علي عبد الله صالح.. لا يُلدغ من ثعبان مرتين (بروفايل)
كتب – محمد الصباغ:
لا يتوقف الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح عن الزحف من حلفٍ إلى حلف ومن صديقٍ إلى صديق. ينتقل من معسكر إلى معسكر بعدما هدد وتوعد بالقتل وغيره، وواجه هو أيضًا مخاطر كادت تودي بحياته.
عاد صالح إلى "الحضن العربي" أو بمعنى أصح إلى المعسكر السعودي مرة أخرى بعد سنوات من القتال ضدهم في الجانب الحوثي المدعوم من إيران. وبات الرجل حليفًا لكل طرف يقترب من انتصار في معركة في اليمن.
انقلب على حلفائه الحوثيين في الأيام الماضي وخاض معهم معارك قوية فيما تعتبره وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية "انتفاضة صنعاء" ضد الحوثيين.
صالح الذي أسس حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن في 24 أغسطس عام 1982، بعدما حكم البلاد منذ عام 1978 بعدما شهد البلد عمليات اغتيال لقيادات كبيرة. ظل علي عبد الله صالح على رأس اليمن حتى اندلع الربيع العربي عام 2011. انتقلت الشرارة من تونس إلى مصر ثم اليمن.
لكن اليمن السعيد أُنهك كثيراً في مظاهرات ومسيرات ومعارك سيطرت عليها القبلية، حتى بات على أبواب مجاعة حذرت منها المنظمات الأممية.
قال صالح ذات يوم إن حكم اليمن مثل الرقص على رؤوس الثعابين، في إشارة إلى صعوبة التعامل مع الأوضاع في الدولة الفقيرة. وطوال فترة حكمه التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود كان صالح يعتبر زعماء قبيلة "حاشد" من أكبر أعوانه
لكن مع اندلاع المظاهرات في مارس 2011 ضد حكمه، ثبت صحة عبارة صالح ولُدغ من زعماء "حاشد" وعلى رأسهم اللواء علي محسن الأحمر. قصفت قواتهم مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو 2011 وأصيب الرئيس آنذاك بإصابات بالغة سافر على إثرها للعلاج في السعودية، في وقت كان مجلس التعاون الخليجي يبلور مبادرات من أجل تنحية صالح وإنهاء الأزمة في اليمن.
السعودية
اتجه علي عبد الله صالح إلى السعودية، وأملت المملكة أن يكون مصيره مثل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي فرّ من تونس مع اندلاع الثورة ووصل إلى السعودية وبقي هناك.
ظل صالح يتلقى العلاج في المملكة حتى غادر في أغسطس من نفس العام المستشفى وظل في العاصمة الرياض وسيقيم في مكان يتبع الحكومة السعودية ومعه رئيس وزراءه علي محمد مجور المصاب في نفس الهجوم.
بعد أشهر قليلة وافق صالح على المبادرة الخليجية التي نصت على تسليمه السلطة في فبراير من عام 2012، وسط أنباء عن اعتزاله السياسة بشكل عام. ووصل الأمر إلى أن قناة العربية السعودية أكدت أن صالح سيتفرغ لكتابة مذكراته، بل وحددت اسمها المفترض وهو "قصتي مع الثعابين".
رغم تسليمه السلطة واختيار عبدربه منصور هادي رئيساً، فضَل علي عبد الله صالح الاستمرار في "الرقص على رؤوس الثعابين" وتدخل بقوة في الحياة السياسية في اليمن مستغلا ولاء قوات الحرس الجمهوري في البلاد لنجله أحمد.
الحوثيون
ما أن بدأ الحوثيون تحركاتهم نحو صنعاء تحالف صالح معهم وباتت قوات الحرس الجمهوري التي كانت متمركزة في العاصمة جزء من القوات التي تقاتل قوات حكومة هادي المعترف بها دولياً.
لكن لم يأمن الحوثيون ولا صالح شر كل منهما الآخر، فلم يبقْ الرئيس السابق في العاصمة بل انتقل إلى عدن البعيدة عن سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران.
ظل التحالف الحذر بين الحوثيين وصالح حتى وصل إلى أعلى مستوياته حينما واجه الحليفان "عاصفة الحزم" التي أطلقتها السعودية بالمشاركة مع ما يسمى التحالف العربي.
بدأت المملكة عمليات جوية ضد الحوثيين وصالح في مارس عام 2015، وأسفرت المعارك بين الطرفين عن كارثة إنسانية في اليمن.
واتهم صالح في أكثر من مناسبة التحالف بقيادة السعودية بالتسبب في انتشار مرض الكوليرا في اليمن وهدمه والعدوان على استقلاله. وقال في يونيو 2016 إن السعودية تشن حربا طائفية وهابية ضد اليمن. وأضاف أن "العدوان" السعودي على اليمن "مذهبي وهابي إرهابي".
وواصل هجومه أيضًا في خطاب أمام كوادر حزبه المؤتمر الشعبي قائلا: "الإرهاب هو الابن الشرعي للمذهب الوهابي".
ثم قال صراحة إن قيادات المؤتمر لن تذهب إلى الرياض لتوقيع "السلام" حتى لو استمرت الحرب عشر سنوات، ولكنه قد يوقع على اتفاق سلام في سلطنة عمان أو الجزائر أو في الأمم المتحدة.
الرياض مرة أخرى
لكن لم يمر جزء كبير من العشر سنوات حتى خرج علي عبد الله صالح ليعلن أنه مستعد لفتح صفحة جديدة مع التحالف بقيادة سعودية، وبدأ معارك قوية ضد الحوثيين في العاصمة صنعاء.
وطالب صالح اليوم السبت، التحالف السعودي بوقف "العدوان ورفع الحصار" عن اليمن، وتعهد بفتح صفحة جديدة معهم. وقال في خطاب متلفز: "أدعو الأشقاء في دول الجوار والمتحالفين معهم أن يوقفوا عدوانهم وأن يرفعوا الحصار ويفتحوا المطارات. وسنتعامل بشكل إيجابي. ويكفي ما حصل في اليمن".
وتلقت دول التحالف حديث صالح بإيجابية، بل وطالبت قوات التحالف من اليمنيين الالتفاف حول "الانتفاضة المباركة" وأكدت أنه يجب على الجميع بما فيهم أبناء حزب المؤتمر التخلص من المليشيات التابعة لإيران، في إشارة إلى الحوثيين.
واعتبرت تحركات صالح عودة "للحضن العربي" وبداية النهاية للتدخل الإيراني في اليمن.
وسيطرت قوات علي عبدالله صالح على دار الرئاسة ووزارة الدفاع والبنك المركزي ووزارة المالية وجهاز الأمن القومي في صنعاء، بعد معارك مع الحوثيين راح ضحيتها العشرات.
وخرج عبد الملك الحوثي زعيم جماعة "أنصار الله" أو الحوثيين، ليهدد صالح ويعتبره "خائن" وزعيم لمليشيات "إجرامية".
فيديو قد يعجبك: