صحيفة: سباق إقليمي محموم لاقتناص احتياطي الغاز في شرق المتوسط
كتب - عبدالعظيم قنديل:
قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن استغلال ثروات البحر الأبيض المتوسط تثير منافسة إقليمية محمومة في ظل التوترات بين كل من تركيا ومصر وقبرص وإسرائيل ولبنان على اكتشافات الغاز الطبيعي.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن السباق لاستغلال احتياطي الغاز الضخم في شرق البحر الأبيض المتوسط يثير التوترات الإقليمية حيث تتصاعد الخلافات حول ملكية الحقول البحرية إلى حرب كلامية، لاسيما مع انخراط تركيا ومصر وقبرص وإسرائيل ولبنان في تراشق لفظي خلال الأسابيع الأخيرة بسبب مزاعم حول احتياطيات الغاز.
ورجح التقرير أن تقود الثروات الاقتصادية بالمنطقة إلى مزيد من المواجهة، مضيفًا أن عملية تصدير الغاز من حقول شرق المتوسط إلى أوروبا، المتعطشة للاستغناء عن الغاز الروسي، قد تتعقد وسط التوترات المتزايدة، وبذلك يصبح انشاء خطوط أنابيب تربط البلدان المنتجة بالأسواق الاستهلاكية أمرًا صعبًا.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن شرق المتوسط بات يجذب العديد من شركات الطاقة العالمية في السنوات الأخيرة، المتحمسين لاستكشاف حقول الغاز الكبيرة في المنطقة، في الوقت الذي تتزايد التوقعات حول مساعدة الاحتياطيات لتلبية الطلب المحلي للبلدان المطلة على البحر و أوروبية عديدة.
وكانت شركة "إينى" الإيطالية أعلنت، الشهر الماضي، توقيف سفينة، في طريقها لموقع بحري يعرف باسم "بلوك 3"، من قبل بوارج تركية بحجة وجود نشاطات عسكرية في المنطقة المقصودة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الاسبوع الماضي، إن اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر وقبرص "غير قانونية" وإن ليس من حق أي دولة القيام بأي أبحاث أو تنقيب في هذه المنطقة.
ونصح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطابه أمام البرلمان، الشركات الأجنبية التي تقوم بفعاليات التنقيب قبالة سواحل قبرص، بأن لا تكون أداة في أعمال تتجاوز حدودها وقوتها من خلال ثقتها بالجانب القبرصي الرومي.
وردًا على التصريحات التركية، حذرت وزارة الخارجية المصرية من أي مساس بـ"حقوق مصر السيادية" في هذه المنطقة.
"مصر وتركيا"
ومع ذلك، فإن الاضطرابات السياسية والتحديات الاقتصادية قد تحبط خطط الاستخراج والتصدير، وفق التقرير الذي أوضح أن هناك نزاعًا ناشئًا بين تركيا ومصر حول الاستكشاف بالقرب من جزيرة قبرص المقسمة جنبًا إلى جنب التساؤلات حول جدوى إنشاء خط أنابيب من إسرائيل إلى إيطاليا عبر قبرص، والآمال تتلاشى بالنسبة لربط بين إسرائيل وتركيا بسبب المواقف السياسية لكلا البلدين.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن اكتشاف حقل "زهر"، الذي مكن مصر من الاكتفاء ذاتياً من الغاز، دفع القاهرة إلى توسيع نطاق الاستكشاف في المنطقة، مما دفع الحكومة المصرية إلى عدم تأجيل خططها بسبب تهديدات أنقرة، في ظل تزايد المشاعر المعادية لتركيا في مصر.
يشار إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا شهدت توتراً على خلفية الانتقادات الشديدة من جانب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والمسؤولين الأتراك لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي ووصفه بـ"الانقلاب" وفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، مما دفع مصر إلى استدعاء سفيرها لدى أنقرة للتشاور في شهر أغسطس 2013.
"خطط إسرائيل"
ووفقًا لـ"فاينانشيال تايمز"، يبدو أن الخلاف بين إسرائيل وتركيا طرح تساؤلات حول خطط لتطوير خط أنابيب إسرائيلي تركي مدعوم من الولايات المتحدة، والذي سيساعد على تنويع إمدادات الغاز في تركيا ويفتح لحقلي "لفياتان وتامار" الإسرائيليين منفذاً للأسواق الأوروبية، خاصة وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان يتطلع إلى إصلاح العلاقات مع إسرائيل، حيث رأت القيادة التركية أن الإمدادات الإسرائيلية قد تصبح مصدر بديل للغاز الروسي.
وفي الوقت نفسه، فإن إسرائيل متورطة في خلاف مع لبنان حول تبعية حقل النفط والغاز الواقع في البحر المتوسط، والمعروف بالبلوك رقم ، وهو مثلث بحري تصل مساحته إلى 860 كيلومترا مربعا ويمتد بمحاذاة ثلاثة من خمسة بلوكات طرح لبنان مناقصة استثمارها أوائل العام الماضي.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان وصف عطاء لبنانيا للتنقيب في حقل للغاز بالبحر المتوسط على حدود البلدين بأنه أمر "استفزازي جدا"، وحثت الشركات العالمية على عدم تقديم عروض.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان خلال مؤتمر حول الأمن في تل أبيب "عندما يطرحون عطاء يخص حقلا للغاز يشمل الامتياز 9 الذي هو ملك لنا بكل المقاييس... فإن هذا يمثل تحديا سافرا وسلوكا استفزازيا هنا".
" مصر الرابح الأكبر"
وأشار التقرير إلى أن الحل المثالي للغز تصدير الغاز الطبيعي المسال يكمن في مصر، حيث يوجد مصانع للغاز الطبيعي المسال في إدكو ودمياط، ولذا في ضوء التحديات الراهنة اللوجيستية والاقتصادية والجيوسياسية التي يمكن أن تقوض حالة خطوط الأنابيب الرئيسية في شرق البحر المتوسط ، يمكن لمرافق معالجة الغاز المصرية أن تقدم قبرص وإسرائيل طريقاً للتوزيع يتسم بفعالية التكلفة والآمن إلى آسيا عبر قناة السويس وأوروبا.
وبعد موافقة إسرائيل على صفقة تصدير الغاز تبلغ قيمتها 15 مليار دولار الشهر الماضي، تتزايد فرص مصر في أن تصبح مركز تصدير إقليمي للغاز المسال بشرق البحر المتوسط، وفق التقرير الذي نوه إلى تقرير صدر مؤخراً بتكليف من البرلمان الأوروبي عن قطاع الغاز في المنطقة، والذي يؤكد أنه "في المدى القصير يبدو أن مصر تملك مفتاح مستقبل غاز شرق المتوسط".
واختتم التقرير بالقول: "في ظل تتضاءل الآمال في التعاون عبر منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ، فإن احتمال تحالف قبرص وإسرائيل ومصر قد يتغلب على التحديات الجيوسياسية، مما يمثل بصيص من الأمل الذي تحتاجه القارة الأوروبية، برغم الأخطار السياسية والأمنية في منطقة البحر المتوسط".
فيديو قد يعجبك: