لماذا أرادت بريطانيا إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين؟
كتبت – إيمان محمود:
قرن كامل مر على إصدار وعد "بلفور" المشؤوم، الذي يُعد أول خطاب رسمي يزعم أن لليهود حق إقامة دولة على أرض فلسطين، والتي تعتبر أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود، حيث أبلغ رئيس الوزراء البريطاني وقتها آرثر جيمس بلفور، البارون روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا، بموقف بريطانيا المتعاطف مع اليهود وتعهدها بمساندتهم.
وجاءت رسالة بلفور تتويجا لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا، حيث جرى أول لقاء بين حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية، وبلفور عام 1904 وتناول موضوع إقامة وطن لليهود في فلسطين.
ويثير إعلان بلفور –كما تطلق عليه بريطانيا- تساؤلات حول أهدافها وإصرارها على مساعدة اليهود في إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين،
وقد ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن هناك عدة تفسيرات لهذا الوعد، أولها أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك.
أما التفسير الآخر التي ذكرته "بي بي سي" هو سبب ديني بحت، حيث قالت إن بريطانيا كانت تعتقد بأن العهد القديم "التوراة" تضمن حق إسرائيل في فلسطين، وبالتالي فعليها مساندتها في الحصول على هذا الحق.
جيمس زغبي هو أكاديمي أمريكي ومؤسس المعهد العربي الأمريكي، قال في مقال نشره بصحيفة "الأيام" البحرينية، إن الصهاينة البريطانيين كان لهم علاقات وطيدة مع السلطات البريطانية، وقاموا بمحاولات عديدة لإثبات أنهم "حاملين لواء الثقافة الغربية .. وسيوسعون الإمبراطورية البريطانية".
وكان الصحفي اليهودي ثيودور هرتزل –مؤسس الحركة الصهيونية- يقول إن إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين يمكن أن يمثل حصناً لدول أوروبا ضد آسيا، ومعقلاً للحضارة ضد البربرية.
وأكد "زغبي" في مقاله إن البريطانيون لم يحتاجوا لكثير من الإقناع من الصهاينة، فقد كانت مصلحتهم في حماية تمركزهم بالشرق الاوسط، واستنادًا إلى نموذجهم في تأسيس الشركات لتكون بمثابة "وكلاء" لهم.
ونقل "زغبي" في مقاله كلمة اللورد شافتسبري السابع، واحد من أهم الشخصيات الإنجليزية في القرن التاسع عشر، حيث قال أمام البرلمان البريطاني عام 1876 إن "سوريا وفلسطين سرعان ما ستصبحان مهمتين جداً.. فالبلد يحتاج إلى رأسمال وسكان، ويمكن لليهود توفير الأمرين"، متسائلاً: "أليست لإنجلترا مصلحة خاصة في تشجيع ذلك؟"، مضيفاً: "ستكون ضربة في وجه إنجلترا إذا تمكن أي من منافسيها من السيطرة على سوريا، فحُضوا إنجلترا على تأسيس قومية لليهود هناك، وساعدوهم على العودة".
فيما أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه قبل أيام من إصدار الإعلان، قال آرثر بلفور في اجتماع لمجلس الوزراء إن الدعوة إلى القومية اليهودية ستكون بمثابة حملة دعائية مفيدة لكل من روسيا وأمريكا، خاصة وأن تعداد السكان اليهود كان كبيرا في الدولتين، كما كانت اسهاماتهما ضرورية للفوز في الحرب العالمية الأولى.
وبعد إصدار الإعلان، ألقت الطائرات البريطانية منشورات على مناطق الجاليات اليهودية في ألمانيا والنمسا، تشير إلى أن هناك بعض الأعمال التي تقوم بها الحكومات لصالح اليهود.
ولفتت الصحيفة إلى أن إعلان بلفور كان حلقة في سلسلة الجهود الدبلوماسية البريطانية التي ساعدت على وضع خريطة الشرق الأوسط الحديث.
وفي عام 1916، اتفقت بريطانيا مع فرنسا وروسيا، بشكل سري، على تفتيت الإمبراطورية العثمانية، وبعد عام واحد، ومع قيام الثورة البلشفية، سعت بريطانيا إلى تعزيز الحدود الفاصلة بين الأراضي الفلسطينية، وبلاد الشام التي يسيطر عليها الفلسطينيون، ومن جانبهم ضغط الصهاينة على الحكومة البريطانية لكي يتم وضع فلسطين تحت الحماية البريطانية، بحسب الصحيفة.
فيديو قد يعجبك: