زيارة بنس.. "رسالة إلى مصر" ورفض من فلسطين والأزهر والكنيسة
كتب – محمد الصباغ:
يصل نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مايك بنس، إلى مصر يوم الأربعاء المقبل ليلتقي بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في أول زيارة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى المنطقة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وهو القرار الذي رفضته أغلب القوى الدولية.
ومن المقرر أن يناقش السيسي وبنس آخر التطورات في المنطقة بجانب سبل مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
وكانت صحيفة واشنطن بوست تحدثت عن رسالة من ترامب إلى السيسي عبر بنس، فحواها "ترغب إدارة ترامب في إيصالها بشكل واضح وبما لا يدع مجالًا للالتباس: مصر ما تزال شريكًا (مهمًا للغاية) في المِنطقة".
وأشارت الصحيفة إلى أن بنس كان يُخطط لاستهلال جولته الشرق أوسطية بزيارة إسرائيل، لكنه أعاد ترتيب برنامج رحلته ليبدأها من القاهرة، حيث يُتوقع عقد لقاء ثنائي مع الرئيس السيسي يوم الأربعاء.
وأُجري هذا التغيير، بحسب مسؤول في الإدارة الأمريكي، الخميس؛ لأن نائب الرئيس شعر أنه من الضروري مخاطبة المسلمين والعالم العربي بأسره، ومصر المِنصة المُثلى لتوجيه هذا الخطاب، في أعقاب قرار ترامب بشأن القدس.
بنس الذي وقف خلف رئيسه ترامب وهو يرفع بفخر القرار الذي يحمل توقيعه بالاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، رفض استقباله كل من الرئاسة الفلسطينية وشيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية.
واشتعلت المدن الفلسطينية بالمظاهرات عقب القرار الأمريكي وانطلقت المظاهرات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ليواجهها الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص الحي وقنابل الغاز والاعتقالات.
لم يسلم من رصاصه حتى المقعدون ولا من قصفه الأطفال. أسفرت الاشتباكات المستمرة على مدار الأيام الماضية عن استشهاد 10 أشخاص وإصابة حوالي 3400 أخرين بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وكان من بين الشهداء الشاب مبتور القدمين إبراهيم أبو ثريا الذي استهدفه جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة برصاصة في الرأس، في حين كان من بين المصابين في قصف إسرائيلي على غزة الرضيع الفلسطيني يوسف عماد اشكيان البالغ من العمر ستة أشهر.
كان من المقرر أن يصل مايك بنس إلى الشرق الأوسط أمس السبت لكن تم تأجيل الزيارة إلى الأربعاء، وقالت وسائل إعلامية أمريكية أن المسؤولين بالبيت الأبيض أكدوا أن الهدف وراء الإرجاء هو السماح لنائب الرئيس بترأس مجلس الشيوخ خلال التصويت على خطة الإصلاح الضريبي التي تشهد شدًا وجذبَا بين الجمهوريين والديمقراطيين.
بحسب البيت الأبيض، يصل بنس إلى القاهرة الأربعاء المقبل ويمكث لعدة ساعات حيث يلتقي بالرئيس عبدالفتاح السيسي.
ورفض الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لقاء نائب الرئيس الأمريكي في بيان رسمي، ودعا فيه الولايات المتحدة بالتراجع عن القرارات غير المشروعة بحق القدس.
وقال الطيب يوم الجمعة الموافق الثامن من ديسمبر: "لا يمكن أن نجلس مع مزيفي التاريخ وسالبي حقوق الشعوب".
في اليوم التالي، خرجت الكنيسة القبطية لتعلن هي الأخرى رفض استقبال مايك بنس احتجاجًا على إعلان الإدارة الأمريكية الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
ومن جانبها أعلنت الرئاسة الفلسطينية عدم استقبالها لأي مسؤول أمريكي بعد قرار ترامب، كما أكدت أن الولايات المتحدة لم تعد مؤهلة لتلعب دور الوساطة في عملية السلام.
وقال جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية بحركة فتح، في الثامن من ديسمبر، إن مايك بنس "غير مرحب به" خلال زيارته المقررة إلى المنطقة.
وحذرت الولايات المتحدة في اليوم التالي من مغبة عدم استقبال فلسطين لنائب ترامب، وقال البيت الأبيض إن هذه الخطوة من الجانب الفلسطيني ستأتي بنتائج عكسية.
لكن مستشار الرئيس الفلسطيني أكد مرة أخرى بعد تصريحات البيت الأبيض أن محمود عباس أبو مازن لن يستقبل نائب الرئيس الأمريكي.
وقال مستشار عباس للشئون الدبلوماسية، مجدي الخالدي، إنه "لن يكون هناك لقاء مع بنس، وأن المسألة أكبر من مجرد لقاء لأن الولايات المتحدة بقراراتها المتعلقة بالقدس اجتازت خطوطا حمراء ما كان يجب أن تجتازها". وهو أيضًا ما أكده وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في مؤتمر صحفي بالقاهرة.
كما ذكرت صحيفة هآارتس الإسرائيلية أن بنس لن يزور أيضًا كنيسة المهد في مدينة بيت لحم خلال زيارته، وذلك بعد ضغوط فلسطينية لعدم استقباله أيضًا من قِبل الطائفة المسيحية بالبلاد.
وأعلن أمين مفتاح كنيسة القيامة في القدس أديب الحسيني يوم الأربعاء الماضي رفضه استقبال بنس. وقال الحسيني، في بيان أصدره بهذا الخصوص "تم إعلامنا اليوم بنية بينس القيام بزيارة رسمية إلى كنيسة القيامة وطلب مني استقباله الاستقبال الرسمي ".
وأضاف "أننا عائلة مقدسية فلسطينية قومية أمناء مفاتيح كنيسة القيامة منذ 850 عاما، نذكر بأننا ومنذ استلامنا مفاتيح الكنسية وحتى يومنا هذا نقوم بواجبنا تجاه الكنسية على أكمل وجه".
استفزاز؟
أول مكان سيزوره مايك بنس في الأراضي المحتلة هو حائط البراق أو ما يطلق عليه الإسرائيليون "حائط المبكي" والذي يقع في القدس الشرقية المحتلة.
تسيطر قوات الاحتلال الإسرائيلي على منطقة الحائط منذ السيطرة على المدينة المقدسة بالكامل بعد حرب عام 1967، ويعتبر كثيرون أن زيارة بنس للحائط بعد تصريحات سابقة له بأنه لا يتخيل دولة إسرائيل دون أن يكون "الحائط" جزء منها، خطوة استفزازية.
يصل إلى إسرائيل بعد مغادرة مصر يوم الأربعاء المقبل، وتنتهي هناك فعاليات اليوم الأول من الزيارة.
في اليوم التالي يجتمع نائب الرئيس ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أن يلقي خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي، ويختتم اليوم بعشاء مع نتنياهو.
وكان نتنياهو قد وجه الشكر الكبير للإدارة الأمريكية بعد قرار القدس وحث دول العالم على نقل سفاراتهم إلى القدس بعد إقدام الولايات المتحدة على هذه الخطوة.
وتعتبر قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي القدس الشرقية أرضًا محتلة ضمن المناطق التي اجتاحتها قوات إسرائيلية بعد حرب 1967.
في اليوم الثالث يجتمع بنس بالرئيس الإسرائيلي روفان ريفلين، ثم يزور مركز "ياد فاشيم" لتوثيق ذكرى ضحايا الهولوكوست.
قضية عادلة
على الرغم من أن الولايات المتحدة تُظهر دائمًا أنها تلعب دور الوسيط في مفاوضات السلام بين إسرائيل وفلسطين، إلا أن رأي مايك بنس واضحًا تمامًا فيما يخص القضية الفلسطينية.
فبعد تصريحاته بأنه لا يتخيل إسرائيل بدون الحائط الغربي، كان قال في مقطع فيديو دعائي خلال حملته الانتخابية إنه والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقفون تماما بجوار إسرائيل التي يحاصرها "أعداء يريدون محوها من الوجود".
وقال بنس في المقطع موجهًا حديثه للشعب الإسرائيلي: "إنه لشرف عظيم لي ولترامب أن نقف بجانبكم دعمًا لإسرائيل. قضية إسرائيل هي قضيتنا. نقف بجانب إسرائيل لأن فضيتها عادلة، وقيمها هي قيمنا ومصيرها هو مصيرنا".
ووجه سؤالًا في الفيديو: "كيف لا يمكن لأحد ألا يقف بجوار إسرائيل؟"
فيديو قد يعجبك: