أزمة إقليم كتالونيا (سؤال وجواب)
كتب – سامي مجدي:
تسارعت وتيرة الأزمة في إسبانيا بشكل غير مسبوق، مع إعلان برلمان إقليم كتالونيا الانفصال عن المملكة الإسبانية، الأمر الذي ردت عليه مدريد بحل المجلس التشريعي للإقليم الثري وإقالة رئيسه وحكومته والإعلان عن انتخابات محلية مبكرة في 21 ديسمبر المقبل.
الأزمة هي الأخطر التي تواجهها إسبانيا خلال 40 سنة. وتداعياتها تنذر بالأسوأ لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي الذي أعلن رفضه للخطوة الانفصالية التي اتخذتها سلطات كتالونيا برئاسة كارلس بوجديمون.
في السطور التالية توضح الأزمة من بدايتها والخطوات التي سوف تتخذها حكومة مدريد برئاسة ماريانو راخوي الذي قال إن فرض الحكم المباشر على كتالونيا ضروري لـ "إعادة الأمور إلى طبيعتها".
لماذا؟
كان الاستفتاء آحادي الجانب الذي أجرت سلطات كتالونيا في الأول من أكتوبر الماضي بداية ذروة الأزمة؛ حيث وضع الحكومة المركزية وحكومة الإقليم في مسار تصادمي.
فرغم تحذير راخوي حكومة كتالونيا بأن محاولة الاستقلال عن المملكة غير قانونية وغير دستورية بعد حكم المحكمة العليا في إسبانيا، إلا أن رئيس الإقليم كارلس بوجديمون مضى في خططه الانفصالية التي كللها بإعلان جمهورية كتالونيا مساء الجمعة، على أساس أن الإقليم له الحق في الاستقلال.
وقد فشلت كافة الجهود لإيجاد حل للأزمة المتصاعدة منذ إجراء الاستفتاء الذي شهد مواجهات دامية بين الشرطة وناخبين مؤيدين للانفصال عن المملكة الإسبانية. وقد توترت الأجواء أكثر وأكثر بمرور الأيام وسط تصاعد في الخطابات التهديدية بين حكومتي مدريد وكتالونيا.
كيف ستفرض الحكومة الإسبانية سيطرتها على كتالونيا؟
تقدم رئيس الوزراء الإسباني راخوي بخططه إلى مجلس الشيوخ – الغرفة العليا في البرلمان الإسباني - لتفعيل المادة 155 من دستور البلاد.
وافق المجلس على الإجراء بتأييد واسع النطاق؛ حيث أن حزب راخوي له أغلبية مطلقة في البرلمان.
ولم تستخدم تلك المادة من قبل منذ التصديق على الدستور الحالي في 1978. لكن في عام 1989 هددت حكومة فيلبي جونثالث بتطبيقها عندما رفضت حكومة إقليم "كناريا" دفع ضرائب لكن حكومة الإقليم تراجعت وتم حل الأمر عبر الحوار وقتها.
تنص المادة 155 على: "إذا لم تمتثل أي مقاطعة من المقاطعات التي تتمتع بحكم ذاتي للدستور أو القوانين الأخرى، أو تصرفت بشكل يعرض المصلحة العليا للدولة الإسبانية للخطر، فإن على الحكومة المركزية استدعاء حاكم المقاطعة، وإذا لم يحضر، ومع الحصول على أغلبية من مجلس النواب، اتخاذ الإجراءات اللازمة ومنها تحقيق قسري معه حماية للمصلحة العليا للبلاد".
والمادة هذه لا تسمح بتفكك المقاطعات؛ لكنها تنص على التدخل الفوري من قبل الحكومة المركزية لحماية الشرعية وبشكل سريع.
ما الذي تفعله الحكومة الإسبانية؟
حلّ رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، برلمان كتالونيا وأقال كارلس بوجديمون، رئيس الإقليم وحكومته، معلنا إجراء انتخابات محلية مبكرة في 21 من ديسمبر المقبل.
وأعلنت الحكومة الإسبانية أيضا فرض سيطرتها على الخدمات المدنية والشرطة والشؤون المالية ووسائل الإعلام العامة في الإقليم.
كما أعلنت إقالة رئيس شرطة كتالونيا، جوسيب لويس ترابيرو. لكن لم يتضح كيف ستنفذ قرارات إقالة قادة الإقليم أو كيف ستكون ردود فعل قوات الشرطة الكتالونية البالغ قوامها 17 ألف شخص.
وقالت وكالة رويترز للأنباء إن شرطة الإقليم حثت أفرادها على التصرف بأسلوب محايد وعدم الانحياز لأي طرف وذلك سعيا لنزع فتيل التوتر، بحسب مذكرة قالت رويترز إنها أطلعت عليها.
وجاء في المذكرة "من المرجح أن تزيد التجمعات ومسيرات المواطنين في الإقليم بأسره وسيكون هناك أشخاص لهم آراء مختلفة وعلينا أن نتذكر أن من مسؤوليتنا ضمان أمن الجميع والعمل على أن تمر هذه الأحداث بسلام".
يشار إلى أن الحكومة الكتالونية الحالية بزعامة بوجديمون تتألف من ائتلاف مؤيد للاستقلال وحازت على 47 في المئة من الأصوات في انتخابات 2015، والتي كانت ينظر إليها على أنه اقتراع أمر واقع على الاستقلال عن إسبانيا.
ماذا تقول حكومة كتالونيا؟
تعهدت حكومة كتالونيا بالدفاع عن مؤسسات الإقليم، قالت إن الحكومة الإسبانية فعلت بالفعل المادة 155 بتدخلها في الشؤون المالية للإقليم وإرسالها آلاف من القوات المدنية والشرطة الوطنية إلى كتالونيا.
كان بوجديمون قد اتهم حكومة راخوي قبل نهاية سبتمبر بالتعليق الفعلي للحكم الذاتي لكتالونيا وإعلان حالة الطوارئ على أرض الواقع بعد مداهمة الشرطة الإسبانية مكاتب حكومة كتالونيا واعتقال 14 مسؤولا في محاولة فاشلة لوقف الاستفتاء.
واعتقلت الشرطة الإسبانية في 20 سبتمبر الماضي، 14 شخصا في إقليم كتالونيا، من بينهم جوزيب ماريا جوف، وزير الدولة للاقتصاد بالإقليم في إطار مداهمة لإدارات الحكومة المحلية قبيل استفتاء على الاستقلال لم تجزه المحكمة الدستورية.
واقتحمت مكاتب دوائر الاقتصاد والداخلية والشؤون الخارجية والشؤون الاجتماعية والاتصالات والضرائب في منطقة كتالونيا. ومن بين المعتقلين، الكاتب العام لقطاع المالية الإقليمية لويس سالفادو.
ردود الفعل على تفعيل المادة 155؟
ما أعلن بوجديمون استقلال كتالونيا، حتى تجمع آلاف في برشلونة عاصمة الإقليم، وأخذوا يرددون "الحرية" باللغة الكتالونية وينشدون أغانٍ شعبية بدأت حتى قبل التصويت على الانفصال عن إسبانيا.
وقد عارضت ثلاثة أحزاب من المعارضة في كتالونيا الاستقلال. وشهدت الأسهم والسندات الإسبانية موجة بيع مما يعكس قلق مجتمع الأعمال من الاضطرابات في الإقليم الثري، بحسب وكالة رويترز.
ودعت الجمعية الوطنية الكتالونية، وهي أكبر جماعة سياسية مؤيدة لاستقلال إقليم كتالونيا موظفي الحكومة بالإقليم إلى عدم إطاعة الأوامر الصادرة من الحكومة الإسبانية.
وحثت الجمعية موظفي كتالونيا على "المقاومة السلمية" لأوامر حكومة راخوي.
ورجحت شبكة ايه بي سي نيوز الأمريكية اندلاع مواجهات عنيفة؛ مع لجوء إسبانيا لإحكام قبضتها، على مؤسسات الحكومة في برشلونة، ما يستدعي في الأغلب استخدام القوة المُرجّح أن يُقابلها احتجاجات من جانب الكاتالونيين الذين سبق أن همّ منهم الآلاف إلى الشوارع في تظاهرات سِلمية دعمًا للاستقلال الذاتي.
هل هناك إجراءات أخرى؟
علاوة على المادة 155، لدى الحكومة الإسبانية وسائل عدة. فهي تستطيع إعلان "حالة الطوارئ" أو "حالة الوضع الاستثنائي" أو حتى "حالة حصار".
ومن شأن أي من الإجراءات الثلاثة، أن تؤثر على حرية التنقل أو الاجتماع بالنسبة لسكان كتالونيا.
وهناك أيضا قانون الأمن القومي الإسباني الذي أقر في 2015، الذي يتيح للحكومة إعلان أن البلاد "في وضع يواجه فيه الأمن القومي تهديدا".
وقد قال راخوي في تقرير نشرته فرانس 24، في 10 أكتوبر الجاري إن هذا الإجراء مخصص للحالات التي تقع بين "الأزمات العادية وحالة الطوارئ والوضع الاستثنائي وحالة الحصار"، ويتيح إصدار القوانين عبر المراسيم وأيضا السيطرة بشكل مباشر على الشرطة الكتالونية.
بيد أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تزيد من تصعيد الأزمة بشكل خطير.
فيديو قد يعجبك: