صعود وهبوط داعش.. ماذا بعد انهيار حلم "الخلافة"؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن تحرير الرقة كان صدمة قوية لتنظيم داعش، خاصة وأنه اتخذها عاصمة لخلافته المزعومة، وأسس بداخلها الهياكل الإدارية، ونفذ فيها عمليات الإعدام، ومراكز التعذيب.
وذكرت الصحيفة، في تقرير على موقعها الإلكتروني، أن معاقل التنظيم وقعت في يد القوات العربية والكردية، بعد أسابيع من المعارك والقصف المتواصل.
ويرى محللون ومراقبون أن تعمل كافة الأطراف المحاربة لداعش على التخطيط من أجل منع داعش من إعادة بناء نفسه، لأنه قد يكون مهزوما الآن، ولكنه لم ينتهِ بعد.
ومع ذلك، تجد الصحيفة أن ما تعرض له داعش من هزائم كان مُثير للاندهاش، بالنظر إلى ما حققه خلال الثلاث سنوات الماضية. وتقول إن التنظيم كان يسيطر على مناطق يعيش فيها ما يربو عن 8 مليون شخص، ويوجد بها حقول نفطية، وحقول ومزارع واسعة، واستطاع عبر سيطرته على المناطق الحدودية العمل في تجارة السلاح، فحصل على مبالغ طائلة من المال.
وأوضحت الجارديان أن خسارة داعش لمدينة الموصل، والتي كانت عاصمتها الاقتصادية، مهد لما تعرضت له من خسائر، وسهل من استعادة الرقة، ومحاصرة مقاتليها في مساحات صغيرة نسبيا بالقرب من دير الزور.
ولفتت الصحيفة إلى عودة المقاتلين الشباب (رجالا ونساءَ) إلى بلادهم، بعضهم يعمل على تجنيد عناصر جديدة، بينما يسعى أخرون إلى شن هجمات على المراكز الحيوية في الغرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن داعش ألهم بعض ممن يملكون نزعة متطرفة بتنفيذ هجمات بمفردهم، فمنذ ظهور التنظيم قُتل آلاف المدنيين من بنجلاديش وحتى فلوريدا.
كيف خسرت داعش أراضيها؟
بحسب مسؤول عسكري أمريكي فإن ما يقرب من 60 ألف مقاتل في صفوف التنظيم قُتلوا منذ عام 2014، ما أثر على قياداته، فأنهارت إداراته، وأغلقت معسكرات التدريب.
وترى الصحيفة أن داعش لم يُهزم بسهولة، إلا أن هناك ثلاث نقاط ضعف أكدوا أن الهزيمة ستحدث عاجلا أم آجلا، أولها أن التنظيم احتاج لتحقيق الانتصارات، لكي يأكدوا أنهم يقوموا بما أمرهم به الله، كما سعوا أيضا إلى الاستيلاء على مساحات واسعة كي يجذبوا مقاتلين جدد، ليعوضوا القتلى الذين يفقدوهم في العمليات والهجمات الإرهابية.
كما سعى التنظيم، بحسب الصحيفة، إلى الاستيلاء على الاثار وآبار النفط لكي يحصلوا على عائدات تمكنهم من تمويل عملياتهم.
ولكن بعد استيلاء التنظيم على أغلب معاقله، لاسيما السورية، قاومت الدول الحدودية المجاورة لسوريا بأقصى قوتها، خاصة تركيا وإسرائيل والأردن، وسعوا على التصدي له حتى لا يتوسع أكثر من ذلك.
ثانيا، فقد داعش كل التعاطف والدعم اللذين حصل عليهما عقب ظهورها لأول مرة، بسبب العنف المُفرط والتعامل مع المواطنين الذين عاشوا تحت حكمه بغلاظة، فلم يستطع أن يكسب ود القبائل التي تعيش في سوريا والعراق، ولم يتمكن من الانسجام معهم.
ثالثا، تحدى داعش الغرب وشن هجمات شرسة على المدن والمناطق الأوروبية والأمريكية المليئة بالمدنيين، ما تسبب في مقتل وإصابة الآلاف. وكان أول هجوم ينفذه التنظيم على أوروبا في مطلع عام 2014، أي قبل بدء غارات التحالف الدولي بقيادة أمريكا على معاقله في سوريا والعراق، ما دفع الحكومات الغربية على التعاون معا من أجل القضاء على التنظيم في معاقله.
وترى الصحيفة البريطانية أن أي انتصار على داعش لن يكون كاملا، إذا لم يُدعم بالقرارات والخطط السياسية، وتبني استراتيجيات لمعرفة ماذا سيحدث بعد هزيمة التنظيم، وإخراجه من معاقله الرئيسية، لا سيما وأن الحرب الأهلية السورية مستمرة، والخلافات طائفية في العراق لم تنتهِ.
ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن داعش يستطيع إلحاق أضرار كبيرة في سوريا والعراق، والدول المجاورة لهما، إلا أنه لن يتمكن من فعل الكثير في الغرب.
وحتى الآن، ما تزال فروع داعش في العالم تُشكل تهديدا كبيرا للمواطنين في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وغيرها من الدول، لذلك تدعو الصحيفة إلى عدم الاستخفاف ببقايا التنظيم، والتعامل بجدية مع ما بقى منه.
فيديو قد يعجبك: