إعلان

العلاقات السعودية الإيرانية.. "تاريخ من التوترات"

02:23 م الإثنين 13 نوفمبر 2017

كتبت- هدى الشيمي:

تشهد العلاقات السعودية الإيرانية موجة جديدة من التوترات، تصاعدت وتيرتها في الأيام الأخيرة مع إطلاق صاروخ باليستي على العاصمة الرياض. وقالت المسؤولون السعوديون إن هذا يمكن اعتباره "إعلان حرب" من جانب طهران. زاد من التوترات إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، استقالته من السعودية والاتهامات التي وجهها لإيران وحليفها حزب الله.

وفيما يلي نستعرض أبرز محطات الخلافات السعودية الإيرانية:

"تحالف تاريخي"

ربما يصعب تصديق أن العلاقات بين السعودية وإيران كانت طبيعية. كانت الدولتان حليفتان وثيقتنا في وقت كانت فيه المنطقة مشتعلة.

وقعت طهران والرياض اتفاقية رسمية في الثلاثينيات، وتم افتتاح أول سفارة إيرانية في جدة، وتبادل مسؤولون من الجانبين الزيارات. ومع انهيار النظام الملكي في مصر، عقب قيام ثورة الضباط الأحرار عام 1952، عملت كل من الرياض وطهران على تعزيز العلاقات، والتعاون فيما بينهما لمنع سقوط ممالكهما.

1

وشهدت العلاقات تحسينا ملحوظا بعد وصول الملك فيصل الحكم، فقام بأكثر من زيارة إلى طهران، وعمل على ضمان التعاون المشترك بين البلدين، خاصة في المجال العسكري.

وسارت الأمور على ما يُرام، حتى انسحبت القوات البريطانية من البحرين عام 1968، واستقبلت المملكة الشيخ عيسى آل خليفة، وهذا ما رأته طهران اعترافا بالمملكة البحرينية الجديدة، فهددت إيران بالتعدي على البحرين، واعتبارها جزء منها، فقابلت السعودية التهديدات الإيرانية بعنف، وأكدت أنها ستتعامل مع أي طرف يهاجم البحرين عسكريا.

وبعد توسط المغرب بين البلدين، عادت الأوضاع إلى طبيعتها إلى حد ما، حتى وقعت الثورة الإيرانية، والتي قضت على نظام الشاه الإيراني، وأعلنت نظام جمهوري إسلامي عام 1979، لينتهي بذلك حكم الشاه محمد رضا البهلوي، ويحصل الخميني على السلطة.

اعتبرت السعودية الثورة الإيرانية تهديدا جديدا لها، وبدأت في العمل ضدها، بحسب ما قالته شبكة (سي إن إن).

حرب الخليج

وفي سبتمبر 1980، كُتبت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية، إذ قرر الرئيس العراقي صدام حسين الهجوم على إيران، والتي استمرت ثمانية سنوات، ودعمت فيها السعودية ودول خليجية أخرى بغداد.
وكان الزعيم الإيراني آية الله الخميني قد عمل على نقل الثورة الإيرانية للدول المجاورة، من بينها العراق، وذلك بعد محاولة السياسيين السنة الاستيلاء على مقاليد الحكم بالكامل، وعدم السماح للشيعة بالمشاركة بأي دور، حسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

2

وقالت بي بي سي إن وجهات النظر حول الدافع الحقيقي للغزو العراقي لإيران تفاوت بين التململ الشيعي الداخلي، والرغبة في الدفاع عن بلدان المنطقة من تصدير الثورة الإيرانية، واستغلال فرصة ضعف إيران بعد الثورة لتحقيق المزيد من النفوذ والسلطة.

وأغضبت المملكة إيران كثيرا خلال هذه الحرب، وذلك من خلال الدعم الذي قدمته المملكة للعراق، وأعلنت السعودية أن طائراتها الإف 15، اعترضت طائرات إف-4 فانتوم إيرانية، وأسقطت واحدة منها فوق مياه الخليج بعد أن اخترقت الطائرات الأجواء السعودية.

ولم تؤدِ الحرب إلى أي شيء، فعلى الجانب العراقي، فشلت قوات صدّام في ضم الأراضي على الضفة الشرقية، والحد من انتشار النفوذ الإيراني، أما إيران فلم تتمكن من اسقاط النظام العراقي، وتدمير القوة العسكرية العراقية.

أحداث مكة

وتصدعت العلاقات أكثر فأكثر عقب وقوع أحداث مكة عام 1987، إذ قام مجموعة من الشيعة بالاحتجاج في المدينة المُقدسة، رافعين شعارات الثورة الإسلامية، ونددوا بإسرائيل وأمريكا.

ورغم أن الشيعة اعتادوا على فعل ذلك بشكل دوري منذ الثورة الإيرانية، إلا الأوضاع عام 1987 كانت مختلفة، إذ قام حُجاج إيرانيون بمظاهرات وأعمال شغب، دفعت الشرطة السعودية لمقاومتها، ما تسبب في مقتل أكثر من 420 حاج نصفهم من الإيرانيين.

3

وتسببت هذه الأحداث في قطع الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران، تقليل العدد المسموح من الحجاج الإيرانيين من 150,000 إلى 45,000، وقاطعت طهران الحج لثلاث مواسم متتالية.

وبعد عام واحد، قطع الملك فهد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، واستمرت القطيعة حتى عام 1991.

"عصر جديد"

تغير الموقف الإيراني من السعودية، عقب تولي رؤساء إصلاحيين مثل هاشمي رفسنجاني، ومحمد خاتمي مقاليد الحكم، فتبادل مسؤولون بارزون من الطرفين الزيارات، وزار خاتمي المملكة عام 1999، في الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني للسعودية منذ قيام الثورة.

ووُقعت اتفاقية أمنية بين طهران والرياض في عام 2001
.
إلا أن الأمور لم تسر على نفس الوتيرة، فتصاعدت التوترات من جديد بين البلدين، عقب تولي الرئيس الإيراني المحافظ أحمدي نجاد السلطة، ودأبه على تطوير البرنامج النووي الخاص ببلاده، وسعى إلى تعزيز التعاون مع الأحزاب الشيعية في العراق، وزاد النفوذ الإيراني في بغداد، بعد الغزو الأمريكي عام 2003، والذي ساعد على انطلاق السياسيين الشيعة، وتوليهم الحكم.

"مؤامرات"

ووقعت في عام 2011 مجموعة من الأحداث التي أثرت على طبيعة العلاقات بين البلدين، فمع هبوب رياح التغيير مع قيام الثورات الربيع العربي، دعمت طهران الشيعة الذين قاموا بتظاهرات في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية، الأمر الذي تصدت له المملكة لوقف ما وصفته بالمد الشيعي في المنطقة.

5

وفي العام ذاته، كشفت واشنطن عن احباط مؤامرة إيرانية لتفجير سفارتي اسرائيل والسعودية، واغتيال عادل الجبير، السفير السعودي في الولايات المتحدة آنذاك.

وردا على ذلك قالت الرياض إن إيران ستدفع ثمن ما فعلته.

وفي إطار جهودها للتصدي للمد الشيعي المدعوم من إيران، شنت السعودية حملة عسكرية على مليشيات الحوثيين في اليمن، لعرقلة مساعي إيران في التوغل بالمنطقة مستغلة الصراعات والمشاكل التي تحدث في اليمن، وسوريا.

وقررت السعودية قيادة تحالفا عربيا ضد المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران، لدعم الحكومة الشرعية برئاسة عبدربه هادي منصور، وذلك بعد اجتياح الحوثيين وحلفاءهم العاصمة صنعاء وطردوا الحكومة الشرعية إلى مدينة عدن الساحلية في أواخر 2014
.
6

وأفادت تقارير إعلامية أن خسائر المملكة جراء هذه الحرب تجاوزت 150 مليار دولار، وفي المقابل دعت طهران الرياض لإنهاء حربها في صنعاء فورا، واتهمتها بإحداث كارثة انسانية في اليمن.

وأغضب التدخل الإيراني في سوريا، ودعم طهران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد المملكة، فقررت دعم القوات السورية المعارضة لبشار، وسحبت وفهداه من بعثة حفظ السلام التابعة للجامعة الدول العربية من سوريا، وأغلقت سفارتها في دمشق، وطردت السفير السوري من أراضيها.

الاتفاق النووي

وتصاعدت حدة الأمور، مع توصل إيران إلى اتفاق نووي مع القوى العالمية الست في يوليو 2015، والذي يخفف من العقوبات المفروضة عليها، ويسمح لها بتطوير قدراتها النووية.

4

وبحسب وثائق كشفها موقع ويكليكس، فإن بعض القادة السعوديين من بينهم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ضغطوا على واشنطن لاتخاذ موقف أكثر تشددا من إيران، فيما يخص برنامجها النووي.

حادث منى

توفي مئات الحجاج من بينهم حوالي 464 حاج إيراني في أحداث التدافع التي وقعت في منى في سبتمبر 2015
.
وحمّلت إيران السعودية مسؤولية وقوع الحادث، وأكد مسؤولون إيرانيون أنه على السعودية تحمل مسؤولية ما وصفوه بـ"الكارثة" التي حلّت بالحجاج. وطالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بالتحقيق في الواقعة ووقائع أخرى حدثت خلال موسم الحج ذلك العام.

7

ودفعت حالة الغضب التي اعترت الإيرانيون إلى قيامهم باحتجاجات أمام السفارة السعودية في طهران.

وفي المقابل دافعت السعودية عن نفسها ضد الانتقادات التي وجهت إليها بسبب التدافع الدامي. وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان إن المأساة التي حدثت "ربما تسبب فيها حجاج لم يلتزموا بالتعليمات الرسمية"، متعهدة بسرعة استكمال التحقيق في الحادث.

نمر النمر

أحدث إعدام الداعية الشيعي البارز نمر النمر في السعودية زلزالا في العلاقات السعودية الإيرانية، إذ أصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانا يكشف عن إعدام المملكة لـ47 شخصا وصفتهم بالإرهابيين بينهم النمر.
ولم تستجب المملكة لدعوات وتحذيرات إيران بأن إعدام النمر سيكلفها الكثير، ونُفذ الأحكام بالسيف، ورميا بالرصاص.

8

وادانت إيران والمجلس الشيعي الأعلى في لبنان والحوثيون، والشيعة في العراق عملية الاعدام.

وقال التليفزيون الإيراني نقلاً عن وزارة الخارجية ان "السعودية ستدفع ثمناً غالياً لإعدام النمر".

وبعد تنفيذ الحكم على النمر، حدثت مجموعة من الاحتجاجات، وخرجت تظاهرات واحتجاجات في البحرين، وحمل المتظاهرون صورا للنمر، فتعاملت معهم القوات الأمن بالقوة.

اقتحام السفارة

بلغت الأحداث ذروتها بهجوم متظاهرين إيرانيين على مبنى السفارة السعودية في طهران، وإلقائهم قنابل حارقة عليها، ما أدى إلى اشتعال النار بها.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، إن المتظاهرين رشقوا مبنى السفارة بالزجاجات الحارقة، وتمكنوا من اقتحام السور ودخول حرم المقر قبل أن تخرجهم منه الشرطة.

وكشفت صور على مواقع التواصل الاجتماعي عمليات تدمير ونهب وعبث بمحتويات مقر السفارة عقب اقتحامه.

9

وبعد أيام من وقوع الاعتداء على السفارة السعودية، أعلنت المملكة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ودعت البعثة الدبلوماسية الإيرانية المتواجدة على أراضيها لمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحفي إن "الاعتداء على السفارة والقنصلية" السعوديتين في إيران، "يشكل انتهاكا صارخا لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية".

الأزمة القطرية

أعلنت المملكة العربية السعودية ودول أخرى (مصر- الإمارات- البحرين)، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في يونيو الماضي، وذلك بعد اتهامها بالتقرب من إيران والسماح لها بالتدخل في المنطقة.

وتبادل مسؤولون من السعودية وإيران الاتهامات على خلفية الأزمة القطرية. ولا تزال الأزمة تراوح مكانها دون حل يبدو في الأفق.

استقالة الحريري

وتفاقمت الأزمة بعد استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في خطاب متلفز من العاصمة السعودية الرياض، وأكد الحريري في كلمته أن إيران تنشر الخراب أينما حلت، وأن حزب الله الذي تدعمه بات دولة داخل دولة، فيما اعتبرت طهران استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، طليعة مغامرة أمريكية إسرائيلية سعودية جديدة، في وقت بات فيه حلفاؤهم يتقربون منها.

فيديو قد يعجبك: