إعلان

الإطار الدستوري والقانونى لانتقال السلطة في قطر

08:27 ص الخميس 27 يونيو 2013

القاهرة - أ ش أ:

حظيت تجربة الانتقال السلس والآمن للسلطة في قطر باهتمام بالغ من قبل كافة قوى المجتمع الخليجي والعربي والدولي، خاصة بعد أن أنهى أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فترة من التكهنات والتساؤلات بإعلانه التنازل عن سدة الحكم وتسليم السلطة لنجله وولي العهد الشيخ تميم، في سابقة تاريخية لم تشهدها المنطقة من قبل، بعد أن قاد الأمير حمد بلاده لمدة 38 عاماً (18 عاماً أميرا و20 عاماً وليا للعهد) وبعد أن أصبحت قطر واحدة من أغنى بلدان العالم، وبات الدخل الفرد السنوي مائة ألف دولار(الأعلى بالعالم) بعدما كان 16 ألفا، وانتقل حجم الاقتصاد من ثمانية مليارات إلى 192 مليار دولار.

لم تأت خطوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من فراغ، وإنما ارتكزت على قواعد دستورية وقانونية كفلها له الدستور الذي تم إقراره عام 2003، حيث حدد الدستور شكل نظام الحكم ونظم قواعد وإجراءات وآليات انتقال السلطة وهي كما يلي:

أولاً: نص الدستور على أن حكم الدولة وراثي في عائلة آل ثاني، من الذكور، وتكون وراثة الحكم إلى الابن الذي يسميه الأمير ولياً للعهد، فإن لم يوجد ابن ينتقل الحكم إلى من يسميه الأمير من العائلة ولياً للعهد، وفي هذه الحالة تكون وراثة الحكم في ذريته من الذكور.

ثانياً: تضمن الباب الرابع من الدستور ـ الذي يتناول تنظيم السلطات ـ خمسة فصول، الأول تناول أحكامًا عامة أما الأربعة الأخرى فتتعلق بالأمير وبالسلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية.، وكرس الدستور عددًا من الأحكام العامة المهمة، إذ يجعل الشعب مصدر السلطات، ويؤكد أن نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطات مع تعاونها على الوجه المبين في الدستور، ووضع الدستور السلطة التشريعية في يد مجلس الشورى والتنفيذية في يد الأمير يعاونه في ذلك مجلس الوزراء والسلطة القضائية في المحاكم.

ثالثاً: فيما يتعلق بالأمير فقد خصص الدستور فصلاً له، ويوضح الدستور أن الأمير هو رئيس الدولة وهو أيضًا القائد الأعلى للقوات المسلحة ويكون له الإشراف عليها، يعاونه في ذلك مجلس للدفاع يتبعه مباشرة. وهو ممثل الدولة في الداخل والخارج وفي جميع العلاقات الدولية. ويحدد الدستور اختصاصات الأمير سواء التي يباشرها بمفرده أو تلك التي يمارسها بمعاونة مجلس الوزراء، إذ يعين الأمير ولي العهد بأمر أميري، وذلك بعد التشاور مع العائلة الحاكمة وأهل الحل والعقد في البلاد، وللأمير عند تعذر نيابة ولي العهد عنه أن يعين بأمر أميري نائباً له من العائلة الحاكمة لمباشرة بعض صلاحياته واختصاصاته.

كما يرأس الأمير وولي العهد السلطة التنفيذية، يعاونهما في ذلك مجلس الوزراء على الوجه المبين في دستور البلاد، ويتولى مجلس الشورى السلطة التشريعية، ويعين الأمير رئيس مجلس الوزراء ويقبل استقالته ويعفيه من منصبه بأمر أميري.

ومن صلاحيات الأمير، أن يقرر إنشاء ''مجلس العائلة الحاكمة'' برئاسته ويعين أعضاءه من العائلة الحاكمة.، وهذا المجلس هو الذي يقرر خلو منصب الأمير عند وفاته أو إصابته بعجز كلي يمنعه من ممارسة مهامه، وفي هذه الحالة يعلن مجلس الوزراء ومجلس الشورى بعد جلسة سرية مشتركة بينهما خلو المنصب، ويُنادى بولي العهد أميراً للبلاد.

رابعاً: نظم الدستور العلاقة بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وحدد اختصاصات ومهام كل سلطة على حده، فبالنسبة للسلطة التشريعية، نص الدستور على أن يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع كما يقر الموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على السلطة التنفيذية.

مجلس الشوري:
ويتألف مجلس الشورى من 45 عضوًا يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر فيما يعين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الباقين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم.، ومدة المجلس أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، وُتجرى انتخابات المجلس الجديد خلال التسعين يوماً السابقة على نهاية تلك المدة، ويحدد الدستور كذلك أمورًا مثل الشروط التي يجب توافرها في أعضاء مجلس الشورى، وكيفية عمل المجلس وكذا يفصل الوظيفة الرقابية للمجلس المتمثلة في توجيه الأسئلة، الاستجواب، طرح الثقة.

وعلى صعيد السلطة التنفيذية، يوضح الدستور كيفية تشكيل الوزارة، كما ينص على اختصاصات مجلس الوزراء بوصفه الهيئة التنفيذية العليا المناط بها إدارة جميع الشئون الداخلية والخارجية.
وأخيرًا وفيما يتعلق بالسلطة القضائية، ينص الدستور على أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة وأن شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات. وتتولى السلطة القضائية المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفقًا للقانون، كما أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو سير العدالة.

''الاستمرارية'' داخلياً وخارجياً:
ومنذ الوهلة الأولى، بدأت تتضح معالم السياسة القطرية الجديدة في عهد الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ففي أول كلمة يلقيها في بداية توليه مقاليد الحكم في البلاد، أشاد أولاً بالمنجزات التي قدمها والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني طيلة حكمه
للبلاد منذ 1995 قبل أن يتخلى طواعية عن الحكم.

وحدد الأمير الجديد في ذات الوقت ملامح الخطوط العريضة للسياسة الداخلية في عهده، مؤكداً استنادها على التصدي ومواجهة التحديات التي تفرضها عمليات التنمية والاستثمار في الإنسان والمجتمع والاقتصاد والسياسة والهوية الوطنية، معتبراً أن تطوير قطاعات الصحة والتعليم والثقافة والرياضة وضمان حسن التخطيط والإدارة من المتطلبات اللازمة لتحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة.

وعلى مستوى السياسة الخارجية، تبلورت رؤية واضحة وهي انتهاج مبدأ ''الاستمرارية'' والسير على نفس نهج والده على الأقل في المدى القليل المنظور، فقد أكد أمير قطر الجديد أن بلاده تحترم التزاماتها الإقليمية والدولية وتفي حتى بوعودها الشفهية فضلا عن المعاهدات، كاشفاً أن أسس علاقات قطر الخارجية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

ويبقى التأكيد على أهمية هذه الخطوة القطرية غير المسبوقة، مع أهمية المتابعة الدقيقة لتطوراتها ورصد وتحليل تبعاتها وتداعياتها خليجياً وعربياً ودولياً، باعتبارها تجربة مهمة للدارسين في مجال النظم السياسية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان