كيف انتصرت السنغال لعاملات الجنس على الإيدز؟
كتب - هشام عبدالخالق:
"انتشار العنف بين النساء.. القوانين المناهضة لعمليات الدعارة.. أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة.. كل هذا جعل من الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا مكانًا مروعًا على عاملات الجنس".. كانت هذه هي البداية التي اختارتها مجلة "إيكونوميست" البريطانية في حديثها عن حياة عاملات الجنس في دول جنوب قارة أفريقيا وخاصة السنغال.
وقالت المجلة، إن النساء يُجبرن على الانضمام لعالم الجريمة المنظمة في أفريقيا كعاملات جنس، على الرغم من أن الدعارة مُجرّمة في عدد كبير من الدول الأفريقية، إلا أنه يتم استغلال هؤلاء النسوة من قبل المسؤولين الفاسدين، والأسوأ من ذلك أنهن كن المُصدرات لوباء الإيدز في القارة السمراء.
وأوضحت إحدى الدراسات عام 2013، أنه في الدول الأفريقية، وفي 37% من عاملات الجنس كانت نتيجة اختبارات الإيدز لديهن إيجابية، ولكن دولة واحدة تقوم بمثل هذه الأمور بطريقة مختلفة، وهي السنغال.
السنغال هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تنظم عمل عاملات الجنس، وتؤكد بطاقات التعريف الخاصة بكل منهن وظيفتهن في مجال الجنس، وتمنحهن بعض الرعاية الصحية المجانية، وكذلك بعض الأوقية الذكرية، ومبادرات تثقيفية في مجال الجنس، وتساءلت المجلة: "لماذا تختلف تلك الدولة الأفريقية عن مثيلاتها في القارة السمراء؟".
وتقول المجلة عن ذلك: "يمتد النظام القانوني في السنغال إلى عهد الاستعمار، حيث أبقت الدولة على التشريعات الفرنسية التي سمحت بانتشار الدعارة وذلك لمنع انتشار الأمراض الجنسية، وذلك حتى بعد الاستقلال عام 1960، على الرغم من أن العديد من الدول الأفريقية التي خضعت للاستعمار الفرنسي غيّرت من قوانينها بعد الاستقلال".
وتابعت المجلة، أنه في ثمانينات القرن الماضي؛ استطاعت السنغال الرد على انتشار وباء الإيدز في القارة الأفريقية عن طريق فرض مجموعة من السياسات لمواجهة الخطر واستهداف المناطق الأكثر ازدحامًا بالسكان، وكان من ضمن الطرق التي اتبعتها الدولة تجديد سياسات عاملات الجنس، حيث حاولت السلطات تسجيل أكبر عدد ممكن من عاملات الجنس لديها.
اليوم، وبحسب المجلة، يحافظ القانون السنغالي على حقوق المرأة في العمل كعاملة جنس إذا كانت أكبر من 21 عامًا، وتقوم المرأة التي تعمل في هذا المجال بفحوصات شهرية إذا كانت لديها البطاقة التي تظهر طبيعة عملها، والتي إذا فقدتها تتعرض للتغريم أو الاعتقال، وإذا أصاب مرض الإيدز إحدى العاملات لا تُرفض رخصتها على الفور، بل تُعطى بعض الأدوية المضادة للفيروسات، وتُقلل من العدوى، وبمجرد أن يبدأن في العلاج يمكنهن العودة لممارسة مهام عملهن، وأدت طريقة الدولة الجديدة في التعامل مع الإيدز إلى انخفاض نسبة الفيروس في العاملات بمجال الجنس من 21% عام 2002 إلى 7% عام 2016.
ولكن - حسبما تقول المجلة - يبقى النظام بعيدًا عن الكمال، فما تتبعه السنغال من عدم تجريم لتجارة الجنس يبقى بعيدًا عن نظام السويد على سبيل المثال، ولا يشترك العديد من العاملات بالجنس في تلك المبادرات لأنهن يواجهن التمييز والتهميش، بل يخشى البعض أن يعتبر هذا التسجيل دليلًا قانونيًا ضدهن في المستقبل.
وتقول المنظمات غير الحكومية، إن ضباط الشرطة غالبًا ما يستخدمن سلطاتهم القانونية، ويطلبون الجنس والمال من العاملات في المجال الجنسي، وحقيقة أن النظام الحالي يلبي فقط حاجة العاملات في مجال الجنس من النساء هي خلل آخر فيه، وعلى الرغم من عدم وجود أي إحصاءات رسمية فإن العديد من العاملين في مجال الجنس من الرجال.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "على الرغم من ذلك، فمقارنة بالدول الأفريقية الأخرى، نجد النظام في السنغال مبهرًا، وساهم في تخفيض نسبة الإصابة بفيروس الإيدز إلى 0.4%، في حين تبقى النسبة في دول جنوب القارة الأفريقية 4.3%، وفي واشنطن 1.9%".
فيديو قد يعجبك: