إعلان

كيف يعيش مقاتلو صنعاء؟.. روايات من داخل المدينة المنكوبة (صور)

08:08 م الأحد 04 فبراير 2018

كتب - هشام عبدالخالق:

نشرت وكالة "أسوشيتدبرس" تحقيقًا لكبير مراسليها في الخليج العربي جون جامبريل، يحكي فيه عن تجربته من داخل صنعاء اليمنية، ويصف حال مقاتلي الحكومة المعترف بها دوليًا في أفقر الدول العربية، والحرب الأهلية التي يخوضونها الآن.

ويقول جامبريل في البداية، إذا شاءت الأقدار واستطعت دخول العاصمة اليمنية صنعاء، التي تسيطر عليها المعارضة، سيكون من السهل عليك أن تعرف كيف أثرت الحرب الأهلية على أفقر الدول العربية داخليًا وخارجيًا.

ويصف الجنود والميليشيا التابعة لهم، الذين يتجه ولاؤهم للحكومة المعترف بها دوليًا، الوضع في اليمن من خلال أماكنهم في الجبال الشاهقة، قابعين تحت وابل من النيران من المتمردين الشيعيين، المعروفين أيضًا باسم الحوثيين، ويجعل هذا من الصعب للغاية على القوات الحكومية أن تتقدم فيما بعد مطار صنعاء الدولي على الرغم من مساعدة التحالف الدولي بقيادة المملكة العربية السعودية لهم.

وتابع جامبريل، الحرب الأهلية في اليمن، المشتعلة منذ ثلاث سنوات، والتي يحارب فيها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد المتمردين، قتلت أكثر من 10 آلاف شخص حتى الآن، وشرّدت أكثر من مليونين آخرين، وساعدت على تفشي وباء الكوليرا.

ويقول الجنرال اليمني ناصر علي الدايباني، بعد أن سمح لمراسلي وكالة أسوشيتدبرس بالتواجد في الخطوط الأمامية للحرب بدعوة من التحالف العربي بقيادة السعودية: "في المناطق الجبلية مثل التي نعيش فيها، يكون الأمر صعبًا دائمًا، وقد عانى الجنود الأمريكيون من ذلك أثناء حربهم في أفغانستان، ولكن لن يمثل هذا صعوبة بالنسبة لنا؛ لأن جنودنا وأولادنا دُربوا في جبال مثل هذه، وهم من أبناء هذه المناطق الجبلية".

ويضيف الكاتب، تبدو تلك المقارنة مع أفغانستان والتي تحارب فيها الولايات المتحدة منذ 16 عامًا الآن، ملائمة للوضع، حيث شهدت اليمن عقودًا من الصراعات، كان أولها في 1960، والتي أنهت الملكية في شمال اليمن، ثم جاء الصراع بين الماركسيين في جنوب اليمن والشمال بعد ذلك، وتوحدت اليمن في 1990، ولكن استمر الاستياء من الوضع تحت حكم الرئيس الفاسد علي عبد الله صالح.

أجبرت مظاهرات الربيع العربي في 2011 صالح على الاستقالة، ولكنه ظل مستحوذًا على السلطة من خلف الأضواء، وحافظ على ولاء الجيش والقوات المسلحة، وفي 2014، كوّن تحالفًا مع الحوثيين - الذين حاربهم في الماضي - وساعدهم في السيطرة على العاصمة اليمنية، صنعاء.

تدخلت الولايات المتحدة في الصراع العام التالي، على رأس التحالف العربي المدعوم بشكل كبير من الإمارات، ساعين إلى أن تستعيد الحكومة المعترف بها دوليًا السلطة، والتي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي يقيم حاليًا في السعودية، ويقتصر حكمه - إلى حد كبير - على مدينة عدن الساحلية الجنوبية.

وترى الرياض الحوثيين على أنهم عملاء لإيران، وتقول كلًا من السعودية والولايات المتحدة إن طهران وفرت صواريخ باليستية طويلة المدى للمتمردين الحوثيين ليطلقوها باتجاه السعودية، وبينما تدعم

طهران الحوثيين فعلًا، أنكرت بشكل تام أنها تُسلحهم.

ويقول جامبريل، شن التحالف بقيادة السعودية حملة جوية شرسة ضد اليمن، مستهدفًا الأسواق التجارية، المؤسسات الطبية، والأهداف المدنية بشكل مستمر، ونسبت الأمم المتحدة أكثر من نصف الأطفال الضحايا في الصراع إلى طائرات التحالف، واصفة الأزمة في اليمن بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وبينما تستمر الحرب اليمنية، أصبحت أكثر تشوشًا في الأيام الأخيرة، بعد الصراعات الداخلية في كلا الطرفين، وبعد انشقاق صالح عن الحوثيين العام الماضي وتحوله إلى الطرف الآخر، تم اغتياله على أيدي المتمردين، وفي الأيام الأخيرة اندلعت صراعات بين الانفصاليين الجنوبيين مع قوات الرئيس هادي في اليمن، في الوقت الذي استغلت فيه القاعدة تلك الفوضى لتجمع شتات نفسها مرة أخرى.

وقال بيتر ساليسبري، خبير بمعهد تشاتام للعلاقات الدولية، "أصبحت اليمن الآن دولة فوضوية بمختلف معاني الكلمة، ومكان انهارت فيه الحكومة المركزية أو فقدت الكثير من سلطتها على مناطقها، وعلى الرغم من أن اليمن تبدو خارجيًا دولة ليس بها شيء سوى الفوضى، إلا أن من ينظر إليها داخليًا يجد أنها تحتوي على سياساتها واقتصادها ومنطقها الخاص".

ويضيف جامبريل، كل هذا من الممكن أن تراه في مأرب، إحدى المحافظات اليمنية على حدود السعودية، والواقعة في شمال شرق البلاد تحت سيطرة الحوثيين، حيث يُعلق كل رجل تقريبًا وعدد كبير من الصبية بنادق الكلاشينكوف على أكتافهم، جاعلين من الصعب على الناظر للمرة الأولى أن يحدد الفرق بين المدنيين والمقاتلين.

تدعم السعودية حاكم محافظة مأرب، سلطان العرادة، الذي يسيطر على المدينة بمساعدة الميليشيات القبلية ومقاتلي حزب الإصلاح، وهو الحزب السُني الرئيسي في اليمن والذي تربطه علاقات مع الإخوان المسلمين، ولذلك تأخذ الإمارات حذرها منه.

ويتابع جامبريل، أُخذ مراسلو الوكالة إلى قمة جبلية تبعد 48 كيلومترًا عن مطار صنعاء الدولي، ولم تتغير الخطوط الأمامية بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، على الرغم من أن قوات التحالف الذي تقوده السعودية استعادت بعض القمم الجبلية مرة أخرى.

ويشير الجنود اليمنيون والميليشيا إلى الجبال والكهوف التي نحتها واستخدمها المتمردون قبل أن يستعيدوا السيطرة منذ شهرين، قائلين إنهم استعادوا السيطرة على هذه المنطقة بعد خسارة كبيرة من الأسلحة والذخائر والألغام التي اُستخدمت ضدهم، وتجد على الجبل طلقات مدافع الهاون وأغلفة الرصاصات المستخدمة، بالإضافة إلى جثث الحوثيين الذين قُتلوا متعفنة في المكان.

ويختتم المراسل تحقيقه بقوله: "قال الجنود إن الجنرال الدايباني، أخبرهم أن السلطات لديها خطة للضغط على صنعاء، في الوقت الذي ستسمح فيه للمدنيين بالخروج من العاصمة آمنين".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان