إعلان

البرامج الانتخابية في مصر "منين بيودي على فين؟"

08:37 م الجمعة 20 نوفمبر 2015

ناخبتان مصريتان - صورة من وكالة الانباء الفرنسية

كتبت -إشراق أحمد:
تأتي انتخابات مجلس النواب 2015، معلنة إضافة استحقاق سابع، لجملة الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها البلاد خلال خمسة أعوام منذ قيام ثورة يناير، بينها 5 مرات، كان الناخبون في "ملحمة" أقاويل وتصريحات لما يقدمه المرشحون لمجلس النواب، والرئاسة، تغيرت أحوالها من زخم أوراق الدعاية عام 2012 والمناظرات، إلى اختيارات محددة في الانتخابات الرئاسية، وموجة مكثفة من المرشحين لمجلس النواب 2015، فيما يبحث المواطن بين هذا وذاك عن ما يقدمه المرشح، وهو ما المفترض أن يحتويه "البرنامج الانتخابي"، لكنه لا يخرج في جميع الأحوال إلا بحصيلة من "الوعود" المطلقة في إحدى سرادق الدعاية، أو برنامج إعلامي، دون أن يجد بين يديه شيء ملموس يمكن أن يقف أمام من اختاره ليُقيمه.

"البرنامج الانتخابي يوضح ماهية المرشح، رؤيته، أهدافه للمستقبل، ماذا يقدمه للمواطن والوطن" هكذا أوضح يسري العزباوي أستاذ العلوم السياسية، ما يعنيه البرنامج الانتخابي، مشيرا إلى أنه يحمل مجموعة المبادئ التي ينتهجها المرشح على المستوى المحلي، وأحيانا على المستوى القومي والدولي، وتلك الشروط والمواصفات المفترض أن تأخذها هذه الوثيقة في الاعتبار.

"الفقر هنهزمه"، "وضوح وطموح"، "في حب مصر اتجمعنا" شعارات لبرامج انتخابية لبعض أكبر وأشهر القوائم والأحزاب المتنافسة في الانتخابية لمجلس النواب 2015، الشاهدة لترشح 5420 شخص، فضلا عن مرشحين 9 قوائم للفوز بـ448 مقدا بالنظام الفردي، و120 مقعدا للقوائم، يتنافسون على مرحلتين، بدأت أولاها شهر أكتوبر الماضي، ورغم اختلاف تناول الأهداف المطروحة، لكنها لم تخرج عن كونها مجرد "وعود".

تحت عنوان الوثيقة الانتخابية أصدر حزب المصريين الأحرار 30 سبتمبر 2015 ما عرفه بالبرنامج الانتخابي، وضع الحزب 8 أهداف، وعلى رأسها القضاء على الفقر، وآخرها الأمن القومي والحرب على الإرهاب، فيما جاءت الكيفية "فضفاضة"، ففي الهدف الأول كانت الوسائل "توفير الفرص والحوافز الحقيقية للفئات المستهدفة لتحسين أوضاعهم في كافة مناحي الحياة، توسيع مظلة التضامن الاجتماعي، لتصل إلى الفئات الأكثر احتياجا، ووضع أطر سياسية على كل من الصعيد الوطني، والإقليمي والدولي".

أما قائمة "حب مصر"، فكانت مبادئ عامة مثل "احترام الحريات والحقوق السياسية، السعي لدفع عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات"، ولم يختلف الحال مع حزب النور وائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال، إذ انصبت البرامج على الحديث عن التوافق الوطني، وتوفير فرص العمل، وغيرها من الوعود المتشابهة في معناها، مختلفة في ألفاظها فقط.



لم تشهد مصر خلال فترة الاستحقاقات، ما يقترب من الشكل المثالي للبرامج الانتخابية المتعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية، أو التي تسعى إلى هذا وفقا لـ"العزباوي"، إذ يرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن البرامج في مصر، تحمل مبادئ عامة، دون أهداف محددة "محدش بيقول للناس هيعمل إيه بالظبط" حسب قوله، كما أنها بلا تميز، فلا يوجد ما يفرق بين أن هذا البرنامج لحزب ليبرالي، أم يساري أو حتى إسلامي.

لا يجد "العزباوي" اختلاف في البرامج الانتخابية المطروحة لمجلس النواب 2015، وتلك السابق طرحها عام 2012 "الكل بيتكلم عايزين مصر دولة متقدمة وإنه لازم نقضي على الفقر ونصلح التعليم طيب إزاي؟ مفيش رؤية"، فما تحمله الوثائق المطروحة يخلو من التفاصيل، مقابل الارتكاز على ما يسمى في العلوم السياسية "الانباغيات" حسب قوله، وهذا ما ينتج عنه برامج "فضفاضة في الصياغة".

لم تغب فكرة "البرنامج الانتخابي" عن المرشحون لمجلس النواب فقط، بل شهدت الانتخابات الرئاسية تلك الحالة، إذ لم يعلن المرشح "عبد الفتاح السيسي" حينها عن برنامج انتخابي له، مكتفيا بالظهور الإعلامي والحديث، حتى وصل الأمر إلى قول عضو من حملة ترشحه إن "الدستور بيقول مفيش حاجة اسمها برنامج، في حاجة اسمها ملامح برنامج، لأن البرنامج عشان تحطه لازم يكون فيه حكومة ورئيس حكومة"، إلى أن خرج "السيسي" متحدثا عن بعض المشروعات، وارتكز الإعلان عن "البرنامج" في الصحف ومحطات التليفزيون، لكن لم يتم طرح تفاصيل البرنامج من قبل الحملة الداعمة بشكل واضح.



أوضح النماذج على الإطلاق، التي يمكن الاستفادة من تجربتها الانتخابية، وما يقدمه المرشحون من برامج بها كما قال أستاذ العلوم السياسية هي أمريكا، وفرنسا، واستراليا وكندا، فعلى الرغم أنها لا تخلو من "المبالغة" فيما تطرحه من أهداف بهدف "استمالة أصوات الناخبين"، لكن أساسها وضع أولويات لقضايا محددة، وما يقدمه المرشح إزائها، فهذا ما يمكن للناخبين أن يحاسبونه عليه "مثلا في الانتخابات الأمريكية أوباما كان بيتكلم على الرعاية الاجتماعية والصحية والسياسة الخارجية"، بينما في مصر "بنحط كل القضايا" حسب قول أستاذ السياسة.

غياب الرؤية سبب رئيس يراه "العزباوي" في عدم جدوى من البرامج الانتخابية إن وجدت، وهو ما يجعل البعض حين يتبع أسلوب كتحديد الفئة الموجه إليها البرنامج الانتخابي، وهو متعارف عليه ومشروع في الأنظمة ذات الباع الانتخابي، مثل التأكيد على الانتماء لثورة 25 يناير أو 30 يونيو والعكس بالتبرؤ منها، فإنهم يفعلون ذلك "بغباء" ودون دراية كما وصف أستاذ العلوم السياسة، وهو ما يؤكده أيضا تناقض ما يقدمه مرشحون عن أحزاب من برامج مختلفة عن مبادئ ذلك الحزب "يعني حزب ليبرالي بيتكلم عن الحريات العامة ويجي مرشحه يتكلم عن التمسك بالعادات والتقاليد والحفاظ على كرامة المرأة مصونة في بيتها، وأحزاب يسارية مبادئها العدالة الاجتماعية والغناء والفقر وفي نفس الوقت على رأس قوائهما رجال أعمال بيتكلموا عن فتح أبواب الاستثمار".

لا سبيل لاستقامة الأمور، والمضي على طريق الديمقراطية، كما قال "العزباوي" إلا بإصلاح الجذور، بوجود أحزاب تقوم على مبادئ وأهداف محددة وواضحة، لها برامج يمكن تطبيقها، وليس مجرد كلمات مرسلة، ومن ثم يمكن أن تستقيم البرامج الانتخابية، والاستحقاقات بطبيعة الحال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان