هآرتس: هل اضطر "السادات" للسلام خوفا من ضربة نووية إسرائيلية؟
كتب – عبد العظيم قنديل:
زعمت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات اضطر لاتخاذ مسار السلام بديلا عن الحرب بعد الانتصار في عام 1973، نتيجة عدة أسباب معروفة وغير معروفة، ومن بين الأخيرة "الخوف من توجيه إسرائيل ضربة نووية لمصر".
وفي تقرير عنونته بـ:"كيف ساعد الخوف من الأسلحة النووية الإسرائيلية في اتمام صفقة السلام بين مصر وإسرائيل"، قالت الصحيفة: لم يكن هناك تقريبا أي نقاش بشأن التأثير الاستراتيجي للقدرات النووية الإسرائيلية على مسار الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، وعلى مصر بوجه خاص، في الفترة بين 1967 حتى 1979، لكن إسرائيل أصبحت دولة نووية بحكم الأمر الواقع، مما دفع القاهرة إلى التخلي عن المسار العسكري في الصراع مع تل أبيب، والانتقال إلى المسار الدبلوماسي.
كانت مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل بمنتجع كامب ديفيد الامريكي، بدأت في الخامس من سبتمبر عام 1979، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وتم توقيعها رسميًا في السابع عشر من سبتمبر بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحم بيجن، ولعب دور الوسيط الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
وقالت الصحيفة: خلال حقبة الرئيس جمال عبدالناصر، بذلك مصر جهودًا حثيثة من أجل القضاء على البرنامج النووي الإسرائيلي من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية، أو محاولة الحصول على أسلحة نووية من الاتحاد السوفيتي أو الصين، بالإضافة إلى مساعي القاهرة التعاون مع ليبيا بهدف تصنيع "قنبلة نووية عربية.
وأضافت: استثمرت مصر في عهد السادات بكثافة لتطوير القدرات العسكرية التقليدية التي أدرك حينها الرئيس أهميتها في حسم المواجهة التي ينتظرها المصريون مع الجيش الإسرائيلي، ومن ثم، قام السادات بتجميد البرنامج النووي المصري وخصص موارد واسعة لإعداد الجيش المصري للتغلب على خط بارليف والاستيلاء على أجزاء من سيناء.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن القيادة المصرية حينها اعتقدت أن إسرائيل لن تلجأ إلى الرد النووي أو حتى التهديد به في أي مواجهة عسكرية داخل شبه جزيرة سيناء، إلا أن القدرة الإسرائيلية على توجيه ضربة نووية أثرت على قرار السادات بعد ذلك ودفعته للتخلي عن الحلول العسكرية.
وتابع التقرير الإسرائيلي: فؤاد جابر كان "أول باحث عربي" يلاحظ وجود علاقة محتملة بين الصراع العربي الإسرائيلي والخوف من أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية، مشيرا إلى كتاب "الأسلحة النووية واستراتيجية إسرائيل"، والذي حظي باهتمام كبير في ذلك الوقت في العالم العربي.
والباحث المصري فؤاد جابر كان عضو سابق في هيئة التدريس في دائرة العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن الجدال المجتمعي داخل مصر، بعد حرب أكتوبر 1973، كان يتركز على الثمن الذي ستدفعه مصر جراء صراعها مع الدولة العبرية، منوهة إلى أن تبني القرار الدبلوماسي للسادات حينها كان محاولة لتحقيق أهداف مصر في الصراع مع إسرائيل، علاوة على أنه كان نتيجة لاعتبارات محلية وإقليمية ودولية.
ووفقًا للتقرير، كانت الطبقة المصرية المتعلمة على دراية بالتحليلات التي تم نشرها من خلال المجلات والكتب في العالم العربي، حيث كانت مصر معرضة بشدة لضربة نووية، لاسيما مع تركيز الكثافة السكانية في وادي النيل، وبذلك لا تعتبر مصر في مرمى ضربات نووية قاسية فحسب، لكن معرضة إلى "الإبادة والفناء".
وفي كتابه "معركة من اجل السلام" عام 1981، كشف عازر وايزمان، الرئيس الاسرائيلي السابق ووزير الدفاع الإسرائيلي خلال محادثات السلام الاسرائيلية المصرية، عن تصريحات قالها مسؤولون مصريون رفيعو المستوى، في مفاوضات كامب ديفيد، حول القدرات النووية الإسرائيلية.
ويضيف التقرير، يقتنع الشعب العربي عموما بأن إسرائيل لن تتردد في استخدام قدراتها النووية إذا ما واجهت تهديد وجودي، إلا أن الخبراء حذروا من أن تصعيد المواجهة مع إسرائيل على المستوى النووي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة مختلفة عن التصعيد بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
وقالت هاآرتس: قرار مصر بالتخلي عن الحل العسكري لصالح الدبلوماسية والتوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل مقابل عودة شبه جزيرة سيناء إلى السيادة المصرية يمكن أن يكون ناتج عن جملة من الأسباب، والتي منها اعتراف ضمني من قبل القاهرة بأن المسار العسكري وصل إلى طريق مسدود، فضلًا عن التكاليف الاقتصادية الباهظة التي تتحملها مصر نيابة عن الفلسطينيين وبقية العالم العربي.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر مارس ضغطًا كبيرًا على الإسرائيليين، خلال مباحثات السلام في كامب ديفيد، حيث هدد كارتر نظيره الإسرائيلي بالتوقف عن دعم البرنامج النووي الإسرائيلي في حال رفضه التوقيع على اتفاقية السلام مع الرئيس المصري الراحل.
فيديو قد يعجبك: