تقرير إسرائيلي: لماذا لن تتحول المظاهرات الفلسطينية إلى انتفاضة؟
كتبت- رنا أسامة:
رجّح موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي عدم تحول التظاهرات الفلسطينية المُنددة باعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى انتفاضة شعبية، طالما لا يجني القادة العرب وإيران من ورائها أي طائل.
وقال الموقع الاستخباراتي، في تقرير عبر موقعه الإلكتروني السبت، إن حركة حماس وجدت نفسها تُصارع بمفردها في انتفاضة مُسلّحة واسعة النطاق، لا تثير سوى أصداء صامتة في العالم العربي والشارع الفلسطيني احتجاجًا على قرار ترامب بشأن القدس.
وزعم "ديبكا" أن معظم الفلسطينيين لا يرون في إرسال أبنائهم للقتال أي مغزى. ومع ذلك، تبث وسائل الإعلام الرئيسية في إسرائيل تقاريرًا، تُظهِر حماس-بكلام مُنمّق- باعتبارها قوة عالمية عُظمى تهدد بنشوب حرب عالمية ثالثة.
حكام حماس في قطاع غزة تمنحهم سلطاتهم إمكانية إطلاق وابل من الصواريخ ضد الاحتلال، وهو ما يمكن أن يكون إجراءً ضارًا وفتّاكًا بما يكفي لتحريك مواجهات كبيرة مع قوات الاحتلال. لقد فعلوا ذلك من قبل، لكنهم لم يقوموا بذلك إلى الآن. وخلال تبادل الضربات ليلة الجمعة الماضية، انسحبت حماس بشكل واضح، ما يُظهِر أن خطابها لم يتعدّى كونه "كلامًا مُجرّدًا"، بحسب ديبكا.
وأطلقت المقاومة الفلسطينية ثلاثة صواريخ على الأقل يوم الجمعة من القطاع الذي تسيطر عليه حماس صوب الاحتلال، بعد أن أعلنت فصائل فلسطينية يوم الجمعة "يوم غضب" للاحتجاج على قرار ترامب.
وشنّت قوات الاحتلال غارات جوية جديدة على قطاع غزة، السبت. وقالت "حماس" إن اثنين من أفرادها قُتِلا في القصف. فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان إن طائراته "استهدفت أربع منشآت تابعة لتنظيم حماس في قطاع غزة: موقعين لصنع السلاح ومخزنا للأسلحة ومجمعًا عسكريًا".
وفي هذا الصدد، لفت "ديبكا" إلى إدراك قادة حماس أن فرصهم لعمليات ضد الاحتلال باتت أضيق من أي وقت مضى. وعزا ذلك إلى أنهم يُقاتلون بمفردهم، بتمويل قليل للغاية، وبدون أن يدعمهم مؤيّدون حقيقيون في العالم العربي، فضلًا على أن شعبيتهم في المجتمع الفلسطيني آخذة في التراجُع.
ولفت الموقع إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) لم يستجب من قبل لدعوات حماس بالمقاومة، لما كان يُمكن أن يتسبب فيه من إشعال صراع كبير. وفي نهاية الأمر، جاء اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ليدمر كافة الجهود السياسية التي بذلها عباس في سبيل تحقيق "اتفاق سلام مُستدام بين الجانبين، بحسب ديبكا.
بعد إعلان ترامب قراره بشأن القدس بفترة وجيزة، مساء الأربعاء، أجرى عباس اتصالًا هاتفيًا مع زعيم حماس، إسماعيل هنية، أعلن خلاله انضمامه إلى دعوة حماس للرد على القرار الأمريكي.
وزعم الموقع أن عباس تراجع عن قراره عندما أدرك أن هنية كان يُخطط لاستغلال أزمة القدس كذريعة للسيطرة على الحكم في قطاع غزة، الأمر الذي كان من شأنه، وفق ديبكا، تدمير اتفاق المُصالحة الذي عملت فيه مصر منذ أشهر طويلة كوسيط؛ أملًا في توحيد الفصيلين الفلسطينيين (فتح وحماس)، وجعل قطاع غزة تحت إدارة السلطة الفلسطينية.
وقال الموقع إن المسيرات المناهضة لقرار ترامب في الضفة الغربية يومي الخميس والجمعة كانت محدودة، مقارنة بعدد كبير من الاضطرابات العنيفة التي شهدتها الضفة في السابق.
لم يقتصر قرار التراجع عن الاشتباك مع الجانب الإسرائيلي على أبومازن وحده؛ إذ قرّرت إيران هي الأخرى عدم التورّط في تأجيج المقاومة الفلسطينية؛ لانشغالها بأمور أهم، مُتجاهلة محاولات أمين عام حزب الله حسن نصرالله لدفعها بقوة من أجل توجيه حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة لتصعيد الاحتجاجات ضد ترامب.
وأوضح "ديبكا" أن الاهتمام الإيراني مُنصبّ على نقطة التحول في الحرب الأهلية اليمنية، من خلال المملكة العربية السعودية كباب خلفي، بعد نجاح قوات الحرس الثوري -بالاشتراك مع حزب الله- في اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بعد أن دفع المتمردين الحوثيين في مرمى التحالف الذي تقوده السعودية للقتال معهم. الأمر الذي دفع الحوثيين إلى القضاء على المعارضة؛ باغتيال مئات الضباط والقادة الموالين لصالح.
عامل آخر يُزيد من احتمالات عدم تصعيد المقاومة الفلسطينية، بحسب الموقع الاستخباراتي، هو أن القضية الفلسطينية لا تشغل اهتمامًا كبيرًا في حسابات معظم أعضاء الجامعة العربية.
واجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، السبت، لعقد "جلسة طارئة حول القدس"، وحثّوا الولايات المتحدة على العدول عن قرارها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووصفوا إعلان ترامب بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي"، مُحذّرين من أن الخطوة قد تؤدي لتأجيج أعمال العنف بالمنطقة.
وفي نيويورك، اختتمت جلسة طارئة للأمم المتحدة حول القد، ببيان مُشترك لسفراء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد وبريطانيا، يُعربون خلاله عن "خيبة أملهم". وقالوا "إننا نعارض القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل". وتابعوا "يجب تحديد وضع القدس من خلال المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين للوصول إلى اتفاق نهائي". بعد ذلك، عادت القوى "المُحبطة" إلى بلادها.
وأعلن ترامب، في خطاب من البيت الأبيض، مساء الأربعاء، القدس عاصمة لدولة لإسرائيل. وزعم أن اعترافه، "يصُب في مصلحة عملية سلام، ويدفع قدمًا إلى اتفاق سلام مستدام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإعلان ترامب، وقال إن "أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن القدس عاصمة للدولة العبرية"، وفق زعمه. ويتوقع أن تؤجج تلك الخطوة التوتر والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
ولا يعترف المجتمع الدولي بسيادة إسرائيل على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ويهودية ومسيحية مقدسة، كما أن الفلسطينيين يطالبون بالمدينة عاصمة لدولة مستقلة معترف بها دوليًا على أساس حدود 1967.
فيديو قد يعجبك: