إعلان

الإرهاب: ابن السلطة أم ابن الأسرة؟

10:19 ص السبت 22 سبتمبر 2012

برلين – (دوتشه فيله):

يقترن الإرهاب في الأذهان بالإسلام السياسي، ويراه البعض ظاهرة سياسية بحتة، فيما يرى فيه آخرون مظهرا لمؤامرة تستهدف تفتيت الأمم وإعادة رسم خارطة العالم. قلة يبحثون في الجذور الاجتماعية للإرهاب: الأسرة والفقر والمجتمع.

نصف أخبار العراق والعالم اليوم فيها تفاصيل عن الإرهاب وعن هجمات إرهابية وعن إرهابيين يتدربون في مناطق معينة. الإرهاب ظاهرة تختلط بمفاهيم كثيرة، وصار من الصعب التمييز بين الإرهاب وبين ما يعرف بالنضال والكفاح، فالإرهابيون في كل مكان وفي كل مشهد سياسي.

الإرهاب في جوهره هو نشاط أفراد من المجتمع، وهؤلاء هم نتاج لمجتمعات إنسانية، بمعنى أنّ الإرهابيين العراقيين هم أبناء المجتمع العراقي (أو المجتمع العربي للوافدين إلى العراق منهم) وهناك أسر قد أنتجت هؤلاء المجرمين. ولابد من وجود أسباب تدفع المجتمع إلى إنتاج الإرهاب والإرهابيين. وبما أن لكل إنسان أم ولدته، فالأمهات إذا يصنعن الإرهابيين كما تصنع أمهات أخريات قادة وزعماء ومصلحين.

المشكلة تبدأ من البيت، لابد من معالجتها اجتماعيا، فكيف يمكن لإنسان سوى أن يفجّر نفسه ليقتل الآخرين؟ وكيف يمكن لإنسان طبيعي سوي أن يذبح بالسكين إنسانا آخر؟ وكيف يمكن لإنسان أن يقتل أطفالا مهما كانت الأسباب؟

لو كانت ظاهرة الإرهاب تقتصر على بضعة أفراد لأمكن القول أنهم قلة من المجرمين المرضى نفسيا في المجتمع، لكن الحديث يدور اليوم عن ملايين يسمون أنفسهم مجاهدين ويقتلون الناس بدم بارد، دون أن يسألوا أنفسهم هل هم وكلاء رب العالمين في الأرض ليحرموا غيرهم من حق الحياة.

''الإرهابي هو ابن السلطة العربية''


من بغداد تحدث د. قاسم حسين صالح رئيس الجمعية النفسية العراقية ورئيس وحدة الإرشاد التربوي والنفسي بجامعة بغداد إلى مايكروفون العراق اليوم من DW عربية مشيرا إلى'' أن الإرهابي هو ابن السلطة العربية، وفيما ينظر الساسة إلى الإرهاب من حيث الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من خلال إسقاط أنظمتهم السياسية والقضاء عليهم، فإن علماء النفس والاجتماع ينظرون علميا إلى الأسباب التي سببت الإرهاب''.

د. صالح أشار إلى انه قد اعد أطروحة دكتوراه عن الشخصية الإرهابية تعد الأولى من نوعها عراقيا وعربيا وعالميا، وقد التقى خلالها ب 300 إرهابي معتقل، بينهم عراقيون وأجانب وعرب من 9 بلدان.

د. صالح، كشف أنه يختلف مع مقولة إن الإسلام السياسي هو المنتج لظاهرة الإرهاب، مشيرا إلى أن التعميم هنا في غير محله، '' ومن الناحية السيكولوجية، فإن السلوك، أيا كان نوعه، ينبع عن فكرة أو معتقد، واختلاف الناس في سلوكهم ناجم عن اختلاف عقائدهم وأفكارهم''.

ثم أشار إلى أمثلة بهذا الخصوص، مستشهدا من التاريخ بطياري الكاميكاز الانتحاريين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية ، وخلص إلى القول'' ما وصلنا إليه في دراساتنا هو أن الإرهابي  صناعة عربية، والمصدر الأول في نشؤه هو السلطة العربية وليس الأم''.

بهذا السياق، يرى بعض المختصين في علم الاجتماع الجمعي أن أي راغب في الانضمام لتنظيم إرهابي أو سلفي سيعيش بدءا في إطار فكري ضيق نتج عن انبهاره بالنور الجهادي الذي يحمله هذا التنظيم على مستوييه السياسي والديني،

وقد تعزز ذلك رغبته المحبطة في أن يكون عنصرا فاعلا في المجتمع. هذه الخلاصة تعني أن كل الانتحاريين هم شخصيات سايكوباثية محبطة تعاني من عقد الانحطاط والدونية والإحباط، لكن أغلب من يقومون بتفجيرات وعمليات إرهابية لا يخضعون لهذا التصنيف، فهم في الغالب من الناجحين اجتماعيا ويمتلكون وظائف جيدة تدر عليهم دخولا مرتفعة وقد نجحوا في تكوين أسر نموذجية، إلا أنهم وفي لحظة مجهولة قرروا أن يضعوا كل ذلك وراء ظهورهم ويختاروا طريق الموت المؤذي المعدي.

''الإرهابيون في العراق وافدون من محيطه العربي''


د. حميد الهاشمي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة العالمية بلندن شارك في حوار العراق اليوم  من  DW عربية مشيرا إلى أن الفكر الإرهابي وافد إلى العراق، وأوائل من قاموا بعمليات إرهابية هم الوافدون من المحيط العربي، وأفعالهم في الغالب هي تعبير عن التطرف في مواجهة الأسلحة الفتاكة التي يعجزون عن مواجهتها'' وهكذا فإن الانتحاري يلجأ إلى تفجير نفسه محولا جسده إلى قنبلة تقتل من حوله''.

المرأة الانتحارية هي جزء مثير للاهتمام من ظاهرة الإرهاب، فالمرأة هي صانعة الحياة، ومانحة الحب، ورمز التضحية والإيثار والعطاء غير المحدود دون مقابل، فكيف تتحول فجأة إلى قنبلة تقتل من حولها؟

الخبير في علم النفس د. قاسم حسين صالح أجاب عن هذا السؤال مبينا أن ما ينطبق على الرجل الإرهابي الانتحاري ينطبق أيضا على المرأة التي تؤدي نفس الدور، ثم مضى إلى شرح تطور المرأة الانتحارية مبينا ''أن المرأة في الغالب يورّطها زوجها أو أحد الرجال الموجودين في محيط أسرتها حين يكون هو نفسه إرهابيا، لكن اليأس والحصار والتضييق عليها قد يدفع بها أيضا إلى خيار الموت والانتحار كمخرج من أزمتها''.

''منهج تجنيد متزامن مع غسل الدماغ''


د. حميد الهاشمي وفي معرض حديثه عن قدرة التكفيريين والإرهابيين على تعبئة عناصر تعمل لصالحهم وتقبل أن يصل بها الأمر حد الانتحار، قال'' هناك منهج للتجنيد يجري على مراحل متزامنا مع عمليات غسل دماغ، وهناك استغلال للظروف الفردية للإنسان من خلال تجاربه أو ظروفه الاقتصادية الصعبة، وعلى سبيل المثال، قد تكون هناك امرأة قتل زوجها فتعبئها الجماعة للثأر لزوجها''.

محمد في اتصال من ديالى رفض اعتبار الإرهابي نتاجا صنعته أمه، مشيرا إلى انه إنتاج الظروف التي تحيط به وليس إنتاج أمه التي أنجبته.

عامر في اتصال من بغداد أشار إلى أن الحكومات هي أمهات الإرهاب، واستشهد على ذلك بأمثلة من التاريخ القريب.

عبد الرحمن في اتصال من اربيل أشار إلى وجود كيمياء عدوانية في عقل كل إنسان، كما أن هناك وسائل وعقاقير وإيحاءات نفسية يمكن أن تحرك هذه الكيمياء باتجاه الإرهاب. صديق البرنامج الدائم مضى إلى القول ''إن خير الوسائل التي يمكن أن تحرك هذه الكيمياء هو الدين '' و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم'' ونلاحظ كلمة ترهبون.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان