عشق ممنوع وفساد ومطاردة ساحرات".. مسلسل انهيار الـ "FBI" (الحلقة الأولى)
كتب - هشام عبد الخالق:
"يتعرض الـ FBI لأزمة.. والولايات المتحدة تدفع الثمن".. عنوان جذاب اختارته مجلة التايم الأمريكية لتقرير أعدته حول الأزمات التي يتعرض لها مكتب التحقيقات الفيدرالي في الوقت الحالي، بعد أن كان محط إعجاب الجميع، وتتفاخر القنوات التلفزيونية به في أنحاء الولايات المتحدة وبالتحقيقات التي يجريها.
وتقول المجلة، في بداية تقريرها: "أصبح مكتب التحقيقات الفيدرالي يجذب الانتباه بشكل كبير في الوقت الحالي، ولكن ليس بسبب إنجازاته أو العمليات الناجحة التي يقوم بها، بل على النقيض تمامًا، حيث استحوذ المكتب على اهتمام وسائل الإعلام مؤخرًا بسبب مديريه المطرودين، الرسائل النصية المتبادلة ما بين عشاقه، والهجمات التي يشنها الرئيس دونالد ترامب عليه".
في حوارها مع أحد عملاء المكتب المخضرمين، قال توم أوكونر، والذي يترأس رابطة موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي: "يمكنك سماع الأحاديث السلبية عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في كل القنوات.. ليس مهمًا أي قناة تشاهدها.. وهذا ما يسبب إحباطًا لي".
ويرى الكثيرون أن هجوم ترامب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، ما هو إلا لخدمة مصالحه الذاتية، حيث وصف المكتب بأنه "إحراج للدولة"، وما يقوم به من التحقيق في أعماله التجارية وصفقاته السياسية بـ "مطاردة الساحرات"، ولكن بما أن عملاء المكتب البالغ عددهم 14000 شخص تقريبًا يحبون الاستماع إلى الأخبار، فإن التقارير الداخلية والخارجية عثرت على هفوات داخل المكتب، ويرى المراقبون الصورة الأكبر: وهي وجود العديد من المشاكل داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وتابعت المجلة أنه من المتوقع أن يعلن المفتش العام التابع لوزارة العدل، مايكل هورويتز، عن تقييم منتظر بشدة لاتهامات عدد من الديمقراطيين والجمهوريين بأن مسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي، تدخلوا في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016، ومن المتوقع - بحسب ما قالته مصادر ذات صلة بالقضية للمجلة - أن يكون لمدير المكتب السابق جيمس كومي نصيب الأسد من هذه الاتهامات.
وبحسب المصادر، فإن هذا التقييم سيتم الكشف فيه عن أن كومي اخترق قواعد وزارة العدل في 5 يوليو 2016، في مؤتمر صحفي عندما انتقد هيلاري كلينتون لاستخدامها بريدًا إلكترونياً شخصياً أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية، حتى لو كان برأها من أي جرائم بعد ذلك، وتقول المصادر إنه من المتوقع أن يُذكر اسم كومي أيضًا بسبب الطريقة التي فتح بها التحقيق في قضية "بريد هيلاري كلينتون"، قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات.
وتقول المجلة: "إن التقرير يحذو حذو تقريرٍ سابق في أبريل، أصدره هورويتز أيضًا، ويظهر أن نائب مدير مكتب التحقيقات المقال أندرو مكابي، كذب على لجنة التحقيق الداخلية للمكتب، للتغطية على تسريب كان هو من خطط له حول مؤسسة عائلة كلينتون، قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات.
وبحسب المجلة، لم تكن هذه الأزمات الوحيدة والإخفاقات العلنية التي واجهها المكتب، فعلى سبيل المثال كان بإمكانهم منع العديد من حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، وخاصة تلك التي وقعت بمدرسة في مدينة باركلاند بولاية فلوريدا، بعد أن تساهل المكتب مع البلاغات عن منفذ إطلاق النار، وكذلك تأخير التحقيق في قضايا الاعتداء الجنسي التي قام بها الطبيب لاري نصار الخاص بالمنتخب الوطني الأولمبي للجمباز، وكذلك أدلة سوء تصرف عملاء المكتب في أعقاب المواجهات مع الميليشيات المسلحة في ولايتي نيفادا وأوريجون، ويواجه عملاء المكتب تهمًا جنائية تتراوح ما بين إعاقة العدالة لتسريب معلومات سرية.
وتابعت المجلة "هناك أكبر فشل يواجه مكتب التحقيقات في التاريخ، وهو إخفاقه في التوصل إلى وجود تدخل روسي في انتخابات عام 2016، والذي بقي دون أن يكشفه أحد لأكثر من عامين".
وفي عدة مقابلات مع المجلة؛ عبّر عدد من العملاء والمحللون عن مخاوفهم من أن مثل هذه الضجة المتزايدة تهدد تعاون المخبرين ومسؤولي الشرطة المحلية والشركاء الآخرين، لدرجة أن العملاء الذين شهدوا أزمات أخرى أكبر، يرون أن هذه المرة الأمر مختلف وأكثر ضررًا، حيث يقول روبرت أندرسون، مسؤول كبير بالمكتب تقاعد عام 2015: "لقد شهدنا الكثير من النجاحات والإخفاقات، ولكنني لم أرَ شيئًا يشبه هذا من قبل".
وبحسب المجلة؛ يبدو أن أزمة الثقة التي يتعرض لها مكتب التحقيقات الفيدرالي تتسرب إلى داخل القاعات القضائية، حيث تضاءل عدد الإدانات في التحقيقات التي يقودها FBI في خلال الخمس سنوات الأخيرة، منخفضًا بما قيمته 11% خلال هذه الفترة، وطبقًا لتحليل بيانات حصلت عليها التايم من وزارة العدل، ويقول أوكونر عن هذا: "لقد رأينا النظرة التي تعتلي أوجه المجرمين والشهود عند النظر لبطاقات الهوية الخاصة بأعضاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد لا يكون لهذا نفس التأثير بعد الآن"، وأظهر استطلاع رأي لشبكة "بي بي إس" انخفاض نسبة الدعم الشعبي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في أبريل بنسبة 10%، فبعد أن كانت 71% هبطت إلى 61%.
ويتساءل البعض عما إذا كان يجب التقليل من المسؤوليات المُوكلة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث أنه بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، قام مدير المكتب آنذاك روبرت مولر - الذي يترأس التحقيق الخاص باحتمالية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية - بعدة خطوات جديدة ومُوسعة لمواجهة الإرهاب، وأصبح الاهتمام منصبًا على بعيدًا عن جرائم ذوي الياقات البيضاء (جرائم رجال الأعمال) وحوادث السرقة العادية إلى مكافحة الإرهاب والأعمال الاستخباراتية.
والكثير من المشاكل التي تواجه مكتب التحقيقات الآن، حدثت في الفترة التي ترأس فيها كومي المكتب، والتي امتدت لثلاث سنوات ونصف، وتبدأ من جرائم معروفة للجميع مثل قضية التدخل الروسي في الانتخابات أو استخدام هيلاري كلينتون لبريد إلكتروني شخصي، إلى المواجهة التي حدثت مع شركة "آبل" لفتح هاتف من هواتفها استخدمه أحد إرهابيي حادث إطلاق النار في سان برناردينو عام 2015، ويقول بعض النقاد إن ميل كومي لمحاربة القضايا ذات الطابع الأخلاقي، ساهم بشكل ما، في التقليل من سمعة المكتب نفسه.
فيديو قد يعجبك: