لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إيكونومست: في مالي.. الأمم المتحدة غير قادرة على إنهاء العنف

08:48 م الإثنين 05 فبراير 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

"أكواخ مصنوعة من القماش المشمع.. تجار يبيعون بضاعتهم بوجوه قاسية.. علب من السجائر الجزائرية مُلقاة بجانب كراتين زيت الطعام القادم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والتي يتم بيعها على الرغم من أنها ليست مخصصة للبيع.. لم يتغير شيء في مدينة تمبكتو المالية".

كانت هذه المقدمة التي كتبتها مجلة "إيكونومست" البريطانية، لتحكي الوضع في دولة مالي الواقعة في أفريقيا، وذلك في تقرير جديد لها اليوم الاثنين، تقول فيه: "الوضع في مالي ليس جيدًا على الإطلاق، حيث تتجول مجموعة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بين المُتسوقين في السوق الأسبوعية سائلة ماذا حدث".

يجيب أحد العجائز سؤال قوات حفظ السلام: "قبل أيام دخلت مجموعة مُسلحة إلى القرية وأشهروا أسلحتهم- لم يكونوا من الجيش المالي - ونحن نعيش في خوف دائم هنا، فإذا استطاع هؤلاء الرجال أن يأتوا ويذهبوا في الوقت الذي يريدونه، فلا يوجد أي أمن"، وعند سؤاله عن قوات الأمن المالية، يقول: "لا يأتون هنا أبدًا".

وتقول المجلة، خلال العقد الماضي، أصبحت مالي تمثل إحدى أكبر المشاكل الأمنية في أفريقيا، وبعد أن كان يشيد بها العالم لديمقراطيتها، اندلعت أعمال العنف منذ 2012 عندما قاد الطوارق - الذين تربطهم صلة بتنظيم القاعدة - تمردًا في شمال البلاد، على حدود الصحراء الكبرى في أفريقيا.

وتتابع، قديمًا كان السياح يفدون إلى مدينة تمبكتو بكثرة، راغبين في ركوب الجمال وسط الصحراء، ولكن الآن أغلب الأجانب يعملون في المطارات مُرتديين أزياء عسكرية.

ازدادت الفجوة العرقية والقبلية بعد استقلال البلاد عام 1960، حيث لم يكن مُحببًا لدى كثير من الأقليات العربية والطوارق أن يحكمهم الأفريقيون السود في الجنوب، واندلعت تمردات كثيرة في 1963 و1990، ولكن التمرد الأخير في 2012 - والذي جاء بعد أن دبّر الجنود انقلابًا في العاصمة باماكو - كان نقطة تحول، وكان المتمردون - الذين تطوروا من حركة قومية علمانية إلى تمردٍ إسلامي - جاهزين للاتجاه نحو العاصمة، مما دفع فرنسا إلى إرسال قواتها، ونجحت في إبعاد المتمردين عن أغلب المدن ولكن لم تقضِ عليهم تمامًا.

وأضافت المجلة، وقّعت الأطراف المتقاتلة معاهدة سلام في 2015، ولكن ازداد العنف منذ تلك الفترة، ووقع ما لا يقل عن 4 هجمات في الفترة ما بين 25 يناير و28 يناير، مما تسبب في مقتل عدد كبير من الأشخاص، وأحصت الأمم المتحدة العام الماضي 220 هجومًا على عملياتها، وهذا الرقم أكثر من مجموع الهجمات في 2015 و2016، ومهمة قوات حفظ السلام - التي تم تأسيسها في 2013، والمعروفة باسم MINUSMA أو بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي - هي أكثر مهمات قوات حفظ السلام عرضة للخطر، فقوتها المكونة من 11 ألف شخص قُتل منها 150 شخصًا، وانتشر عدم الاستقرار في مالي من الشمال إلى وسط البلاد.

ولا تمثل الصحراء الكبيرة في البلاد أرضًا خصبة للجهادية فقط، ولكنها أيضًا طريق تجاري يتم استخدامها في نقل المخدرات والمهاجرين إلى أوروبا، وقد يفسر هذا سبب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مالي مرتين، ففرنسا لديها ما يقرب من 3000 جنديّ يقاتلون الإرهابيين في الساحل الأفريقي أغلبهم من مالي، والولايات المتحدة لديها قوة هناك أيضًا وكذلك الاتحاد الأوروبي.

وفي قرية كانو، التي تبعد 60 كيلومترًا عن تمبكتو، تظهر الأمم المتحدة إلى أي مدى وصل برنامج "نزع السلاح، التسريح، وإعادة التأهيل" الخاص بها، ولكن على الرغم من انتهاء القتال بشكل كبير، إلا أن المقاتلين يحتفظون بأسلحتهم ويعيشون في القرية، ويقول قائد الشرطة محمد سيسيه، المشكلة الأكبر أنه لم يُرى أي مسؤول ماليّ منذ عقدٍ كامل، ويرى أندرو ليبوفيتش، محلل سياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الحكومة لا تهتم كثيرًا بتطبيق اتفاقية السلام.

وتقول المجلة، في الوقت الذي تبقى فيه الدولة غير فعّالة، تجد الدول الغربية نفسها أمام مفترق طرق، فطبقًا لتقرير من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير ربحية مقرها بروكسل، فإن جنود مجموعة الساحل يقضون وقتًا كثيرًا في التدرب أكثر مما يقضونه في المهمات التي يقومون بها.

وتتابع، بدون تغيير جذري، من الواضح أن مشاكل مالي سوف تصبح أسوأ، فنصف عدد السكان تحت سن السادسة عشر، وكل امرأة مالية لديها ما يقرب من ستة أطفال، وطبقًا لمنظمة اليونيسيف، فإن ما يقرب من ثلث عدد السكان فقط يستطيع القراءة، وهو معدل سيء للغاية من غير المتوقع أن يتحسن قريبًا، وبالنظر إلى الأوضاع في مالي، من إغلاق المدارس بسبب القتال، وعدم حصول المراهقين على فرصة في التعليم أو التوظيف، نجد أنهم من السهل تجنيدهم في الجماعات الجهادية.

ويقول محمد عطا البالغ من العمر 52 عامًا، في ختام التقرير: "منذ عشرة أعوام، في تمبكتو، كنت أقود السياح عبر الصحراء مستخدمًا الجمال، وكان هذا يدر مالًا وفيرًا عليّ، ولكنني الآن لا أستطيع حتى تغذية جمالي، وكل هذا بسبب الدولة، فلا أحد يلاحظنا، وتظل الحرب دائرة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان