لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وول ستريت جورنال: كيف استطاع رئيس شاب امتلاك العالم؟

11:32 م الإثنين 05 فبراير 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

قال الكاتب والمعلق السياسي سيمون نيكسون، في تقريرٍ له بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، يبدو في الوقت الحالي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يملك زمام العالم بين يديه، فهو رجل اللحظة واستطاع في ثمان أشهر فقط منذ أن تولى الرئاسة، في تغيير مسارات دولته بشكل كامل، وأشعل السياسات الأوروبية.

ويتابع نيكسون - الذي يعمل كبير صحفيي أوروبا لصحيفة وول ستريت جورنال - نما الاقتصاد الفرنسي بنسبة 1.9% في 2017، وهي أعلى نسبة سنوية منذ 2011، في حين بلغت ثقة رجال الأعمال في ديسمبر، أعلى مستوياتها في 10 سنوات.

ويضيف، ماكرون، البالغ من العمر 40 عامًا، استطاع أن يزيد من نجوميته حول العالم، عندما جذب بعض قادة ومديري الشركات العالمية إلى مؤتمر اقتصادي عالمي قبيل قمة دافوس، وذلك في مدينة فرساي، والتي كانت موطنًا للملوك الفرنسيين.

يشعر القادة الأوروبيون - الذين كانوا يتباكون حول ضعف فرنسا فيما بينهم - بالقلق من التصاعد السريع والمضطرد لطموح ماكرون، ففرنسا عادت بقوة إلى حلبة الصراع.

ويقول الكاتب، إذا كان ماكرون تخطى التوقعات، فهناك بعض العلامات التي تدل على أن التحديات القادمة ستكون أصعب من مثيلتها السابقة، فبينما كان معدل النمو العام الماضي أعلى من مثيله في السنوات الأخيرة، وأكبر من توقعات بداية العام، إلا أنه لم يتخط أيًا من إيطاليا أو المملكة المتحدة التي تعيش وسط أزمة سياسية ضخمة حاليًا.

ومن المثير للقلق، أن عدد الوظائف الشاغرة يزيد، ويحذر أصحاب الأعمال من أنهم قد لا يستطيعون زيادة الإنتاج بسبب نقص العمال، على الرغم من أن نسبة البطالة ما زالت 9.8%، وهذا يزيد من مخاوف وجود نقص في العمالة الاحتياطية أكبر من المتوقع. وكانت التقديرات تشير إلى أن معدل البطالة الطبيعي - وهي النقطة التي تبدأ فيها الضغوط التضخمية في البناء - كان عند 7%، ويخشى مصرف فرنسا من أن تكون النسبة الآن أكثر من 8%.

في الوقت الحالي، خرجت فرنسا من الأزمة المالية العالمية بديون كبيرة، فالدين الحكومي بلغ 96.5% من الإنتاج المحلي، بارتفاع عن عام 2007 الذي كان يبلغ فيه 64.3%، وقد استدانت معظم الدول بشكل كبير خلال الأزمة، ولكن فرنسا واجهت حالات أكثر اعتدالًا من الركود في أزمة 2008-2009 أكثر من باقي الدول الأوروبية، واستطاعت أن تتجنب ركودًا مزدوجًا في 2011-2012، وعلى الرغم من هذا فإن الدين ما زال يرتفع.

والأكثر من ذلك، إن الاقتراض العام في معظم البلدان يعوض تخفيض قيمة القطاع الخاص، ولكن في فرنسا، ارتفعت ديون القطاع الخاص بشكل جنوني، حيث ارتفع الاقتراض من الشركات بنسبة 25٪ إلى 169٪ من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2007، كما يقول جيلس مويك، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك أمريكا ميريل لينش، وهذا يترك فرنسا معرضة للصدمات، سواء عن طريق ارتفاع أسعار الفائدة أو تراجع دورة الأعمال.

وبالطبع، فإن ماكرون على دراية بكل تلك المخاطر، حيث قام بإصلاحات في سوق العمل، التي كانت قد تخلت عنها الحكومات الفرنسية السابقة، وأصلح الضرائب على المكاسب الرأسمالية، مع الأخذ بمعدل ثابت قدره 30٪، بدلًا من المعدلات الهامشية التي يمكن أن ترتفع تصل إلى 55٪، ووعد بتخفيض ضرائب الشركات من 33٪ - الأعلى في منطقة اليورو - إلى 26% بحلول عام 2022.

ويقول الكاتب، يشرع ماكرون في إجراء إصلاحات رئيسية للتعليم العالي والتدريب المهني، والتي مع مرور الوقت ينبغي أن تساعد على معالجة النقص في المهارات وخفض المعدل الطبيعي للبطالة، ومن المتوقع أن يتم تنفيذ مجموعة جديدة من التدابير للحد من الأعباء التنظيمية على الأعمال التجارية - وهي إصلاحات حاول ماكرون أن ينفذها عندما كان وزيرًا في الحكومة السابقة - في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

ويتابع الكاتب، ومع ذلك، فإن عدم إحراز تقدم في تخفيض الديون، يترك فرنسا ضعيفة على مستويين، فأولًا يترك الدولة بدون قدرة مالية كافية لمواجهة الأزمات المستقبلية، ويبدو أن الحكومة نجحت في جعل العجز في الميزانية أقل من الحد الأدنى لمنطقة اليورو البالغ 3٪ في عام 2017 لأول مرة منذ عشر سنوات - وذلك بمساعدة ضريبة الطوارئ البالغة 10 مليار يورو، وبأثر رجعي على الأعمال التجارية - ولكن باريس تعتزم الوصول لأقصى الحدود المسموح بها بموجب قواعد منطقة اليورو، لتجنب المزيد من خفض العجز.

ومن الصعب تسريع وتيرة خفض العجز بسبب الحماية الوظيفية التي يتمتع بها عمال القطاع العام منذ فترة طويلة، ولأن بعض الإصلاحات تتطلب إنفاقًا عامًا إضافيًا، مثل برامج تدريب العاملين الجدد المقترحة، والتي ستكلف وحدها 15 مليار يورو سنويًا، حسب قول المسؤولين.

ويقول المسؤولون أيضًا، إن خفض الإنفاق بسرعة كبيرة يمكن أن يضر بالنمو ويقوض دعم المزيد من الإصلاحات، ولكن النتيجة هي انخفاض الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5٪ فقط بحلول عام 2022.

والخطر الثاني - كما يذكر الكاتب - هو أن ما قد يكون له معنى في السياق الفرنسي، قد يحسب ضد الرئيس ماكرون على المستوى الأوروبي، فكوزير، ومرشح، والآن رئيس، راهن ماكرون - مخاطرًا بمصداقيته - على قدرته على إصلاح منطقة اليورو، لا سيما عن طريق إنشاء قدرة مالية على نطاق المنطقة، يمكن استخدامها للمساعدة على استقرار البلدان التي تعاني من الصدمات الاقتصادية.

ويضيف الكتب، لكي ينجح، يجب على ماكرون التغلب على معارضة العديد من البلدان التي قطعت العجز والديون - والتي تقبع في ظروف أكثر تحديًا من التي تواجهها فرنسا الآن - والتي تقول إن الشكل الأكثر فعالية لتحقيق الاستقرار، هو الحفاظ على القدرة المالية على الصعيد الوطني، ويخشى قادة تلك الدول أن تتحول مقترحات ماكرون إلى نظام للتحويلات الدائمة من شأنه أن يضعف الحوافز لتخفيض الديون.

ويختتم الكاتب تقريره قائلًا: "وبالنظر إلى مدى الترابط بين حالة الانتعاش التي تعيشها فرنسا ومصداقية ماكرون، فإذا خسر ماكرون هذا التحدي سيخسر أكثر من حياته المهنية".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان