خصوم داعش أمام معركة أخيرة صعبة وتضارب مصالح في ما بينهم
بيروت (أ ف ب)
فقد تنظيم داعش سيطرته تدريجياً على المناطق التي كانت خاضعة له في سوريا والعراق، لينحسر تواجده حالياً في منطقة حدودية بين البلدين تشكل نقطة التقاء مصالح لقوى إقليمية ودولية.
ويسيطر التنظيم المتطرف حتى الساعة على منطقة حدودية صحراوية تمتد من محافظة دير الزور السورية في الشرق إلى الأنبار في غرب العراق حيث تقع مدينتا البوكمال والقائم الحدوديتان.
ومن المتوقع أن يخوض تنظيم داعش معركة قاسية للحفاظ على مركز ثقله الأخير، ويتوقع أن تلتقي القوات السورية والعراقية عند نقطة على جانبي الحدود لتطويق التنظيم المتطرف في منطقة وادي الفرات الممتدة من دير الزور إلى القائم.
ويقول الخبير في معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن حسن حسن لوكالة فرانس برس إن هذه المنطقة تشكل "مركز الثقل الحيوي لتنظيم داعش".
وتعد هذه المنطقة، وفق قوله، "أكثر تعقيداً من مناطق أخرى. فمنها برز تنظيم داعش".
وأعلن العراق الخميس بدء العمليات العسكرية لدحر التنظيم المتطرف من مدينة القائم، وستشارك في المعارك القوات العراقية المدعومة من واشنطن والحشد الشعبي، الفصائل ذات الغالبية الشيعية المدعومة من طهران.
أما القوات السورية، ومن معها من مقاتلين لبنانيين في حزب الله او أفغان وعراقيين وإيرانيين، فلا تزال تحتاج إلى بعض الوقت، إذ تبعد عن البوكمال مسافة 50 كيلومتراً على الأقل.
ويريد تنظيم داعش الذي أنشأ "الخلافة" على أراض واسعة في سوريا والعراق في العام 2014، بحسب حسن، "البقاء والاستمرار في هذه المنطقة بسبب وادي نهر الفرات والصحراء الممتدين في البلدين على حد سواء، كما بفضل المساحات الواسعة التي تغيب عنها السلطات".
"منطقة صعبة"
ويتحدث حسن عن منطقة نائية و"ساحة أكثر صعوبة من غيرها على الصعيدين الجغرافي والاجتماعي".
والمنطقة ذات طبيعية صحراوية، وهي فقيرة ومهملة من السلطات المركزية، كما يغلب عليها الطابع القبلي. وتعيش من الجانب السوري عشائر عربية مسلحة بشكل جيد وتكن عداءً لكل من نظام الرئيس السوري بشار الاسد والأكراد على حد سواء، وفق محللين.
ولا يزال تنظيم داعش يضم في صفوفه آلاف المقاتلين الذين استعدوا، وفق حسن حسن، "للبقاء في هذه المنطقة الصحراوية على الجهتين السورية والعراقية"، إذ أن مخططهم المقبل يقضي بالحفاظ على هذه المساحة كمركز لعصيانهم في كلا البلدين، يتدربون فيه ويطلقون منه هجماتهم.
وتتركز أنظار قوى إقليمية ودولية على منطقة وادي الفرات هذه.
وتشكل محافظة دير الزور الغنية بحقول النفط والغاز حالياً مسرحاً لعمليتين عسكريتين: الأولى يقودها الجيش السوري بدعم روسي على الضفة الغربية لنهر الفرات حيث تقع البوكمال، والثاني تنفذها قوات سوريا الديموقراطية بدعم أمريكي على الضفة الشرقية.
ويقول الباحث في مركز الشرق الأوسط في معهد "بروكينغز" كريستوفر ميسيرول "تعّد هزيمة تنظيم داعش الجزء الأسهل (...) أما الأصعب فهو توفير السلام، عبر ضمان ألا تبدأ الاطراف في دير الزور بالقتال في ما بينها".
ويضيف "لا يمكن للرهان على دير الزور أن يصل إلى أبعد مما هو عليه الأن"، موضحاً "يريد نظام الأسد أن يسيطر على المنطقة الغنية بالنفط حول (مدينة) دير الزور، ويريد الإيرانيون طريقاً برية الى البحر المتوسط. ويريد الأكراد حاجزاً يفصل بين أراضيهم في الشمال وقوات الأسد".
وانعكس التنافس بشكل واضح نهاية الأسبوع الماضي حين سيطرت قوات سوريا الديموقراطية على حقل العمر النفطي الذي كان يشكل هدفاً للجيش السوري وحليفته روسيا.
ويقول ميسيرول "الوضع أشبه بما كان عليه نهاية الحرب العامية الثانية، حين توجهت القوات السوفياتية والأميركية إلى برلين".
وتصر الحكومة السورية وحليفتها إيران على استعادة هذه المنطقة لمنع الأمريكيين من الوقوف عائقا أمام طهران التي تريد ضمان طرق برية لها الى سوريا ولبنان مروراً بالعراق.
وتفضل إيران أيضاً أن تسيطر قوات الحشد الشعبي على تلك المنطقة بدلاً من القوات العراقية التي تحظى بدعم أمريكي.
أما الولايات المتحدة فكانت فعلياً تريد السيطرة على الحدود السورية العراقية عبر "إنشاء قوى عربية قادرة على إدارة المنطقة، ما يتيح لها إمكانية قطع الممر الإيراني قيد الإنشاء"، وفق ما يقول الخبير في الشؤون السورية في جامعة ستانفورد فابريس بالانش.
ويضيف "لكن ليست لديهم الإمكانية أو حتى النية الجدية، إذ يبدو ان (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب يريد الإنتهاء من تنظيم داعش والتوقف عند هذا الحد".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: