البريطاني، أن روسيا استطاعت تحقيق ما أرادت - تقريبًا - بسبب الدعم الذي تتلقاه من إيران، حيث نُشر عشرات الآلاف من الكتائب الشيعية، أغلبهم لاجئين من أفغانستان، كبديل لقوات الأسد التي أنهكها القتال، وجاء مقاتلو حزب الله من لبنان لتنفيذ المهمات الأكثر صعوبة، ونفذت روسيا مهماتها عن طريق قوة المقاتلين الخاصة.

وحسب المقال، كان التدخل الروسي في سوريا أشبه باستثمار صغير نسبياً مع عدد قليل من الضحايا، وليس - كما توقع البعض قبل عامين - أن يكون احتلال للمنطقة مثلما فعل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في فترة الثمانينيات.

وأشار الكاتب إلى أن بوتين استطاع وضع روسيا على الخريطة العالمية مرة أخرى كقوة مؤثرة بعد تدخلها في سوريا، في الوقت الذي رفض فيه أوباما أي قرار بالتدخل، ولم يكتفِ بذلك بل أجرى زيارة مفاجئة إلى دمشق في ديسمبر الماضي، ليعلن انتهاء المهمة، ولكن يجب على بوتين أن يتعلم من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش "ألا يقول ذلك"، لأن ما يحدث الآن يوحي بأن كل شيء ينهار بالنسبة للروس.

في مؤتمر سوتشي الشهر الماضي، فشلت محاولات الاتفاق على عملية سياسية لمستقبل سوريا في ظل الأسد، مع تمثيلية الانتخابات المعتادة، قبل حتى وصول مندوبي الأطراف المشاركة، في الوقت الذي شنّت فيه تركيا عملية كبيرة على شمال غرب سوريا، في محاولة لمنع قوات الأكراد من تأسيس وحدة عسكرية على حدودها، وتشتبك قوات تركيا مع الإيرانيين، ومع النظام السوري أيضًا بداية من يوم الإثنين الماضي.

ما يقلق روسيا أكثر، وفق المقال، هو أن شرق الدولة الذي تسيطر عليه القوات الكردية تتحكم الآن أيضًا في المناطق التي كانت خاضعة لتنظيم داعش من قبل، وتُعد قوات سوريا الديمقراطية الآن هي الفصيل الوحيد الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة.

وشهد الأسبوع الماضي، أول تصادم رسمي بين إسرائيل وإيران.

ويقول الكاتب، إن الجبهة التركية لا تمثل أهمية حقيقية بالنسبة لبوتين، لأنها لا تهدد مصالح روسيا بشكل مباشر، ولكن الاشتباكات في الشمال الشرقي مشكلة كبرى، لأنها تُرسل التوابيت إلى روسيا مُحملة بجثامين المقاتلين، وهو آخر شيء يريده بوتين قبل الانتخابات في منتصف مارس.

الصراع الإسرائيلي الإيراني لن يُعرض - في الوقت الحالي على الأقل - الأفراد الروسيين للخطر، وفق الكاتب، لكنها تمثل خطرًا على النظام السوري نفسه، فدمشق قريبة من الحدود الإسرائيلية، ويحاول الأسد - بتشجيع من إيران - إظهار نفسه عن طريق إطلاق الصواريخ الدفاعية على الطائرات الإسرائيلية.

ويتابع الكاتب: "على مدار العامين الماضيين كانت الصفقة بين إسرائيل وروسيا بسيطة، تسمح تل أبيب لموسكو بمساعدة الأسد ونظامه - عن طريق قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وقتل آلاف المدنيين - على استرداد أماكن سيطرته، في الوقت الذي تغض فيه موسكو العين عن هجمات إسرائيل الدورية على القوافل ومستودعات الأسلحة التي تزودها إيران والمتجهة إلى حزب الله، وساعدت روسيا طهران في إنعاش النظام، في الوقت الذي لا تتدخل فيه عندما تضرب إسرائيل ممثلي إيران في المنطقة".

ويضيف: "عندما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من روسيا، منع القوات الإيرانية من إنشاء قواعد دائمة لها على الأراضي السورية، حاول بوتين التوصل إلى حل وسط، حيث استمرت إيران في ترسيخ قواعدها التابعة للشيعة، ولكن في نفس الوقت لم تقترب من الحدود الإسرائيلية أو تبدأ في بناء قواعد كبيرة".

ولكن - حسب الكاتب - فإن تلك الصفقة لا يمكن أن تستمر، إذ أن قرار الحرس الثوري الإيراني بإرسال طائرة استطلاع بدون طيار إلى الفضاء الجوي الإسرائيلي في العاشر من فبراير الماضي، وما تبعه من الانتقام الإسرائيلي ضد وحدة التحكم الإيرانية التي أطلقت الطائرة، والمعركة الجوية التي تلت ذلك بين المقاتلات الجوية الإسرائيلية والدفاعات السورية، كان كل ذلك دليلًا على أن روسيا لا تستطيع الحفاظ على مصالح جميع الدول المتناحرة داخل سوريا.

ولكن، مثل التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث حاول الكرملين تقويض العملية الديمقراطية الأمريكية فقط، ولم يعتقد أبدًا أنه قادر على جعل ترامب يفوز بالرئاسة، وما كان من المفترض أن يكون مجرد تدريب على صنع المشاكل، أصبح الآن - على الرغم من معارضة ترامب - مواجهة كبرى مع المخابرات الأمريكية، حسب المقال.

ويوضح الكاتب البريطاني، أن التعامل السياسي مع الشرق الأوسط متعدد المسارات، والانخراط في وقت واحد مع جميع الدول الإقليمية، يتطلبان وقتًا كبيرًا، وموارد كثيرة، والأهم من ذلك الخبرة، واستطاعت الولايات المتحدة مؤخرًا امتلاك مجموعة من الدبلوماسيين المحنكين، ضباط عسكريين واستخباريين، وذلك لضمان السيطرة على عملية معقدة مثل هذه.

وفي ظل إدارة ترامب، غادر كثير من هؤلاء الخبراء وظائفهم، ولا يتعامل البيت الأبيض جيدًا مع الباقين، ولكن غياب التواجد الأمريكي في المنطقة، لا يعني أن تأتي دولة ما لتقوم بدورها، وهذا لا يعني أن روسيا لا تستطيع جمع مثل تلك الشبكة في المنطقة، ولكن طريقة بوتين في إتمام الأمور تختلف عن ترامب، حيث أنه يحب أن يوافق على جميع القرارات قبل تنفيذها، وهذا لا يساعد روسيا في التعامل مع الأحداث المتطورة على أرض الواقع، ولكنها ميزة لنتنياهو، الذي أصبح أفضل المتواجدين على الساحة حاليًا وتربطه علاقات شخصية قوية مع بوتين.

ويقول الكاتب: "هناك طريقتان للتعامل مع الوضع داخل المخابرات الإسرائيلية، حيث يعتقد المتشككون أن بوتين لن يتخلى بسهولة عن القوات الشيعية المتواجدة على الأرض حاليًا، وسوف يحدد في النهاية التواجد الإسرائيلي للقيام بعمليات في السماء السورية، مما يدفع إسرائيل لاتخاذ قرار صعب بين الابتعاد في الوقت الذي تبني فيه إيران وحزب الله قواعدهما، أو مواجهة روسيا أيضًا. فيما يعتقد المتفائلون أن بوتين يعرف أن إسرائيل لديها القدرة على تعريض إنجازاتها للخطر وتهديد نظام الأسد، ولذلك ستقوم بكبح جماح الإيرانيين".

ويتابع: "عمل فريق نتنياهو مع الرئيس الروسي لعدة سنوات، ويتحدث الرئيسان مع بعضهما البعض باستمرار ويلتقيان كل عدة أشهر، فهل يهدد نتنياهو علنًا بزعزعة استقرار نظام الأسد؟ بالطبع لا، فالتهديد الضمني كان كافيًا".

واختتم الكاتب تحليله قائلًا: "سيكون على بوتين أن يختار أي الجانبين سينال دعمه قريبًا، إيران أو إسرائيل، أو يخاطر بخسارة كل شيء بناه في سوريا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان