لماذا تحولت السعودية وإيران من "حرب الوكالة" إلى المواجهة المباشرة؟
كتبت – رنا أسامة:
على مدى أكثر من 3 عقود، ظلت المواجهات بين السعودية وإيران تعتمد على حروب الظل عبر الوكلاء، قبل أن تتصاعد حدة الصراع بين "العدوين" إلى المواجهة المباشرة، في سباق لتعزيز النفوذ يوشك أن يصل إلى ذروته، من صنعاء إلى بيروت وعشرات الآلاف من الأميال بينهما.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية فإن المواجهة بين الجانبين تهدد بخطر التصعيد بين "عدوين"، استندت حساباتهما لفترة طويلة حساباتهما إلى فكرة أن "حروب الظل عبر الوكلاء كانت أكثر أمنًا من المواجهة المباشرة".
وتُشير الصحيفة البريطانية إلى أن التحوّل الجديد في النهج بين السعودية وإيران، قادته الرياض، التي تشهد نظامًا جديدًا.
فقد مُنِح ولي العهد الطموح، القوي على نحو غير عادي، الأمير محمد بن سلمان، صلاحية من والده الملك سلمان بن عبدالعزيز، لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد ما تعتبره المملكة وحلفاؤها في الإمارات العربية المتحدة، "تعديًا إيرانيًا" على المعالم الأساسية للعالم العربي السُنّي.
وفي الوقت نفسه، ترى "الجارديان" أن دور بن سلمان على الجبهة الداخلية يبدو محدودًا، قائلة إن "الإصلاحات الثقافية والاقتصادية، والحيد عن أشكال الحكم التقليدية، وتطهير المملكة من الفساد في إطار حملة اعتقالات طالت أمراء ووزراء ومسؤولين، تركت المجتمع السعودي يترنّح".
بعد 6 أشهر من عمله، تقول الصحيفة إن الأمير السعودي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وصلا إلى قناعة أن "الوقت قد حان لمواجهة إيران"، انطلاقًا من عقيدة أن "النفوذ الإيراني احتل بغداد ودمشق وغزة ولبنان، ويخطو في طريقه باتجاه اليمن والمنامة".
الحصن السني
وقال سياسي لبناني إن "الانقسام الأساسي بين طائفتيّ الإسلام الرئيسيتين -السُنّة والشيعة- مثّل معيارًا أساسيًا انطلقت منه محاولات شرح طبيعة التنافس المعاصر بين طهران والرياض. غير أن مُحدّدات جديدة دخلت في تكوين هذه المنافسة، تتعلّق بالسلطة السياسية والنفوذ، لا سيما في سنوات ما بعد الرئيس العراقي صدّام حسين، ما أدى إلى زعزعة استقرار مركز المنطقة".
وأضاف أن "صدام كان الحِصن السني"، بحسب وصفه، مُضيفًا أن "هذا المفهوم لا يفهمه سوى السعوديين الذين يحاولون السير على خُطاه بعد كل هذه السنوات".
وقال مسؤول سعودي رفيع المستوى، غادر المملكة العام الماضي، إنه في الوقت الذي اعتقد فيه السعوديون أن الولايات المتحدة تفعل ما يلزم لعرقلة جهود إيران، كانت طهران تتوغل أكثر ويزداد نفوذها في المنطقة.
وتابع: "والأمر الآن شبه مُنتهي، لذلك السعوديون لديهم الحق في أن يقلقوا. لا سيما وأن الأمور تغيرت كثيرا في الشرق الأوسط، وهم لم يفعلوا شيئا حيال ذلك".
ممر بري
وفي العام الماضي، لعبت إيران دورا قياديا في هزيمة عسكرية وشيكة لتنظيم داعش، ودعمت قواتها إيران تدعم جيش بشار الأسد في سوريا، وتحالفت مع الجيش العراقي والقوات شبه العسكرية التي تقاتل معها.
وقد فعلت ذلك أساسا من خلال استخدام الوكلاء الذين لعبوا أدوارا أساسية في معظم المعارك -بما في ذلك إعادة الاستيلاء العراقي على كركوك-، وساعدوا على مسح الأراضي عبر وسط العراق وكثير من سوريا التي أصبحت حيوية من الناحية الاستراتيجية.
وتُعِد إيران الآن لممر بري يمتد من طهران إلى طرطوس في سوريا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ما يسمح لها بالوصول إلى مرفأ على طول الطريق إلى ساحلها الغربي، بعيدًا عن مياه الخليج العربي الواقعة تحت رقابة شديدة.
ويمر الطريق عبر وسط العراق وسوريا، متجاوزًا الحدود اللبنانية، وبعض المناطق الأكثر نشاطًا في الحرب الأهلية السورية، والتي أعيدت إلى سيطرة النظام. وقال مسؤول كبير بمخابرات إقليمية للجارديان "شهران فقط ويتم الانتهاء من ذلك الممر". مُضيفًا "هذا سيغيّر مجرى الأمور. فهو يزوّد الإيرانيين بخط إمداد مفتوح لنقل ما يريدون. كما يمنحهم عُمقًا استراتيجيًا. إنها صفقة كبيرة".
"رأس السهم"
ومن بين جميع وكلاء إيران، تلفِت "الجارديان" إلى أن حزب الله في لبنان أكثرهم قيمة وقوة؛ فهو بمثابة "رأس السهم" الذي تُصوّب به إيران ضد إسرائيل، كما أنه لاعب رئيس وفاعل في صراعات إقليمية أخرى -وتحديدًا في سوريا، حيث وقع ما لا يقل عن 1500 إصابة بين عناصره- وكذلك في اليمن والعراق.
وقد أبدى أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، اهتمامًا بالغًا بالحرب السعودية في اليمن. وتعتقد الرياض أن حزب الله كان له دور أساسي في تسليح وتدريب الحوثيين، وتتهمه بالوقوف وراء الصاروخ الباليستي الذي أُطلق على مطار الرياض ليلة استقالة الحريري.
فيديو قد يعجبك: