أوغندا "مهد" فيروس زيكا بلا حالات إصابة
عنتيبي، أوغندا (د ب أ)
على حافة غابة كثيفة، يهب نسيم بارد بالقرب من قرب بحيرة فيكتوريا، حيث يوجد مركز أبحاث علمية يبدو كما لو كان مهجورا منذ فترة طويلة، كما أن مبانيه في حاجة إلى إصلاح.
واصبحت عجلات المركز المتنقل والذي كان يستخدم كمختبر ميداني فارغة من الهواء. ويتواجد أعلى المبنى صاري من الصلب كان يستخدم لمعرفة ما هو اقصى ارتفاع يمكن أن يصل إليه البعوض.
ويقول جيرالد موكيسا، المسؤول عن غابة زيكا حيث يقع مركز الابحاث بالقرب من مدينة عنتيبي في أوغندا "إن هذا المكان تعرض للإهمال لفترة طويلة، ولكن بسبب فيروس زيكا، بدأ الآن يكتسب الاهتمام".
ومن هنا تمكن عالم الحشرات الاسكتلندي الكسندر هادو للمرة الأولى من عزل فيروس زيكا، والذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه حالة صحية طارئة، عام .1947
وترأس هادو معهد بحوث الحمى الصفراء، والذي تمت تسميته لاحقا معهد أوغندا لبحوث الفيروسات، والذي أنشئ بتمويل من مؤسسة روكفلر بهدف إجراء أبحاث عن الحمى الصفراء. واوضح يوليوس لوتواما أن المرض كان يودي بحياة الكثيرين في أفريقيا في ذلك الوقت.
ويعمل هادو في مختبرات المعهد في عنتيبي، ليس بعيدا عن محطة الأبحاث القديمة في الغابة.
وكان فريق هادو يختبر عينات دم من القرود التي تعرضت للدغات البعوض عندما أكتشفوا فيروسا جديدا. ولكن رغم أن أول تعرف على فيروس زيكا كان في أوغندا، إلا أنه يعتقد أنه كان موجودا في أماكن أخرى في أفريقيا وآسيا، حسبما افاد لوتواما.
وينتشر الفيروس عن طريق البعوض والاتصال الجنسي، وحتى الأن تم التوصل إلى انه هو المتسبب في ولادة أطفال برأس صغير بشكل غير طبيعي وقد يرتبط ذلك بإعاقة ذهنية.
وتم الإبلاغ عن ولادة 6500 طفل برأس صغير بشكل غير طبيعي في شمال شرق البرازيل وحدها، مركز تفشي المرض. وتم التأكد من أكثر من 850 حالة.
وبالإضافة إلى صغر الرأس لدى الأطفال حديثي الولادة، فإن الفيروس يرتبط أيضا بالتهاب النخاع الشوكي وأنسجة المخ بالإضافة إلى ضعف في السمع والبصر.
وبالنسبة للبالغين، يعتقد أن فيروس زيكا يتسبب في متلازمة جيلان باريه، وهو اضطراب عصبي يمكن أن يؤدي إلى الشلل.
وفي الوقت الذي يشعر فيه سكان الأمريكتين وآسيا والمحيط الهادئ بقلق متزايد بشأن فيروس زيكا، لم يتم تسجيل أي حالات إصابة في أوغندا، حيث يوجد القليل من الأطباء على دراية بالفيروس.
ويوضح لوتواما أن أول إنسان تم العثور عليه مصاب بالفيروس كان في تنزانيا عام .1952 وفي ستينيات القرن الماضي عثر على مصابين بالفيروس في نيجيريا وفي قرية سيسا الأوغندية، جنوب غابة زيكا.
ولم يتسبب الفيروس وقتها في أثارة ذعر المواطنين. ويقول لوتواما إن "المواطنين اصيبوا بمرض بسيط وشعروا بكسل وحمى وبالضعف بالإضافة إلى آلام في المفاصل وبعض الانفلونزا. وفي خلال سبعة إلى عشرة أيام اختفت هذه الأعراض ولم يمرضوا ثانية".
وفي سيسا، حيث تم تشخيص أصابة حوالي 14 شخصا بالفيروس في ذلك الوقت، لم يتم تعقب أثر أي من المصابين أو أقاربهم.
ويقول ماكسون سيكيوالا وهو مقيم يبلغ من العمر 40 عاما "لم نسمع عن هذا المرض، لقد كان ذلك منذ فترة طويلة".
ويقول موكيسا "لم أعرف عن هذا المرض إلا عن طريق الانترنت ".
وتعتبر أوغندا موطن للزاعجة الأفريقية، البعوضة حاملة فيروس زيكا، بالإضافة إلى الزاعجة المصرية، الفصيلة المسؤولة عن انتشار الفيروس في البرازيل.
ويعزو الباحثون الأوغنديون خلو البلاد من حالات الإصابة بفيروس زيكا إلى عادات البعوض الغذائية والمناعة الواضحة لدى السكان المحليين.
ويقول لويس موكوايا، وهو خبير في علم الحشرات في معهد أوغندا لبحوث الفيروسات "في أوغندا بعوض الزاعجة الأفريقية يقتصر وجوده إلى حد كبير على الغابة، ونادرا ما يخرج من هناك، ويلدغ ليلا. ويتغذى على القرود والحيوانات الأخرى" بدلا من البشر.
ولم يتم الابلاغ عن أطفال مصابين بحالات صغر في الرأس غير طبيعية والمرتبطة بفيروس بزيكا في أفريقيا، باستثناء جزر كيب فيردي.
ويقول لوتواما إن اجسام السكان الأفارقة ربما تكون طورت أجساما مضادة ضد فيروس زيكا خلال وباء الحمى الصفراء وحمى الضنك وغيرها من الفيروسات داخل أسرة الفيروسات الصفراء، والتي ينتمي إليها زيكا.
ويقول الباحثون الأوغنديون إن السلالة المنتشرة في البرازيل نشأت في آسيا وربما تكون قد تطورت بعد أن دخلت إلى أمريكا الجنوبية.
ويتابع لوتواما "لدينا نظرية هي عبارة عن أن الفيروس في البرازيل يتضاعف أسرع في البشر عنه في أماكن أخرى مثل أوغندا".
ويقول لوتواما في حال تعرض شخص مصاب بفيروس زيكا في أوغندا للدغة بعوضة "لن يكون هناك ما يكفي من الفيروس كي تنقله البعوضة إلى شخص آخر".
ورغم ذلك هناك مخاوف من أن سلالة أمريكا الجنوبية من فيروس زيكا قد تنتشر في أفريقيا.
ويقول لوتواما "إن الناس يسافرون من مكان إلى آخر، ومن الممكن أن ينتشر. والوسائل الأخرى تكون عبر نقل الدم. والخطر يكمن هنا".
وأضاف أن الخطر يمكن أن يزداد في حال إزالة الغابات، لأنه هذا سيؤدي إلى زيادة احتمال لدغ البعوض للبشر.
فيديو قد يعجبك: