كاتبة أمريكية: ترامب قوّض صفقة القرن بخطابه عن القدس
فيلادلفيا- (أ ش أ):
رأت الكاتبة الأمريكية ترودي روبين، أن موقف الرئيس دونالد ترامب من قضية القدس ينأى بعيدًا بإبرام صفقته الشرق أوسطية الكبرى.
وأكدت روبين - في مقالها بصحيفة (فيلادلفيا إنكوايرر) - أن خطاب ترامب سيء التوقيت جاء بأثر معاكس تماما لما وصفه هو بأنه "خطوة تأخرت كثيرا لدفع عملية السلام"؛ ذلك فإن ترامب بخطابه هذا قد قوّض بشكل قد يكون قاتلاً المهّمة المُستَبعدة التحقق بالأساس التي عزا بها إلى صهره جاريد كوشنر ومحاميه جيسون جرينبلاط، بإبرام صفقة سلام كبرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ورصدت روبين إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأربعاء، عن رفض أي دور مستقبلي للولايات المتحدة كوسيط، إضافة إلى رفضه استقبال نائب الرئيس مايك بنس الأسبوع المقبل.
ورأت الكاتبة، أن الرئيس ترامب بخطوته تلك المصدِّقة على سيطرة إسرائيل على المقدسات الإسلامية في البلدة القديمة بالقدس، إنما قد سلّم خصوم إسرائيل في اسطنبول وطهران عصًا غليظة، فيما أضعف (ترامب) بذات الخطوة تحالفات استراتيجية مع قوى أخرى بالمنطقة.
ونبهّت روبين إلى أنه من السهل الوقوف على أسباب خطورة تبعات هذه الخطوة غير الاستراتيجية من جانب ترامب على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء؛ مشيرة إلى أن القدس الشرقية بغالبيتها العربية والبلدة القديمة بمقدساتها الإسلامية والمسيحية واليهودية طالما كانت نقطة مفصلية في أي تفاوض على السلام.
وعليه، بحسب الكاتبة، فحينما يتحدث ترامب عن اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دونما تمييز بين جزأيها، فإن معظم الدول سترى ذلك بمثابة تصديق أمريكي على استحواذ إسرائيل على القدس كلها.
ورصدت روبين تصديق المسؤولين الإسرائيليين لهذا الموقف من جانب ترامب: بأن القدس باتت بنسبة مائة بالمائة لإسرائيل؛ ومن هؤلاء، نفتالي بينيت، وزير التعليم الذي قال: "لقد أسهم خطاب ترامب بشكل جيد في إزالة أي لبس"؛ أما يوري إرييل، وزير الزراعة الإسرائيلي فقال: "لم يقل ترامب (القدس الغربية).. كل شخص فهم معنى زيارة ترامب للحائط الغربي بالبلدة القديمة عندما زار القدس".
ولفتت صاحبة المقال، إلى أن الفلسطينيين أيضًا فهموا خطاب ترامب على نفس النحو؛ فهذا محمد أشتية، وزير الاقتصاد الفلسطيني والذي شارك كثيرا في المفاوضات مع إسرائيل يقول: "لقد أنهى ترامب على المفاوضات، لا مجال أمام الفلسطينيين للعمل على أية قضايا أخرى بدون القدس.. أنت وسيط؛ ومن ثم تحتاج إلى أن تكون وسيطا أمينًا .. أما الآن فقد قررت أن تنحاز إلى طرف.. إن ترامب قد أقصى نفسه".
وعليه، بحسب الكاتبة، فإنه ليس مدهشًا، في ظل حساسية قضية القدس، أن يعمد الرئيس عباس الذي يواجه ضغوطا إلى مطالبة الأمم المتحدة بتوّلي دور الوسيط من يد الولايات المتحدة. إن القادة الفلسطينيين، الذين عقدوا اجتماعات عدّة مع كوشنر وجرينبلاط، قد شعروا بالخيانة. وفي هذا المعنى قال الرئيس عباس الذي وعده ترامب "بصفقة القرن" إنه (ترامب) بدلا من ذلك قد سدّد إليهم "صفعة القرن".
لا، وليس غريبا أيضا، بحسب الكاتبة، أن يطالب مؤتمرٌ طارئ ضمّ وفودا من 57 دولة مسلمة في اسطنبول، الأربعاء، بأن يتراجع ترامب عن موقفه بشأن القدس.
وشددت روبين، على أن إثارة ترامب لقضية القدس في هذا التوقيت وعلى ذلك النحو قد دفعت العاهل السعودي إلى الإعلان عن الإصرار على وجوب أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
وحذرت الكاتبة عن أنه على الرغم من الهدوء الحذر الذي لا زالت تتلفع به المنطقة، إلا أن قضية المقدسات الدينية في القدس تمتلك خصائص اشتعال العنف حتى لو لم يرغب الساسة في ذلك.
ورأت روبين، أن ترامب شخصيا إذا تراجع عن تصريحاته بشأن القدس، أو أشار إلى القدس الشرقية كعاصمة محتملة للفلسطينيين، فإن ذلك قد يهدئ حدّة الأوضاع؛ ومن الصعب رؤية مفاوضات جديدة تبدأ دونما مثل هذه الخطوة التصحيحية.
واختتمت الكاتبة قائلة: "إذا آلت المفاوضات بشأن حل الدولتين إلى توقف دائم، فإن إسرائيل بذلك تكون متجهة إلى حل (الدولة الواحدة) وهو ما يعني أن العرب سيتفوقون سريعا في عددهم على نظرائهم اليهود على الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: