أوروبا تخشى موجة هروب إليها من مصر
دويتشه فيله:
أصبحت مصر منطلقا للهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، وبالرغم من استخدام أراضيها لمهاجرين عرب وأفارقة يرغبون بالوصول إلى أوروبا، إلا أن أعداد المصريين الراغبين بالفرار من مصر هربا من القمع ورغبة في حياة أفضل آخذة بالازدياد.
بعد أيام قليلة من كارثة غرق العبارة بالقرب من ساحل رشيد والتي أودت بحياة أكثر من 200 شخص، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمة له أنه "لمثل هذه المأساة لا يمكن أن يكون هنالك أي عذر".
وكان مهربون حشروا أكثر من 450 راكبا كانوا يودون الهجرة بشكل غير مشروع إلى أوروبا، قبل أن يغرق القارب بهم على بعد عدة كيلومترات فقط من السواحل المصرية. وبالرغم من إنقاذ الجيش المصري لـ 163 شخصا إلا أن كان الوقت متأخرا لبقية الركاب الذين حبسوا داخل القارب.
وقال السيسي يوم السبت الماضي أثناء الاحتفال بإطلاق مشروع الإسكان الاجتماعي بالقرب من مدينة الإسكندرية والتي ستوفر مأوى لنحو 1600 أسرة، ومعظمهم من الأحياء الفقيرة في المدينة "أنه لا يمكن السماح بتحول مصر إلى دولة تصدر المهاجرين"، وأكد أن "الحكومة لن تترك الشعب يواجه الظروف لوحده".
وتساءل الرئيس مخاطبا من يودون الهجرة من مصر "لماذا تريدون ترك بلدكم؟، لنقص في العمل؟ كلا العمل متوفر". إلا أن السيسي لم يوضح في كلامه أين هو هذا العمل الذي يتكلم عنه، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى معدل بطالة يصل إلى 13 بالمائة، وبين الشباب ترتفع هذه المعدلات لتصل حتى 40 بالمائة.
واعترف الرئيس المصري، بشكل غير مباشر، بأن العديد من المصريين يرغبون في الهجرة إلى أوروبا هربا من القمع الذين يواجهونه في بلدهم. وقال السيسي مهددا" الدولة ستتخذ إجراءات ضد كل أولئك الذين يريدون مغادرة البلاد بطريقة غير مشروعة" لكنه استدرك قائلا أن الدولة تعمل أيضاعلى تغيير حقيقة الوضع الذي يعيشه المصريون.
خمسة ملايين مهاجر
وفي خطابه الموجه للخارج، قال السيسي إن مصر تؤوي حاليا نحو خمسة ملايين لاجئ من الدول الأفريقية والعربية، جاء ذلك أثناء خطابه مع برلمانيين إيطاليين مطلع سبتمبر، وأكد الرئيس في حديثه أن هؤلاء اللاجئين يتلقون نفس الرعاية الصحية والتعليم المقدمة للمواطن المصري، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي للبلد.
إلا أن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين(UNHCR) قدمت أرقاما مناقضة لأقوال السيسي، حيث أكدت قدوم حوالي 250 ألف لاجئ إلى مصر، وتناقص عددهم في الوقت الحالي ليصلوا إلى 117 ألف لاجئ، شكل السوريون معظمهم.
وعلاوة على ذلك قدمت المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين EFRRصورة درامية للأوضاع في مصر حيث ساهمت الاضطرابات السياسية في البلاد في تأجيج كراهية الأجانب كما تقول المنظمة المصرية. كما رصدت المؤسسة زيادة في معدلات العنف تجاه اللاجئين، وارتفاعا في عدد الاعتقالات التعسفية بحقهم، وتجاهلا حكوميا للتحقيق مع عناصرها في شبهات الاعتداء على اللاجئين. وكتبت المؤسسة على موقعها على الانترنت:"هناك اعتقالات تعسفية، بما في ذلك الأطفال، لأنهم في كثير من الأحيان ليس لديهم أوراق رسمية، تبين انتماءاتهم الإثنية أو الدينية، كما أن بعضهم لا يتكلمون العربية ما يجعلهم عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان".
كما أن موقع Middle east Monitor المقرب من الإخوان المسلمين أطلق العديد من الاتهامات ضد حكومة السيسي بأنها تنتهك حقوق الإنسان ما يدفع بإعداد متزايدة من المصريين للهرب والهجرة.ويؤكد الموقع الإلكتروني أن "قمع حكومة السيسي الوحشي لحرية التعبير، أدى إلى تنامي ظاهرة اختفاء العديد من المصريين بعد اعتقالهم، بحيث أصبح مصيرهم مجهولا، كما ان النظام يرتكب جرائم تعذيب واعتداء جنسي بحق المعتقلين، ما جعل مصر من الدول العشر الأولى التي يهرب مواطنوها للحصول على حياة أفضل".
بدورها اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة المصرية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وتتهم منظمة العفو الدولية مصر "باعتقال منتقدي الحكومة، وممثلين قياديين من نشطاء المعارضة والسياسيين واحتجازهم، وأن بعضهم وقع ضحية الاختفاء القسري"، كما يقول التقرير السنوي لعام 2016.
من ناحية أخرى قالت المفوضية العليا للاجئين إنه في النصف الأول من عام 2016 تم تسجيل حوالي 115000 شخص بعد فرارهم عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، وبالرغم من أن العدد انخفض بشكل طفيف عن العام الماضي، إلا أن نسبة المصريين من هؤلاء الفارين ارتفعت بنسبة كبيرة لتصبح 9 بالمائة بعد أن كانت نسبتهم خمسة بالمائة فقط السنة الفائتة، كما لفتت المفوضية العليا للاجئين أن عدد القاصرين الفارين من مصر ارتفع أيضا.
خطط تعاون أوروبية مع مصر
ويخطط الاتحاد الأوروبي الآن لعقد اتفاق مع مصر على غرار اتفاق اللاجئين مع تركيا، وهو ما عبر عنه رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ". حيث ذكر "أن قدوم المزيد من اللاجئين من شمال أفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط هي حقيقة يجب أن تؤخذ بالاعتبار".
إلا أن الهدف من الاتفاق أيضا هو تقليل أعداد القادمين على المدى الطويل كما يصرح السياسي المسؤول في شؤون الخارجية والدفاع في الحزب الديمقراطي المسيحي رودريش كيزفيتر لـ DW وقال "هدفنا هو جلب الاستقرار لدول مثل مصر وتونس وأيضا ليبيا في ما بعد". ويؤكد السياسي الألماني أن ذلك يتم من خلال تقديم النصح والتدريب لهذه الدول، وفتح آفاق للناس، وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم مثل المياه النظيفة والرعاية الصحية والتغذية الجيدة، إلا أن السياسي الألماني يؤكد أيضا أن أية اتفاقات يجب أن تكون شاملة لقواعد تضمن تطبيق حقوق الإنسان، وليست اقتصادية فقط.
فيديو قد يعجبك: