فنانون يتألقون على الساحة الفنية رغم تجاوز أعمارهم 100 عام

دوسلدورف (دب أ)
تبلغ كارمن هيريرا من العمر 102 عاما - ومع ذلك بدأت للتو البزوغ كنجمة على الساحة الفنية. وخصص متحف ويتني في نيويورك مؤخرا معرضا للفنانة الأمريكية الكوبية الأصل، التي تعتبر واحدة من رواد الفن التجريدي في الولايات المتحدة.

وانتقل المعرض حاليا إلى معهد الفنون كونستزاملونج في مدينة دوسلدورف الألمانية - مع العديد من الإضافات بما في ذلك رسم تجريدي باللونين الأخضر والأزرق أكملته هيريرا لتوها.

وربما تكون هيريرا واحدة من الفنانين المشهورين الأكبر سنا الذين لا يزالون على قيد الحياة، ولكن بالتأكيد ليست هيريرا الفنانة المسنة الوحيدة التي لا تزال تحقق نجاحا.

وظهرت الرومانية جيتا براتيسكو في معرض الفن المعاصر الوثائقي في كاسل وفي بينالي فينسيا (البندقية) هذا العام وهى طاعنة في السن حيث تبلغ من العمر 91 عاما.

وتجعل براتيسكو فنان المفهوم الألماني فرانز إيرهارد فالتر، الذي ولد في عام 1939 وتم منحه جائرة الأسد الذهبي لعمله "الثوري" في البينالي، يبدو وكأنه فنانا مبتدئا. وفن المفهوم هو عمل فني يستخدم لتطوير المنتجات الإعلامية والأفلام والعاب الفيديو والصور المتحركة .

ومن جهة أخرى، لا تزال فنانة حركة الفلوكسوس والأداء اليابانية تاكاكو سايتو تعمل وهى في سن الـ 88، ولم تواجه أي مشكلة في ملء 12 غرفة بأكثر من 200 قطعة لاستعادة اثر عملها الفني.

ويلعب الفنانون الأكبر سنا دورا رئيسيا في تشكيل الخطاب الفني الحالي، على الرغم من تجاهل السوق وتاريخ الفن لهم لعقود، كما في حالتي هيريرا وبراتيسكو.

وباعت هيريرا صورتها الأولى في سن الـ 89، ولكن تراكيبها الهندسية المجردة ليست أقل مستوى من ناحية الجودة الفنية العالية من تراكيب زميليها جوزيف ألبرس وبيت موندريان، اللذين عرضت اعمالها معهما خلال الحرب العالمية الثانية.

وقالت مديرة معارض كونستموسين كريفيلد الفنية، كاتيا باودين، التي تعاملت مع كل من هيريرا وفالتر: "تحاول المتاحف والمؤسسات إلقاء نظرة جديدة على تاريخ الفن".

وفي السنوات القليلة الماضية، بحسب باودين، تصدرت الفنانات على وجه الخصوص المشهد. وأضافت "هؤلاء الفنانات يرغبن في الظهور على أنهن من نفس النوعية و التحرك في نفس الدوائر كالرجال".

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا الفنانون كبار السن على وجه الخصوص يتمتعون بالكثير من النجاح في الوقت الراهن؟

وتابعت باودين: "الفنانون الأكبر سنا يطرحون أسئلة من منظور اليوم لا تزال ذات صلة". واستطردت "كونك فنانا ليس وظيفة تعمل فيها من التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء ،و تتقاعد عند سنة الـ 65. الفن حياة".
كما تم تجاهل فالتر، الذي بقى وفيا لمدينته فولدا، في وسط ألمانيا، إلى حد كبير لسنوات عدة - وكانت هذه السنة المرة الأولى التي تمت فيها دعوته إلى البينالي في البندقية.
وقال أولي زيجرس، أستاذ التاريخ الفني دوسلدورف: "إنه فنان بكل ما تحمل الكلمة من معان ، وعمله غير مثير للجدل"، مضيفا أن العديد من الفنانين الناشئين ينظرون إليه باعتباره نموذجا يحتذى به.
وكان جوناثان ميس ومارتن كيبنبرجر من تلاميذه.

وتم الاعتراف بجودة ونضج عمل الفنانين الأكبر سنا الآن من جانب جائزة تيرنر البريطانية، التي بدأت هذا العام ترشيحات للفنانين الذين تجاوزوا سن الخمسين، و فازت بهذه الجائزة في الأسبوع الماضي بلبينة حميد التي تبلغ من العمر 63 عاما.

ولكن مالك معرض برلين يورج يودون يعتقد أن سوق الفن هو المحرك الرئيسي لنجاح الفنانين كبار السن.

وقال "إن القوة الكامنة وراء إعادة اكتشاف العديد من الفنانين هو سوق الفن، وليس المتاحف". وأضاف أن إعادة عرض أعمال هيريرا قبل عدة سنوات كان مستهدفا."

وتابع أن أصحاب المعارض ادركوا أن إعادة صنع فنان أكبر سنا هو أمر أقل خطورة من تقديم فنان جديد للساحة الفنية .

وذكر أن الفنانين الذين اعيد اكتشافهم لهم "قيمة ومكانة في تاريخ الفن"، مشيرا إلى أنهم يحتاجون فقط إلى "ترويجهم مجددا ".
واستطرد أن السبب وراء الكثير من عمليات اعادة اكتشاف هؤلاء الفنانين يعود إلى الحجم الهائل لسوق الفن المتنامي.

كانت براتيسكو تبلغ من العمر 90 عاما عندما تم الاعتراف بها دوليا. ونادرا ما تترك شقتها في بوخارست كثيرا ، ولكنها تواصل العمل بلا كلل أو ملل - ولديها معين لا ينضب من الأفكار. وقالت: "لا أستطيع أن أشعر بتأثير تقدمي في العمر على نشاطي الفني".

كما أن فنانين آخرين مثل جينتر إيكر، 87 عاما، وهاينز ماك، المؤسس المشارك لحركة الصفر، ما زالوا يعملون أيضا.

وقال كبير المتخصصين في طب الشيخوخة، أندرياس كروس، أن هناك تفسيرا علميا وراء قدرة الاشخاص على الإبداع في سن الشيخوخة.

وأضاف: "لدى كبار السن في الوقت الحاضر في المتوسط تعليم أفضل، وصحة أفضل، ومستوى عال من الاكتفاء الذاتي، ويتم توفير الرعاية الطبية لهم بشكل جيد".

وتابع قائلا "تلك كلها أسس مهمة لمواصلة الإبداع".