الغضب يجتاح إفريقيا ضد الحكام المتمسكين بالسلطة
جوهانسبرج - (د ب أ):
لم يعد المواطنون في إفريقيا يتسامحون مع زعمائهم الذين يتلاعبون في الدساتير أو يزورون الانتخابات للبقاء في السلطة لعقود.
ويقود أناس عاديون حركات احتجاجية جديدة تتجنب الفئة السياسية. ففي بوروندي، هاجمت جماعات معارضة مسلحة مراكز شرطة نائية، بينما هاجم محتجون رجال الشرطة في الكونغو وزيمبابوي، وفي جامبيا، أعرب البعض عن مخاوفهم من اندلاع حرب أهلية بعد أن رفض الرئيس التخلي عن السلطة، على الرغم من خسارته للانتخابات.
وتكتسب الاحتجاجات ضد الحكام الذين يتولون السلطة منذ فترة طويلة زخما في إفريقيا، حيث أن المواطنين لم يعد يرغبون في أن يحتكر نفس الحكام السلطة لعقود، حيث يكممون الافواه ويعرقلون التنمية.
وذكر باتريك باندا، أحد المدرسين في الكونغو "يجب أن يرحل (الرئيس جوزيف) كابيلا.. لا ينبغي السماح لفرد واحد بأن يكون بقاء الأمة رهينة في يديه".
وغالبا ما يقود الحركات الاحتجاجية الجديدة في إفريقيا مجموعات من المجتمع المدني وأناس عاديون، وليس أحزاب المعارضة، التي ينظر إليها على إنها تشكل جزءا من الفئة السياسية الفاسدة المتعطشة للسلطة، طبقا لما قالته ليسل لوو، وهي محللة بمعهد الدراسات الأمنية في جنوب إفريقيا.
وأضافت "الشباب الافريقي متصل بالانترنت.. ومطلع بشكل جيد.. ويأخذ زمام المبادرة".
وبدأت الموجة الحالية من الاحتجاجات في بوركينا فاسو، حيث أرغمت المسيرات الحاشدة، التي نظمتها بصورة جزئية جماعات المجتمع المدني الرئيس بليز كومباوري على الفرار في عام 2014، مما أحبط خططه لتغير الدستور لتمديد حكمه الذي استمر 27 عاما.
وهذا شجع المواطنين للخروج إلى الشوارع في الكونغو. وفي الأشهر الاخيرة، قتل العشرات في الاحتجاجات التى اندلعت بعد أن تم تأجيل انتخابات نوفمبر حتى إبريل 2018، مما مدد من فترة حكم كابيلا لتتجاوز الفترتين، اللتين يسمح بهما الدستور.
وفي الكونغو- برازافيل ورواندا، تم تغيير الدستور في العامين الماضيين للسماح للرئيسين دنيس ساسو نجويسو وبول كاجامي على التوالي بالبقاء في السلطة بعد 32 و16 عاما، بينما في أوغندا، تم إعادة انتخاب الحاكم الذي حكم لثلاثة عقود، يوري موسيفيني في انتخابات جرت في شباط/فبراير شابتها أعمال عنف.
وفي جامبيا، رفض يحي جامع، التخلي عن السلطة بعد 22 عاما، على الرغم من خسارته للانتخابات التي جرت في الاول من ديسمبر،التي يزعم أن شابتها تجاوزات ويخشى الكثير من مواطني جامبيا من أنه يمكن أن يشعل جامع حربا أهلية، على الرغم من تعرضه لضغوط قوية للتخلي عن السلطة.
وكانت أسوأ أعمال عنف قد وقعت في بوروندي، حيث تحدى الرئيس بيير نكورونزيزا مدة الفترتين التي حددها الدستور للرئيس وفاز في انتخابات قاطعتها المعارضة في يوليو 2015 .
وقتل المئات برصاص الشرطة وجماعات معارضة مسلحة، فيما لا يزال يتم العثور على مقابر جماعية.
"لقد طفح الكيل" كان شعار إيفان ماوارير، وهو قس أصبح الرئيس الصوري لحركة احتجاجية في زيمبابوي والتي انطلقت في وسائل التواصل الاجتماعي ضد الرئيس روبرت موجابي 92 عاما، الذي يتولى منصب رئيس الوزراء منذ الاستقلال في عام 1980 ثم منصب الرئيس.
وفي الكونغو، نظمت جماعات المجتمع المدني مسيرات مع أحزاب معارضة، بينما في بوروندي، أصبح النشطاء صوت المعارضة بعد أن فر الكثير من السياسيين من البلاد.
وانبثق الحزب الحاكم في بوروندي (المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية/قوات الدفاع عن الديمقراطية)، من حركة متمردة شاركت في الحرب الاهلية (2005-1993)، ومازالت تنظر إلى السياسة بوصفها "استمرارا للحرب بوسائل أخرى"، طبقا لما قاله العالم السياسي، جان ماري نتاهيمبيرا.
وأضاف "في اللحظة التي يفوزون فيها في الانتخابات، يعتقدون أن الفائزين لديهم الحق في القيام بأي شيء".
والكثير من الديمقراطيات الناشئة في إفريقيا تفتقر إلى ثقافة ديمقراطية، حيث يستغل الحكام الحاليون الهياكل الانتخابية الضعيفة لتزوير الانتخابات، طبقا لما ذكرته لوو ومحللون آخرون.
وقال المؤرخ موامبوتشيا نديبيسا من جامعة ماكيرير "استقلال.. لقد تم إضعاف البرلمان والسلطة القضائية من قبل موسيفيني (الذي) يعين أشخاصا ولاؤهم ليس للدولة، لكن له".
والدول الافريقية التي لديها أنظمة انتخابية قوية وقوات أمنية محايدة غالبا ما تكون لديها ديمقراطيات تعمل بشكل أفضل، طبقا لما ذكرته لوو، وساقت مثالا على ذلك تسليم السلطة بشكل سلمي في السنغال عام 2012 .
وذكر محللون أنه بينما تقدم الاقتصادات الغربية الاكثر تطورا للزعماء الذين يغادرون مناصبهم خيارات مهنية أخرى، فإن الزعماء الافارقة الفاسدين والمقربين منهم يتمسكون بالسلطة، حيث أنها المصدر المحتمل الوحيد للثروة.
وفي أنجولا، حيث يتولى جوزيه إدواردو دوس سانتوس منصب الرئيس منذ عام 1979، فإن "أسرة دوس سانتوس تدير البلاد" طبقا لما ذكرته لوو.
وقال كامبال موسافولي من منظمة "أصدقاء الكونغو" ومقرها أمريكا "بالنسبة للزعماء الافارقة، فإنه إما أن يكون هناك ترف بالغ أو مجاعة".
وسبب آخر يجعل الزعماء الافارقة يمكثون طويلا في السلطة هو الخوف من المقاضاة، وهو أحد العوامل التي يعتقد أنها دفعت بوروندي للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.
وقال موسافولي "اقترف كابيلا جرائم خطيرة" مثل السماح بقتل نشطاء المعارضة وسيفقد حصانته (القضائية) في اللحظة التي يترك فيها المنصب".
والطبيعة الراكدة أو المتدهورة للانظمة المستمرة منذ فترة طويلة تظهر في زيمبابوي، حيث أن 80 بالمئة من القوة العاملة عاطلة عن العمل؛ أو أوغندا، حيث يشكو المواطنون من الفساد والرعاية الصحية المزرية؛ أو الكونغو، التي تحكمها أسرة كابيلا منذ عام 1997، التي لم تتمكن من تهدئة الوضع في إقليمها الشرقي الذي يعج بالجماعات المسلحة.
وقالت لوو "ليس هناك أي تجديد ديمقراطي؛ الرؤساء يعزلون أنفسهم عن الواقع؛ وليس هناك أي أفكار جديدة".
وفي الكثير من الدول الافريقية، يمكن أن يؤدى استمرار تلك الانظمة إلى اضطرابات مستمرة، أو انقلابات عسكرية أوإلى حرب أهلية - في حالة بوروندي- طبقا لمحللين.
وهؤلاء الذين يتولون السلطة في الدولة الواقعة شرق إفريقيا يمكن حتى أن يحرضوا على اندلاع حرب أهلية بشكل متعمد، طبقا لما ذكره نتاهيمبيرا، نظرا لان "ذلك سيضفي الشرعية على القمع الكلي للمعارضة ويسمح لهم (الحكام) بإقامة ديكاتورية كلية".
فيديو قد يعجبك: