هيومن رايتس عن اعتقال الأمراء السعوديين: "طبّاخ السم بيدوقه"
كتبت- هدى الشيمي:
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، إنها خلال زيارتها للمملكة العربية السعودية، في آخر عام 2006، باسم المنظمة لمناقشة حقوق الانسان مع الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي للشئون الأمنية آنذاك، أخبرها عن مزايا مشروع بلاده لإعادة تأهيل المتطرفين، باحتجازهم حتى يُعلن كبار رجال الدين انصلاح أحوالهم.
وزعمت ويتسن، في المقال الذي نُشر في صحيفة نيويورك تايمز، أن بن نايف لم يجد هناك أي مشكلة في احتجاز آلاف السعوديين، ولم يمانع في كون الاعتقالات تتم بشكل عشوائي، وخارج القانون، أو أنه لا يُقدم أي دليل للمحكمة لإثبات إدانة المحتجزين.
وقالت المسؤولة الحقوقية إن بن نايف أخبرها أن الجميع كان يعلم أن هؤلاء المحتجزين يتم اعتقالهم بسبب التطرف، وأن تلك القرارات تُنفذ لمصلحة الدولة.
وتابعت: "شهد بن نايف بنفسه احتجاز مئات السعوديين، والذين شعر بأنهم يمثلون خطرا على بلاده. قائلة: "انقلبت الطاولة على بن نايف هذا العام، ففي يونيو الماضي، أفادت تقارير بأنه وُضع تحت الإقامة الجبرية، وفي نوفمبر أوردت وكالة رويترز أنباء عن تجميد حساباته البنكية".
وزعمت ويتسن أن الحملة التي شنها بن نايف ضد التطرف منذ سنوات، والتي لم تتم بشكل قانوني، حدثت مرة أخرى في المملكة، ولكن هذه المرة بأوامر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكانت المملكة شنت حملة لمكافحة الفساد في نوفمبر الماضي، احتجز على إثرها عشرات الأمراء والمسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين، من بينهم الأمير متعب بن عبد العزيز، وزير الحرس الوطني السابق وابن شقيق الملك سلمان، ورجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال.
وجمدت المملكة أكثر من 200 حساب مصرفي، ما أثار قلقا من إمكانية الحاق ضرر باقتصاد البلاد، فيما ردت الحكومة السعودية مؤكدة أن شركات رجال الأعمال المحتجزين ستستمر في عملها، وكأن شيئاً لم يحدث.
وترى ويتسن أن البعض قد يعتبر ما حدث لابن نايف بمثابة "عاقبة أخلاقية" على ما فعله في السنوات الماضية، مُشيرة إلى أن النخب السعودية أدركت، في أعقاب حملة الاعتقالات الأخيرة، أن لا أحد في مأمن من العقاب، وأنها أيضا من الممكن احتجازها، وخضوعها للمحاكمة، وهو الأمر الذي كان مقتصرا فقط على الإرهابيين المشتبه بهم، والمعارضين السياسيين.
وبحسب ويتسن، فإن النخب بالمملكة كانت مُحصنة من مواطن الخلل في النظام الحاكم، مُشيرة إلى أن ثراءهم وقدرتهم على السفر، سمح لهم بالتحرر من القيود السياسية، والدينية والاجتماعية التي يعاني منها السعوديون في الرياض.
وأضافت: "بعض المدافعين عن محمد بن سلمان، والنظام الحاكم في السعودية، يعتبرون أن الأمر لا يتعلق بالعدالة، وأشادوا بحملة الاعتقالات الجماعية، واعتبروها دليلا على جدية ولي العهد، 32 عاما، في التعامل مع الفساد".
وبحسب ويتسن فإنه ليس من قبيل الصدفة أن يكون من بين المحتجزين شخصيات كانت خارج سيطرة بن سلمان"، مُشيرة إلى أنه كان من بينهم مسؤولون عن وسائل إعلامية رائدة، ومسؤولون أمنيون بارزون، وممثلون عن أسر ثرية بالعائلة المالكة.
وأضافت: "ولم تكن صدفة أيضا أن هذه الحملة جاءت في أعقاب حملة اعتقالات أخرى وقعت في شهر سبتمبر الماضي، شملت احتجاز مجموعة من الأصوات المعارضة، والناشطين في حقوق الانسان، ودعاة إسلاميين مشهورين".
بحسب ويتسن، فإذا كانت المملكة جادة في رغبتها في القضاء على الفساد، لكانت أصدرت قانون تضارب المصالح، لمعالجة تعامل المسؤولين الحكوميين الذين يستغلون نفوذهم من أجل تحقيق مصالح شخصية، إلا أنها عوضًا عن ذلك، أصدرت قانونا لمكافحة الإرهاب، في نوفمبر الماضي، أدى إلى ترسيخ السلطة في يد النيابة العامة، ورئاسة الأمن العام، والتي ترفع تقاريرها إلى الملك، ومن ثم إلى مستشاره وولي عهده محمد بن سلمان.
وبحسب ويتسن، فإن الحكومة السعودية بإمكانها احتجاز أي شخص بتهمة الإرهاب وفقا لهذا القانون، ومن الممكن أن يصدر القضاء أحكاما بالحبس ضدهم لفترة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات.
وتقول ويتسن إنه لا شك في أن ولي العهد استغل حالة اليأس التي سيطرت على السعوديين خاصة في الفترة الأخيرة من أجل الاصلاح، وساعده على ذلك ثقته بنفسه، وشعبيته، ما سمح له بإجراء العديد من التغييرات، وتخفيف القيود على النساء، والسماح لهن بالقيادة، مُضيفة: "وكل المنظمات الحقوقية، وحتى التي أعمل بها، تهنئه على ذلك".
وتختم قولها بالإشارة إلى أن ما حدث في السعودية مؤخرا، يترك كثيراً من السعوديين يتساءلون "من هو القادم؟".
فيديو قد يعجبك: