الجنس مقابل الطعام: شهادات عن اعتداء عمال إغاثة على السوريات
كتبت- هدى الشيمي:
كشفت تقارير صادرة عن مؤسسات حقوقية وإغاثية، عن تعرض السوريات لاعتداءات وتحرش جنسي من قبل عمال الإغاثة المحليين الذين يعملون باسم وكالات دولية، مقابل الحصول على الأطعمة والملابس النظيفة والأغطية.
وقالت تقارير صادرة عن مواقع الإغاثة الانسانية السورية: خلال العامين الماضين أصبحت النساء في كل عائلتين من بين خمس عائلات في حلب هن المُعيلات الرئيسيات لعائلاتهن، بالرغم من أنهن ليست لديهن وظائف، أو أي مصدر للدخل، ولكنهن يعتمدن فقط على المساعدات التي يحصلن عليها من منظمات المساعدات الدولية المعنية بتوفير الملابس والوجبات الساخنة وأدوات التنظيف للسوريين الموجودين في المدينة.
ونشر موقع "ريليف ويب" التابع للأمم المتحدة، تقريرا بعنوان "أصوات من سوريا 2018" مكوناً من 158 صفحة، يضم شهادات الكثير من السوريات اللائي تعرضن للتحرش والاستغلال الجنسي في معسكرات اللاجئين المسؤول عنها النظام، واختلفت أعمارهن ما بين مراهقات وفتيات صغيرات، ونساء كبيرات في السن.
ووفقا لشهادة إحدى السيدات في قرية كفر بطنا، القريبة من دمشق، فإنهن نادرًا ما يحصلن على المساعدات دون مقابل، فأغلب العاملين في المساعدات الانسانية يطلبون منهن المال أو الجنس، وأحيانا الزواج لفترة قصيرة من أجل استلام وجبة أو الحصول على ملابس.
وقالت سيدة سورية إن الكثير من السوريات يشعرن الآن أن عمال الإغاثة يتعاملون معهن على أنهن "عاهرات"، ما يدفع السيدات للبحث عن سبل أخرى للحصول على الطعام أو الملابس النظيفة، تجنبا لهذه النظرة المسيئة، وخوفا من التعرض للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
وأعلنت منظمتان خيريتان أنهما كانتا على علم بحدوث تلك الانتهاكات، وأشارتا إلى أنهما قطعتا كافة العلاقات التي تجمعهما بالمؤسسات والجماعات الإنسانية التي يرتكب عمالها أفعالاً مماثلة.
وبحسب التقارير، فإن النساء لم يقدرن على الاعتراف بما يجرى لهن، لأن المساعدات الانسانية تعد المصدر الأساسي للعيش، بالإضافة إلى خوفهن من الفضيحة.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية: في بعض المناطق بمدينة حلب، المحُررة من أيدي المعارضة السورية منذ أربعة أشهر، يوجد قلة قليلة من الرجال، بعد مقتل أغلبهم ونزوح آخرين، واحتجاز وفقدان بعضهم، وانتظار غيرهم خارج المدينة في معسكرات اللاجئين انتهاء قوات الأمن من تطهير الشوارع المدينة التي تُعاني من الدمار الشديد من القنابل والمتفجرات، والتأكد من خلوها من مقاتلي المعارضة أو تنظيم داعش.
وأوضحت هآرتس، في تحليل منشور على موقعها الإلكتروني، أن نحو مليون ونصف المليون شخص عاشوا في حلب، ثاني أكبر المدن السورية قبل الحرب، أما الآن فيعيش فيها ما بين 100 إلى 300 ألف شخص، وتعاني العائلات التي تعيش في المدينة من عدم وجود كهرباء أو مياه نظيفة، ما يُحتم عليهم شراء مولدات كهربائية وجالونات مياه باهظة الثمن، حتى تحصل على مصادر طاقة ومياه صالحة للاستخدام الآدمي.
وهناك عائلات حالفها الحظ لأن أحد أفرادها يقاتل في الجيش السوري، فيحصلون على راتب بشكل شبه منتظم، على عكس الشباب الذين ما يزالون في المدينة ويحصلون تقريبا على 10 دولارات في الأسبوع، وهو مبلغ لا يكفي لشراء شاي، وخبز وسكر ولبن.
ومع ذلك، تقول الصحيفة الإسرائيلية إن حجم المعاناة الذي تعيشها السيدات اللاتي تعرضن لانتهاكات جنسية من عمال الإغاثة لم يصل إلى ما تمر به النساء المحتجزات في سجون النظام.
وبحسب تقرير صدر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 10 مارس، فهناك 864 حالة تحرش واعتداء جنسي حدثت لسوريات محتجزات في سجون الأسد منذ عام 2008 وحتى عام 2011.
ووفقا للتقرير، فقد حدثت مئات الآلاف من وقائع التحرش والاستغلال الجنسي من قبل القوات المعارضة السورية ومقاتلي داعش، والعصابات وقاطعي الطرق.
إلا أن الأسوأ من كل ذلك، بحسب التقرير، هو الخذلان الذي تشعر به السوريات لتجاهل المجتمع الدولي لما يحدث لهن، وفشله في حمايتهن من الاعتداءات والاستغلال الجنسي رغم صدور عدة تقارير، منذ بداية الحرب السورية، تؤكد وقوع انتهاكات جسيمة في حق النساء في معسكرات اللاجئين وداخل السجون وفي العديد من المدن والقرى السورية.
كانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نشرت تقريرًا، في فبراير الماضي، يُفيد بأن السوريات تتعرضن للاستغلال الجنسي من قبل عمال محليين يقدمون المساعدات الانسانية باسم المنظمات الدولية.
ونبهت منظمتان عاملتان في مجال الإغاثة الإنسانية إلى تلك الانتهاكات منذ نحو ثلاث سنوات، غير أن تقريرا - أُعد لصالح صندوق الأمم المتحدة للسكان العام الماضي - كشف النقاب عن أن عمليات مقايضة المساعدات بالجنس لا تزال مستمرة في جنوب سوريا.
وردا على هذه التقارير، قالت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إنها لا تتسامح مطلقا مع الاستغلال، ولم تكن على دراية بأي حالات إساءة معاملة من قِبل المنظمات الشريكة في المنطقة.
وأجرى صندوق الأمم المتحدة للسكان تقييما للعنف القائم على نوع الجنس في المنطقة في العام الماضي وخلص إلى أن المساعدات الإنسانية يجري تبادلها مقابل الجنس في مختلف المحافظات في سوريا.
فيديو قد يعجبك: