ما هو حجم نفوذ وتأثير الاتحاد الأوروبي على تركيا "الجارة المراوغة" ؟.. تحليل
برلين- (د ب أ):
قوبل رد فعل تركيا على محاولة الانقلاب الفاشلة مؤخرا، عبر فرض قيود على الحقوق المدنية وتطهير عشرات الآلاف من موظفي الحكومة، بالتلويح بالإصبع تحذيريا من قبل جيرانها الأوروبيين.
استدعت بلجيكا والنمسا على حد سواء السفير التركي لدى كل منهما لمناقشة الوضع الراهن في تركيا، التي هي الآن في ظل حالة الطوارئ.
وحذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أنقرة ، مطالبا إياها بالحد من حالة الطوارئ إلى أقصر وقت ممكن . وقال في بيان "هذا أيضا في مصلحة تركيا نفسها، إذ أن أي شيء آخر سوف يمزق البلاد ويضعف تركيا داخليا وخارجيا".
ولدى الاتحاد الأوروبي مصلحة كبيرة في الحفاظ على استقرار جارته المزعجة في كثير من الأحيان، لأسباب ليس أقلها أن بروكسل خصت أنقرة كشريك رئيسي للاتحاد الأوروبي في حل أزمة اللاجئين بالقارة.
ولكن بينما يشرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عملية تطهير كبيرة بمؤسسات الدولة، فهو لا يستمع إلى كلمات التحذير الصادرة عن الاتحاد الأوروبي .
وقال أردوغان إن الدول الأوروبية " بالتأكيد ليس لديها الحق في انتقاد تركيا"، دافعا بأن فرنسا أعلنت حالة الطوارئ لأسباب أقل بكثير ضمن مواجهتها لتهديد إرهابي مستمر.
وأوضح البروفيسور اليساندرو أورزينى ، مدير مركز دراسة الإرهاب في جامعة روما تور فيرجاتا، في مقال افتتاحي في صحيفة الماساجيرو "الهاجس الرئيسي للشخص الذي كان هدفا لانقلاب عنيف ليس الاستماع إلى النداءات الإنسانية من المجتمع الدولي، ولكن إنقاذ حياته وحياة المقربين منه".
وتدرس الحكومة في أنقرة إعادة العمل بعقوبة الإعدام، التي ألغتها في عام 2004 فى وقت كانت تكثف جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن التكتل الأوروبي بعث برسالة واضحة وصريحة إلى تركيا في الأيام الأخيرة، عبر قول المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، شتيفن زايبرت : "إن البلد الذي لديه عقوبة الإعدام لا يمكن أن يكون عضوا في الاتحاد الأوروبي".
وقالت وزيرة الشؤون البرلمانية الإيطالية، ماريا ايلينا بوتشي، لزملائها نواب البرلمان الإيطالى في روما في 20 تموز/يوليو "إذا ما أعادت تركيا العمل بعقوبة الإعدام، سيتم وقف عملية التفاوض بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فورا، لأن (تركيا) ستكون قد خرقت مبادئ الاتحاد الأوروبي".
لكن بوتشي شددت على أن تركيا يجب إبقاؤها قريبة نظرا لدور الوساطة الذي تقوم به في مجال الأزمة الجارية، الممتدة من الشرق الأوسط إلى البحر الأبيض المتوسط.
ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة مؤخرا، تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين في العالم، بما يقرب من 5ر2 مليون شخص.
والآن، وسط تقارير عن توجه مدبري الانقلاب التركي إلى اليونان لتقديم طلبات لجوء، كثفت تركيا من وجود خفر السواحل في بحر ايجه.
وفي الوقت نفسه، أدت محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة إلى توتر أعصاب قبرص. فحتى وقوع محاولة الانقلاب، كان ينظر إلى أردوغان كرمز أمل لحل التقسيم الجيوسياسي المستمر منذ عقود بين الشطر الجنوبي اليوناني من الجزيرة التابع للاتحاد الأوروبي والشطر الشمالي التابع تركيا.
وقال صحفي يوناني لوكالة الأنباء الألمانية، "اذا كان الجيش التركي قد تمكن من تولى السلطة، كنا سنعود مرة أخرى إلى المربع رقم واحد".
لكن القبارصة مازالوا متخوفين بشدة، كما ذكر أكاديمي مشترطا عدم الكشف عن هويته، حيث أشار إلى أن العديد منهم لا يشعرون بالارتياح إزاء عقد آمالهم الخاصة بإيجاد حل، على زعيم يعتبره الكثيرون استبداديا على نحو متزايد.
ولا يوجد أدنى شك أن عضوية الاتحاد الأوروبي والمشكلة القبرصية انحدرا إلى أدنى أولويات الرئيس التركي في الأيام الأخيرة.
ومع ذلك، لا يزال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس يأمل أن التكتل بإمكانه الاحتفاظ ببعض النفوذ، ماليا. وقال "هناك نفوذ في المنظمات الدولية، وهناك نفوذ لأن هناك الكثير من الأموال التي تتدفق من الاتحاد الأوروبي إلى تركيا".
وقال كورتس لإذاعة "أو إي 1" العامة "عادة، لا يوجد بلد يريد أن يكون مهمشا تماما".
وعرضت بروكسل على أنقرة 6 مليارات يورو (6ر6 مليار دولار أمريكي) في شكل مساعدات إنسانية لتعاونها في تسهيل عودة المهاجرين القادمين عبر البحر الأبيض المتوسط.
ومع ذلك، يعتمد هذا الاتفاق على وضع تركيا كدولة منشأ آمنة - وهو وضع تم التشكيك فيه مرارا من جانب جماعات حقوق الإنسان.
وفيما يعلن أردوغان بدء مرحلة حكمه الخاصة بالمراسيم الرئاسية التي تتخذ قوة القانون، فإن ما يتبقى بانتظار المعرفة هو ما إذا كان رفض أوروبا سيتصاعد ليصل إلى الحد الكافي من الانتقاد لتعريض اتفاقها الحاسم بشأن الهجرة للخطر أم لا .
فيديو قد يعجبك: