ناقوس الخطر يدق في الجيش الألماني من وجود إسلاميين متطرفين في صفوفه
برلين - (د ب أ):
على مدار ثلاث سنوات كان ساشا بي. يعتبر جنديا ناجحا لا غبار عليه. ترقى ساشا سريعا من عريف إلى رقيب في كتيبة دبابات بمنطقة أوجوستدورف غربي ألمانيا، وتولى مسؤولية قيادية في الجيش، وكان يدرب مجندي الخدمة العسكرية على استخدام السلاح. لم يلعب تحول ساشا إلى الإسلام قبل دخوله الجيش الألماني دورا في مسيرة حياته العسكرية.
بعد ذلك بدأت مرحلة التحول. ساشا الذي يبلغ من العمر 26 عاما يطلق لحيته بطول 14 سنتيمترا ويرتدي في أوقات فراغه ملابس عربية تقليدية. ولم تبدأ مشكلاته الحقيقية إلا عندما رفض ساشا تدريب أحد جنود الاحتياط على استخدام السلاح، مبررا ذلك بأن هذا السلاح من الممكن توجيه ضد أشقاء مسلمين.
أعقب ذلك استجوابات من قبل قائد السرية، ثم من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية الألمانية ( إم إيه دى ) ليتضح في النهاية لرجال الاستخبارات أن ساشا بي. متطرف لا يعتد بالدستور، وبالتالي فإنه لا ينتمي إلى الجيش الألماني. عقب سبعة أشهر من بدء الاستجوابات تم تسريح ساشا من الجيش. بينما ينفي ساشا اتهامات التطرف الموجهة إليه.
تم تسريح ساشا من الجيش عام 2010، وكانت هذه أول واقعة لإسلامي متطرف في الجيش الألماني يتم الكشف عن ملابساتها علنا بشكل كبير.
في ذلك الحين لم تكن الحرب في سورية قد بدأت، كما لم يكن تنظيم الدولة الإسلامية / داعش / معروفا لأحد، وتجنيد مسلمين شباب في أوروبا للجهاد لم يكن مثار جدل في ذلك الوقت.
كل ذلك حدث في السنوات اللاحقة. ولم يعد ساشا بي. حالة فردية، فبحسب قائمة حديثة للمخابرات العسكرية الألمانية، والتي حصلت وكالة الأنباء الألمانية، على نسخة منها، تم تصنيف 22 جنديا في الجيش الألماني على أنهم إسلاميون خلال الأعوام العشرة الماضية. وتم تسريح 17 جنديا منهم بعد ذلك، بينما انتهت فترة الخدمة في الحالات الخمس المتبقية.
وقبل عام كان رئيس الاستخبارات العسكرية الألمانية كريستوف جرام قد دق ناقوس الخطر، حيث قال في ذلك الحين في تصريحات لصحيفة "فيلت" الألمانية: "نرى خطورة في إمكانية إساءة استخدام الجيش الألماني كمعسكر لتدريب إسلاميين لديهم استعداد للعنف".
وبعد أيام قليلة من تولي جرام منصبه في كانون ثان/يناير 2015 ، شن إسلاميون هجوما على مقر تحرير مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية الساخرة في باريس. وكشفت مقاطع الفيديو التي بثتها شاشات التليفزيون للجناة في ذلك الحين عن تلقيهم تدريبات عسكرية أساسية. وكان ذلك بمثابة تنبيه لجرام، الذي قال: "سيكون من الإهمال ألا يسأل رئيس الاستخبارات العسكرية نفسه: ماذا لو فعل إسلامي مدرب في الجيش الألماني شيئا من هذا القبيل - ونحن غافلون؟".
ويسعى تنظيم داعش - بحسب معلومات السلطات الأمنية الألمانية - لتجنيد مقاتلين لديهم خبرات عسكرية. فهل هناك طريق يمكن الحصول منه على مقاتلين لديهم خبرات عسكرية أسهل من طريق الجيش الألماني الذي يبحث جاهدا عن متطوعين عقب تعليق التجنيد الإجبارى عام 2011؟ .
وبحسب معلومات الاستخبارات العسكرية الألمانية، سافر 29 جنديا ألمانيا سابقا إلى سورية أو العراق، وانضم بعضهم بحسب معلومات غير مؤكدة لتنظيم داعش.
وبذلك تحول زملاء سابقون إلى أعداء: فالجيش الألماني يشارك في المهمة الدولية لمكافحة داعش في سورية والعراق، صحيح ليس بغارات جوية مباشرة، لكن بطائرات استطلاع من طراز "تورنادو" تمد قوات التحالف ببيانات عن أهداف للقصف.
وتعتزم وزارة الدفاع الألمانية الآن إتخاذ إجراءات لمواجهة هذه التطورات، وذلك عبر تعديل تشريعي يحمي قوات الجيش الألماني من انضمام جهاديين ومتطرفين آخرين إلى صفوفه. ومن المنتظر أن يخضع كل جندي في المستقبل إلى مراجعة أمنية قبل انضمامه إلى الجيش.
وكان ينحصر تطبيق هذا الإجراء فقط عند الالتحاق بقطاعات في الجيش لها حساسية أمنية. ويعنى هذا أن إجراءات المراجعة الأمنية تطبق على الجنود الذين يسمح لهم بالإطلاع على ملفات ذات طبيعة سرية أو حساسة، بالإضافة إلى الجنود الذين يعملون في معسكرات السلاح والذخيرة لحماية تلك المنشآت من عمليات التخريب. أما من يتلقى تدريبات على استخدام المدفعية أو المدرعات أو البنادق الآلية فيظل معفيا من المراجعة الأمنية.
ومن المخطط الآن إجراء فحص أمني أساسي لكل الجنود الذين يسعون إلى الالتحاق بالجيش الألماني. ومن المتوقع أن تشمل تلك الإجراءات نحو 25 ألف رجل وامرأة سنويا.
ويدعم مفوض البرلمان الألماني لشؤون الجيش هانز-بيتر بارتلز هذه الخطط بالكامل، حيث قال: "من أجل التصدي للمخاطر لابد من إجراء الفحص الأمني في فترة مبكرة للغاية، وليس خلال فترة الخدمة"، مضيفا أن التطرف الإسلامي في الجيش الألماني يمثل "خطرا حقيقيا" لابد من التعامل معه على محمل الجد.
كما تلقى تلك الخطط تأييدا من مسلمين في صفوف الجيش الألماني، حيث قالت الرقيب أول المختصة بالاستطلاع الإلكتروني في منطقة داون غربي ألمانيا ناريمان راينكه: "يتعين أن نتجنب بأي ثمن تلقي إرهابيين تدريبات من الجيش الألماني".
لكن من المهم أيضا بالنسبة للألمانية المنحدرة من أصول مغربية 36/ عاما/ ألا يتم حصر الجنود المسلمين في خانة التطرف الإسلامي عند خضوعهم لإجراءات الفحص الأمني، موضحة أنها ليس لديها بخلاف ذلك أي اعتراض على تلك الإجراءات، وقالت: "إذا لم يتم تجاوز حدود معينة وسُيطبق ذلك على جميع الجنود - فلما لا؟".
فيديو قد يعجبك: