140 حرفا.. سلاح المتظاهرين في إسطنبول
(دويتشه فيله):
مع استمرار الاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ارتفعت أصوات ناقدة لوسائل الإعلام التقليدية واعتبرتها صامتة عما يحدث، لكن ماذا عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الاحتجاجات؟.
في تركيا، أدت خطط لإعادة تطوير حديقة ''غازي'' في ساحة ''تقسيم'' الرئيسية في اسطنبول إلى اندلاع احتجاجات ضخمة ضد الحكومة، والناشطون الشباب الذين كان يوجه إليهم النقد سابقا لكونهم ''غير مهتمين بالسياسة'' يستخدمون الآن سلاحا شهيرا على مستوى العالم في مواجهة قوات الأمن. هذا السلاح هو: ''تويتر''.
قرار الحكومة بناء ثكنة عسكرية ومركز للتسوق في حديقة غازي، ثم رد فعل الشرطة المتشدد ضد المتظاهرين السلميين في معظمهم، لم يكن كافياً فيما يبدو ليحظى بتغطية وسائل الإعلام التركية.
لكن شبكات التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك امتلأت تابعت التظاهرات عبر فيديوهات وصور مباشرة للاشتباكات بين الناشطين وقوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بشكل مفرط. وحتى وقت قريب كانت القنوات الإخبارية تبث إما برامج حوارية لاعلاقة لها بالموضوع أو أفلام وثائقية عن طيور البطريق.
تويتر هو الأسرع
تويتر، موقع التواصل الاجتماعي الشهير استخدم على نطاق واسع من قبل المتظاهرين للتواصل فيما بينهم ولتحذير بعضهم البعض حول انتشار الشرطة واستعمالها لرذاذ الفلفل الحار ضد المحتجين. وعلى الرغم من أن إحدى وحدات الشرطة يُطلق عليها ''القوة السريعة''، إلا أنه لا يمكن لقوات الأمن في اسطنبول أن تكون بسرعة مستخدمي تويتر وتحذيراتهم لزملائهم من الهجمات الأمنية المحتملة.
140 حرفا، هذا ما يتيحه تويتر لكل رسالة، لكن هذه الأحرف القليلة كافية للمدافعين عن حديقة غازي لينظموا مظاهراتهم ويطلبوا المساعدة للحصول على الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها في الحديقة، مثل الدواء والغذاء.
''مشاكس ومزعج''
منذ أن وصل متابعو بعض المستخدمين على تويتر إلى 50 ألف متابع، صارت الكلمات تنتشر بشكل أسرع. لذلك، ربما لم يكن من قبيل المصادفة أن يصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في مؤتمره الصحافي الاثنين (الثالث من يونيو) ، تويتر بأنه ''المشاكس الرئيسي'' و''الأكثر إزعاجا للمجتمع''. لكن قبلها بعشرة أيام فقط زار أردوغان وادي السيليكون في الولايات المتحدة (وهو بمثابة العاصمة التقنية للعالم)، وقال أثناء زيارته: ''المعرفة هي المادة العالمية للبشرية، والتي سنستفيد جميعنا منها''.
مساء الثلاثاء في أزمير، ثالث أكبر مدينة في تركيا؛ 24 من مستخدمي تويتر تم اعتقالهم بذريعة أنهم ''كانوا يحرضون على الكراهية بين السكان'' مما أدى إلى حالة من الذعر بين بعض الناس.
من جانب آخر، يجب أن نشير إلى أن تويتر ليس لديه أي سيطرة على ما يتم نشره، ويمكن أن يكون ما ينشر مصدر للتضليل لكلا الجانبين، مما يمهد الطريق لاستفزازات محتملة.
التضليل ينتشر بسرعة
صورة لشاب مصاب بجروح خطيرة كانت مصدرا لغضب شعبي عارم بين مستخدمي تويتر، لكن تبين أن الصورة مفبركة وذات أصل أجنبي. كما انتشر خبر أن ''الآلاف'' من ضباط الشرطة استقالوا وأن قائد شرطة طرد من الخدمة، في مثال آخر على ''التضليل''.
كذلك انتشر فيديو عبر تويتر، يظهر وفاة أحد المتظاهرين، ثم تبين أنه وهمي أيضا. كما اكتشف الناس لاحقا أن صورة انتشرت لشرطي رش غاز الفلفل على كلب، هي في الواقع صورة من إيطاليا.
وعلى الرغم من شكاوى بعض المستخدمين من بطء الاتصالات أو أنهم لا يستطيعون الحصول على خدمة انترنت في أوقات معينة، إلا أن شركات الهواتف النقالة أنكرت وضع أي قيود على الإنترنت، بينما اعترفت ببعض المشاكل في الاتصالات حول ساحة تقسيم.
فيسبوك جرى استخدامه أيضا على نطاق واسع، لكن تويتر هو المصدر الرئيسي لعشرات الآلاف من المتظاهرين للتزود بالمعلومات الضرورية. ويوم الأربعاء 5 يونيو وصف سردار كوزأوغلو، وهو كاتب عمود رأي في صحيفة راديكال اليومية، تويتر بأنه ''عصب حركة المقاومة التي ليس لديها مركز قيادة''.
أما صمت وسائل الإعلام التركية إزاء الأحداث في تقسيم فقد أغضب الكثير من الناس. غضب الجمهور كان كبيرا لدرجة أن مجموعة من المدافعين عن حديقة غازي تجمعوا أمام أبرز قناة أخبار تركيا NTVيوم الاثنين للاحتجاج على تجاهلها لتغطية الأحداث. وفي ساحة تقسيم هوجمت سيارة البث التابعة للقناة من قبل المحتجين.
وكان على القناة الاعتذار عن تغطيتها تلك، أو بالأحرى عن عدم وجود تغطية أصل، لكن ذلك جاء غير كاف ومتأخرا جدا.
''الرقابة الذاتية من قبل الشبكات الإخبارية هزم الغرائز الصحفية''، كما قال محمد يلماظ، وهو كاتب عمود في صحيفة حريت الشعبية اليومية.
فيديو قد يعجبك: