لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفاقم مأساة اللاجئين السوريين في الأردن

12:45 م الأربعاء 16 مايو 2012

بون - (دتشه فيله)
 
استقبلت الأردن حتى الآن آلاف اللاجئين السوريين الفارين من العنف في بلادهم، ويستمر تضامن الأردنيين معهم رغم تفاقم الوضع الاجتماعي في المناطق الحدودية مع سوريا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأجور السكن.
 
في منطقة المفرق الأردنية القريبة من الحدود السورية، جلست مجموعة من اللاجئين السوريين في إحدى الغرف الخالية لالتقاط الأنفاس. كان شكل المكان أقرب إلى المرآب منه إلى الغرفة. وفيما ينبعث ضوء ضئيل من مصباح طويل للتخفيف من حدة ظلام المكان، بدت الجدران تتآكل وطلاؤها يتقشر في طريقه إلى السقوط.
 
هذا المكان الذي تبلغ مساحته 15 مترا مربعا هو المأوى الذي لجأت إليه أم عبدل، وهي أم لثمانية أطفال، حيث تتقاسمه مع عمها وأبناء عمها، بعدما فرت من جحيم العنف الذي قطع أوصال درعا السورية. لجأت الأسرة، قبل عدة أشهر إلى الأردن عبر الحدود تاركة وراءها في درعا محلا لبيع اللحوم ومزرعة صغيرة لتربية الدواجن.
 
وتسترجع أم عبدل ذكرياتها في درعا، حيث تقول بصوت تعتصره الحسرة: '' كان لدينا منزل جميل ومتجر ومزرعة نربي فيها الدواجن. وكان أبنائي يذهبون إلى المدرسة''.
 
وتتابع أم عبدل، الأرملة، التي تبلغ من العمر 56 عاما، ''لم أكن أتصور أن تصبح حياتنا على هذا النحو''. وتحاول أم عبدل، رغم كل الصعوبات، أن تجد مكانا لأبنائها في المدارس الأردنية، رغم قلة ذات اليد.
 
تعاني العائلة من أزمة مالية خانقة بعد أن نفذت كل مدخراتها التي صُرفت في رشوة حرس الحدود السوريين من أجل السماح لهم بعبور الحدود. والآن تواجه العائلة مصاريف الإيجار في الأردن التي تفوق طاقة العائلة، كما توضح أم عبدل بقولها: ''مقابل هذه الغرفة الضيقة، التي لا تتوفر على مطبخ، يجب أن ندفع 200 دينار (حوالي 220 يورو)، وحتى المرحاض فيوجد في الفناء''.
 
لم يكن أمام أم عبدل أي خيار سوى مغادرة الديار بعدما طالها بطش الجنود الذين كانوا ينهبون متجر العائلة الصغير بانتظام وبعدما شهدت تقتيل وتشريد جيرانها. بل حتى الابن البكر لأم عبدل، ذاق مرارة التعذيب في السجون، حيث لم تندمل جروحه إلى الآن، وما تزال آثار التعذيب بإطفاء السجائر بادية على جسده.

''منظمات إغاثة تساعد في توفير المستلزمات الأساسية''


تتلقى عائلة أم عبدل ولحسن الحظ بعض الدعم من منظمات الإغاثة، مثل ''جمعية الكتاب والسنة'' الدينية، التي تنشط في الأردن. وتوزع الجمعية المساعدات العينية انطلاقا من محافظة إربد في الشمال، كما تساهم في إيجاد أماكن دراسية لأبناء اللاجئين، وفي توفير الرعاية الصحية لهم إضافة إلى تأجير محلات للسكن لإيواء القادمين من سوريا.
 
المهام التي تقوم بها الجمعية ليست سهلة إطلاقا نظرا لعدم توفر شقق الإيجار بسبب تزايد أعداد اللاجئين إلى المناطق الحدودية. أصبح اللاجئون في ظل غياب شقق الإيجار لا يستأجرون فقط الشقق التي لم يكتمل بنائها بعد، بل أيضاً الإسطبلات وأماكن التخزين، وهذا مما جعل عمال الإغاثة يتذمرون.
 
و حسب ''جمعية الكتاب والسنة''، فقد تمكنت هذه الجمعية الخيرية، من تقديم الدعم لحوالي أربعين ألفا من اللاجئين. وتدعو الجمعية الدول النفطية الخليجية ''لدعم إخوانهم السوريين''، اقتداء بليبيا التي أرسلت 14 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة.

يؤكد فراس خير الله، الخبير في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في عمان، صعوبة الوضع في المفرق أو إربد، حيث يغيب الارتباط بسوريا، عكس مناطق أخرى من البلاد مثل بلدة الرمثا الحدودية، التي ترتبط تقليديا مع درعا السورية. هناك يتم استقبال اللاجئين السوريين من طرف عائلات تربطهم بهم علاقات قرابة، عكس مدن المفرق أو إربد، حيث يكون الارتباط تجاريا في غالب الأحيان.
 
ويتوقع خير الله أن يزيد الأمر سوءا مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم المائة ألف لاجئ، 20 ألف منهم وصلوا بطريقة غير شرعية خلال الشهرين الماضيين فقط. خصوصا وأنهم يفضلون البقاء في المناطق الشمالية القريبة من سوريا، رغم أن الأوضاع ستكون أحسن لو توجهوا إلى العاصمة عمان، حيث أسعار الإيجار أرخص بكثير مما هو الحال عليه في الشمال، كما أن البنية التحتية أفضل حالا، بحسب تقدير خير الله، الذي يتفهم بقاء اللاجئين في الشمال لأنهم يأملون في تحسن الأوضاع للعودة إلى ديارهم بالسرعة الممكنة.

''مطلوب دعم جهود الأردن في مساعدة اللاجئين''


وينوه خير الله، في نفس الوقت، بالانضباط والصبر الذي أظهره السوريين والأردنيين على حد سواء خلال الأزمة السورية، خصوصا وأن الأردن تعاني من مشاكلها الذاتية، إضافة إلى مشاكل اللاجئين.
 
ويقول خير الله في هذا السياق: ''الحكومة غير مستقرة، ويخرج الناس في الأردن كل يوم جمعة للتظاهر، كما أن المشاكل بين الأردنيين والفلسطينيين لم تعرف طريقها إلى الحل بعد، ويضاف إلى ذلك العلاقة المجمدة بين الأردن وإسرائيل، وتأتي الآن المشكلة الإنسانية''.
 
وذهب أندرو هاربر، ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في نفس الاتجاه حيث يقول: '' إن هذه الدولة الصغيرة محدودة الموارد حققت إنجازات هائلة، ويجب على العالم أن يعترف لها بذلك ويقدم لها الدعم اللازم''.
 
وتابع هاربر، ''الأردن استقبلت اللاجئين الفلسطينيين بادئ الأمر، وبعدها العراقيين، وهاهي الآن تحتضن السوريين. ويجب أن لا تُترك لوحدها''.

اقرأ أيضا :

بريطانيا تشيد بجهود مصر في إنهاء إضراب السجناء الفلسطينيين

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان