لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ياسمين وإسلام وعبد الرحمن.. كيف تواجه سيولة الدم بـ''فرشة فاكهة''

01:09 م الأربعاء 21 يناير 2015

ياسمين واسلام وعبدالرحمن

كتبت- نيرة الشريف:
أن تعاني وحدك فهذا ألم.. أن تعاني وزوجك فهذا ألم مضاعف..أن تعاني وزوجك وأبنائك فعليك تحمل الألم والمسؤولية بأن عليك عبء إزالة الألم، أو علي أقل تقدير تخفيفه، أن يجتمع عليك الفقر مع تلبية أعباء الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم أطفال وتلبية احتياجاتهم فهذه معاناة، وأن يجتمع عليك مع المرض مصاحبا للفقر وضيق ذات اليد فهذه معاناة أكثر.
''محدش يعرف ألم إن العيال تتألم قدام عينك غير اللي جربه، مهما وصفته محدش هيفهم ولا يحس هو صعب أد أيه'' هكذا بدأت سماح محمد -47 عاما- أم لثلاثة أطفال، بنت وولدين، ابتلي الولدين بمرض سيولة الدم ''الهيموفيليا''.. ''العيال من أي حركة بيجيلهم نزيف، لا بيقدروا يقوموا ولا يقعدوا ولا يعملوا حاجة ولا يلعبوا زي العيال، ولد منهم مابيتحركش من السرير خالص، ولو هزروا مع بعض زي العيال اللي في سنهم بيجيلهم نزيف حاد، وبجري بيهم علي المستشفيات الحكومية، وادوخ وهما علي دراعي بسبب قلة الفلوس''.
تعيش سماح وأبنائها الثلاث وزوجها وأمها في بدروم احدي العمارات حيث يعمل زوجها غفيرا.. ''المرتب اللي جوزي بياخده مقابل أنه بيحرس العمارة دي بقاله 15 سنة مابيعديش الـ300 جنيه، لكن صاحب العمارة عامل حسابه أنه مسكننا في بدروم العمارة ببلاش، وعلاج العيال لوحدهم بيتكلف أكتر من 700 جنيه في الشهر، علاج بس، غير الدوخة عشان مستشفي تاخدهم، وغير مصاريف أكلهم وشربهم وتعليمهم''.
أبناء سماح الثلاث تتراوح مراحلهم التعليمية بين الابتدائية والإعدادية، يجلسون في حجرتهم الصغيرة يذاكرون، فلازال الحلم هو كل ما يملكونه، والدراسة فقط لا غير هي ما ستمكنهم من تحقيق الحلم، بكلمات خجلي قالت ياسمين نور -14 عاما- ''أنا عاوزه أطلع دكتورة أسنان، دلوقتي أنا في ثانية إعدادي، لو شديت حيلي في المذاكرة هتبقي هانت وهخلص بسرعة''.
أصرت سماح أن تجعل ابنها الأصغر الملازم للفراش أغلب الوقت أن يتكلم، قالت لإخوته أن ينادونه، وقالت لهم أن يكونوا حذرين جدا في التعامل معهم وأن يجعلونه يتحرك ببطء شديد، تعلق قائلة ''الولد ده من أقل حركة بيحصل له النزيف، ببقي حاطه عين في وسط راسي لو أتحرك ولا لعب مع أخواته، أصغر أخواته وزى القمر يا حبيبي''.
بحركات وهنة أتي عبد الرحمن نور، جسده الهزيل يتحرك ببطء شديد، يبتسم وهو ينظر لأخوته، يعرف أنه لن يتمكن من اللعب معهم علي أي حاله، تكشف أمه عن ساقه وتكشف الضمادات التي تربط ركبته، لا تجد أمه مكانا لعلاجه سوي مستشفي أبو الريش ''بجري بالواد وهو بينزف علي مستشفي أبو الريش، وبدوخ لغاية ما بلاقي له مكان''.
لم تجد سماح لزيادة دخلها وأسرتها سوي فرشة فاكهة، قاموا بوضعها أمام العمارة التي يعملون بها، ''برأس مال حوالي 1500 جنيها بدأنا فرشة الفاكهة دي، ربنا يعلم جبناهم إزاي، استلفنا وقلنا أهي حاجة تساعدنا في تعليم العيال وعلاجهم، اشترينا ميزان حساس وشمسية، جت البلدية خدتهم وجرتنا وراهم، كأنهم مش عاوزنا نسترزق، أحنا لا معانا مخدرات ولا بنعمل حاجة غلط، شوية فاكهة قاعدين بيهم قدام باب العمارة، لا بنأذي حد ولا بنعمل غلط، ولما حد من العيال بيتعب بجري بيه علي المستشفي باليومين والثلاثة أنا وأبوه ونسيب الفاكهة تبوظ في الشارع، أحنا نزلنا كلنا من الفيوم ندور علي الرزق ومعانا أمي..ست كبيرة مالهاش غيري، ومكانش هينفع اسيبها لوحدها، اهي طول اليوم تقعد ساكتة في الشمس وتدخل الاوضة علي النوم بس''. وأشارت سماح إلي امرأة مسنة ترتدي ملابس سوداء وتضع شالا علي رأسها وتمسكه بيده وتثبته علي وجهها.
يقول إسلام نور -15 عاما- الذي ينظر إلي أخيه الأشد مرضا منه بين الحين والآخر نظرات حانية مشفقة، رغم أنه لديه المرض نفسه، ويقول مشاكسا ''يا عبد الرحمن مش أحنا هنطلع دكاترة؟؟ هنذاكر وهنطلع دكاترة.. وهنخف وهنعرف نلعب مع أصحابنا الكتير في المدرسة''.
تختتم سماح كلامها قائلة وهي تنظر للشارع بعينين شاردتين ''هما الناس الللي ماشيين في المواصلات والعربيات دول لما بيبصوا لنا وأحنا قاعدين في الشارع، حد منهم بييجي علي باله كل التعب اللي أحنا فيه''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان