داعشي يروي كواليس عملية ذبح الأقباط المصريين في ليبيا
كتبت- رنا أسامة:
كشف المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرضوص"- التي قضت على أكبر تجمع لعناصر تنظيم داعش خارج معقله الرئيسي في العراق والشام- ما وصفته بالتفاصيل الكاملة لقصة ذبح الأقباط المصريين في ليبيا، والتي بدأت بالإعلان عن اختطاف عُمال مصريين في مدينة سرت في نهاية ديسمبر 2014، وفق شهادة أحد عناصر التنظيم.
وبحسب بيان نشره المركز الإعلامي لعملية "البنيان المروص" على صفحته بموقع فيسبوك، التتقى المركز أحد عناصر داعش الذي كان شاهد عيان على الجريمة المروّعة، حيث كان جالسًا خلف كاميرات التصوير وقت قيام التنظيم بتسجيل مقطع فيديو مدته 5 دقائق، يظهر فيه مجموعة من مقاتليه، وكل واحد منهم يمسك برأس قبطي ويذبحه، في 15 فبراير 2015، كما كان حاضرًا خلال دفنهم جنوب سرت.
وبعد نشر فيديو الذبح، شنت القوات المسلحة المصرية بالتنسيق مع نظريتها الليبية ضربات جوية استهدفت معاقل تنتظيم داعش في المدينة الساحلية سرت.
ويسرد شاهد العيان بداية القصة، قائلًا "في أواخر ديسمبر من عام 2013، كنت نائما بمقر ديوان الهجرة والحدود بمنطقة السبعة بسرت، أوقظني أمير الديوان ويُدعى هاشم أبوسدرة وطلب مني تجهيز سيارته وتوفير معدّات حفر ليتوجه كلانا إلى شاطئ البحر خلف فندق المهاري بسرت، وعند وصولنا للمكان شاهدت عددًا من أفراد التنظيم يرتدون زيًا أسودًا موحدًا، وواحد وعشرين آخرين بزي برتقالي.. اتضح أنهم مصريون، ما عدا واحد منهم كان إفريقيًا".
كانت الطقوس الجنائزية قد بدأت بل وتكاد تصبح إصدارًا مرئيًا سيُرعب العالم، يقول الشاهد، "وقفت مع الواقفين خلف آلات التصوير، وعلى رأسهم المدعو أبوالمغيرة القحطاني (والي شمال أفريقيا)، وعلمت من الحاضرين أن مشهدًا لذبح مسيحيين سيتم تنفيذه لإخراجه في إصدار للتنظيم".
ويصف الشاهد بعض تفاصيل المكان الواقع خلف فندق المهاري بسرت، فيقول: "كان هناك قضيبان فوقهما سكة متحركة عليها كرسي يجلس فوقه محمد تويعب - أمير ديوان الإعلام- وأمامه كاميرا، وذراع طويلة متحركة في نهايتها كاميرا يتحكم بها أبوعبدالله التشادي- سعودي الجنسية- وهو جالس على كرسي أيضًا، إضافة إلى كاميرات مثبتة على الشاطئ".
ويُتابع: "فيما كان أبومعاذ التكريتي -والي شمال إفريقيا بعد مقتل القحطاني- المخرج والمشرف على كل حركة في المكان؛ فهو من يعطي الإذن بالتحرك والتوقف للجميع. أوقف الحركة أكثر من مرة لإعطاء توجيهات خاصة لـ أبوعامر الجزراوي -والي طرابلس- ليُعيد الكلام أو النظر باتجاه إحدى الكاميرات. وقد توقّف التصوير في إحدى المرات عندما حاول أحد الضحايا المقاومة، فتوجه إليه رمضان تويعب وضربه، أما بقية الضحايا فقد كانوا مستسلمين بشكل تام، إلى أن بدأت عملية الذبح حيث أصدروا بعض الأصوات قبل أن يلفظوا أنفاسهم".
ويستطرد: "كان التكريتي لا يتوقف عن إصدار التوجيهات، إلى أن وضعت الرؤوس فوق الأجساد ووقف الجميع. بعد ذلك طلب التكريتي من الجزراوي أن يغير مكانه، ليكون وجهه مقابلًا للبحر، ووّضعت الكاميرا أمامه وبدأ يتحدث.. كانت هذه آخر لقطات التصوير".
بعد انتهاء العملية أزال القائمون على عملية الذبح أقنعتهم، بحسب الشاهد، فتعرّف على كل من وليد الفرجاني، جعفر عزوز، أبو ليث النوفلية، حنظلة التونسي، أبوأسامة الإرهابي- وهو تونسي، أبوحفص التونسي، فيما كان الآخرون ذوي بشرة سمراء، وكان أبوعامر الجزراوي قائد المجموعة، الذي كان يلوّح بالحربة ويتحدث باللغة الإنجليزية، في صدارة المشهد.
وأخيرا يُضيف الشاهد: "أمر القحطاني بإخلاء الموقع، فكانت مهمتي حمل بعض الجثث في سياراتي والتوجه بإمرة المهدي دنقو لدفن الجثث جنوب مدينة سرت في المنطقة الواقعة بين خشوم الخيل وطريق النهر".
يشار إلى أن هذه الشهادة هي التي قادت النيابة العامة إلى مكان دفن الجثت، حيث أعلن مكتب النائب العام الليبي، مساء الجمعة، العثور على المقبرة الجماعية التي تضم جثامين 21 مسيحيًا مصريًا ذبحهم مسلحو داعش في مدينة سرت الساحلية في عام 2015، جنوبي سرت، لتُستكمل باقي الإجراءات من أخذ الحمض النووي ثم تسليم الجثت إلى ذويها، وليُسدل الستار على جريمة بشعة أرّقت الرأي العام العالمي لسنوات.
وأوضح مكتب النائب العام الليبي أنه تم العثور على الجثامين وهي مكبلة الأيادي ومقطوعة الرؤوس وبالزي البرتقالي الذي كان يرتديه الضحايا في تسجيل مصور نشره التنظيم آنذاك.
وفي نهاية سبتمبر الماضي، أعلن رئيس التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي المُكلّف، الصديق الصور، القبض على منفذ ومصوّر واقعة ذبح الأقباط المصريين. وقال الصور، خلال مؤتمر صحفي لإعلان نتائج التحقيقات مع عناصر تنظيم داعش الذين جرى القبض عليهم في سرت، إنه تم تحديد أماكن دفنهم وسنبحث عنهم.
وبدأ تجنيد عناصر داعش في ليبيا، بحسب ما كشفته التحقيقات، على يد الليبي حسن الصالحين بالعرج، المُلقّب بـ"أبوحبيبة"، الذي سُجِن في العراق في 2005 وعاد إلى ليبيا عام 2012، ليؤسس ما يُعرف بجماعة "التوحيد والجهاد" في مدينة درنة.
وانضمت جماعته لما عُرِف لاحقًا بتنظيم داعش، ونُصّب أميرًا في ليبيا. ووفق التحقيقات، استقبل "أبوحبيبة" مبعوثي داعش إلى ليبيا عام 2014، وتولّى منصب أمير التسليح حتى مقتله في مدينة سرت في عام 2016.
ووفقًا للتحقيقات، فإن أكثر الجنسيات التي انضمت إلى التنظيم في ليبيا كانت من تونس، مصر، والسودان، إذ تجاوز عددهم 100 فرد. وانضم إلى التنظيم ما يتراوح ما بين 50 إلى 100 شخص، من بلدان مثل السنغال، غامبيا، تشاد، النيجر، غانا، اريتريا، مالي، والصومال.
وتراوح أعداد الأشخاص الذين انضموا إلى صفوف التنظيم من المملكة العربية السعودية، وفلسطين، والمغرب وموريتنيا واليمن والجزائر ما بين 10 إلى 50 فرد. وبلغت أعداد المنضمين إلى التنظيم من العراق، وأمريكا، وسوريا، وقطر، ونيبال، وبورندي، وفرنسا والأردن ما بين 1 إلى 10 أشخاص.
وسيطر داعش على مدينة سرت في يونيو 2015. ودأب التنظيم على تصويرها باعتبارها القاعدة الرئيسية له خارج سوريا والعراق. لكن في ديسمبر 2016، نجح مقاتلون موالون للحكومة في استعادة السيطرة على المدينة وطرد مُسلحي التنظيم منها.
فيديو قد يعجبك: