مكاتب العمل المفتوحة "تكشف كثيرا من أسرار الزملاء"
لندن (بي بي سي)
نشر موقع "بي بي سي كابيتال" في وقت سابق مقالا حول سلبيات مكاتب العمل المفتوحة، وتفاعل القراء مع هذا الموضوع على صفحة موقعنا على فيسبوك، وأرسلوا العديد من القصص والآراء، التي نعرض هنا بعضا منها.
في بيئة مكاتب العمل المفتوحة، لا يملك العديد منا خيارا سوى التعامل مع الضوضاء، ومناقشات الزملاء المحيطين. وبالنسبة للبعض، يتيح ذلك الفرصة لمعرفة معلومات ربما لا يرغب أحد في معرفتها حول الحياة الخاصة للزملاء، أو معرفة معلومات تخص الشركة ويفترض أن تكون سرية.
كتب المستخدم روي أوبراين يقول: "مديرتي في العمل تجلس أمامي مباشرة، وأشعر أن العديد من الأشياء التي تقولها في الهاتف لم يكن من المفترض أن تصل إلى مسامعي".
أما بالنسبة للمستخدم جون، فقد وصلت إلى مسامعه أمور شخصية أخرى، ويقول: "اعتاد مديري في العمل أن يجلس في مكان ما أمامي في مكتبنا المفتوح، واعتاد أن يتحدث بصوت مرتفع عبر الهاتف إلى زوجته باللغة الألمانية، مفترضا أنني لا أستطيع أن أفهم كلامه. لكنه كان يتحدث بهمس وباللغة الإنجليزية عندما كان يخاطب عشيقته السرية عبر الهاتف".
وفي بعض الأحيان، تكون المعلومات التي تقال بالقرب منك تخص الأمور المالية للزملاء، ويمكن أن تتسبب في حرج للبعض.
يقول المستخدم كارتر طومسون: "كنت أعمل في مكتب مفتوح، وكنت أجلس في مكان قريب من أحد ممثلي قسم الموارد البشرية بالشركة. وقد سمعت كثيرا من الأمور المتعلقة بالزملاء، وسمعت معلومات تخص رواتب الموظفين المعينين حديثا".
فقدان الهوية
يقول أميت تولسيان إن المديرين في شركته حولوا المكاتب الصغيرة إلى ساحة مفتوحة. ووفقا للتصميم القديم للمكتب، كان تولسيان يجلس مع خمسة زملائه "في مساحة مغلقة" لكنها ليست ضيقة، أما مع التصميم الحديث، فقد تحول المكتب الذي يضم 50 موظفا إلى ساحة مفتوحة بدون حوائط، يجلس فيها الموظفون بالقرب من بعضهم البعض.
ويقول تولسيان إن هناك إزعاجا دائما، واتصالات هاتفية، ومناقشات، وخلافات، وأحاديث جانبية.
ويضيف: "كره معظمنا ذلك الوضع، الذي بدا وكأننا نعمل في مركز للاتصالات".
عمل المستخدم ماك سينور في مكتب يقع في سان فرانسيسكو، وكتب يقول: "كنا في الأصل في مكتب به ممرات، حيث يستطيع الأشخاص المتقاربون أن يلتقوا معا. وكان البعض يتقابل للدردشة، لكننا كنا جميعا نعمل بنفس الطريقة".
لكن سينور وزملاءه نُقلوا جميعا إلى مكتب جديد ذي مساحة مفتوحة، وطلب منهم أن يتخلوا عن خصوصيتهم، أو أي لمسة شخصية يمكن أن تُضفى على مكاتبهم.
ويقول سينور: "طبعت الشركة صورا لشركة أخرى محلية انتقلت إلى مكتب مفتوح، وعلقت تلك الصور على الحوائط. ويرتدي كل موظف في هذه الصور سماعة أذن، وهو يقبع منكمشا خلف شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به".
يعتقد كثيرون أن مساحات المكاتب المفتوحة تفسح المجال لمعرفة الأمور الشخصية للموظفين، وربما تتيح الفرصة للبعض لمعرفة أسرار الشركة
ويضيف: "وعندما تحدث العديد منا حول هذا الأمر، قيل لنا: 'إذا كان هذا لا يعجبكم، هناك أماكن عمل أخرى يمكنكم أن تذهبوا إليها".
انتشار الجراثيم
يقول البعض إن عوامل التشتيت وفقدان الاستقلالية في مثل هذا المكاتب المفتوحة من الأمور السلبية حقا، أضف إلى ذلك إمكانية انتشار الجراثيم التي تنتقل عن طريق الهواء بين الموظفين بشكل لا يمكن تجنبه.
ويقول ستيفن فينمان إن بيئة العمل هذه تساعد كثيرا على انتقال الجراثيم، ويضيف: "لقد أصبت بالعدوى، وبرشح أنفي في أقل من دقيقة من دخولي مكتب العمل".
وهناك بالفعل أمور أخرى يمكن أن تسبب إزعاجا للبعض. يقول المستخدم بيتر فونسيكا: "عملت مع زميل اجتماعي جدا، لكنه كان عندما يصل كل يوم إلى مقعده في المكتب، يفتح ملابسه، ويبدأ في رش مزيل العرق تحت إبطيه، قبل أن يقوم بأي شيء آخر".
التوازن المطلوب
من المعروف أن مكاتب العمل المفتوحة توفر فرصة للتعاون بين الزملاء، "لكن الهدوء، والخصوصية" من الأمور التي يحتاج إليها العاملون أيضا، كما يقول أنتوني باركر، الذي عمل في شركات ذات مكاتب مفتوحة، وأخرى ذات مكاتب مغلقة.
فما هو الحل إذاً؟ ربما يتطلب الأمر قضاء بعض الأيام في مكتب عمل مفتوح من أجل التعاون مع الزملاء، وحضور الاجتماعات، ثم قضاء أوقات أخرى للعمل من المنزل، من أجل الحصول على الهدوء والخصوصية.
إنه حل وسط، كما يقول باركر، لتوفير أموال الشركة وأموال الموظفين في نفس الوقت، بالإضافة إلى إسعاد الموظفين الذين يكونون أكثر إنتاجية في بيوتهم، ولا يحبون ضغوط الطرق المزدحمة.
طريقة تصميم المكاتب
في نهاية المطاف، قد يعود الأمر بالنسبة إلى إمكانية النجاح في مكان العمل المفتوح إلى طريقة تصميم ذلك المكان.
كتب المستخدم مات سولمز يقول: "المطلوب هو مكتب مفتوح يتمتع بتصميم مناسب. فالمكاتب المفتوحة ليست مجرد غرفة كبيرة يُحشر فيها الموظفون من أجل تخفيض النفقات".
ويقترح سولمز أن يكون تصميم المكتب المفتوح خليطا من المساحات المشتركة، والمساحات ذات الخصوصية، والمساحات الهادئة، و المساحات المخصصة للحديث والدردشة. كما يجب أن تكون هناك الإضاءة الصحيحة، ودرجة الحرارة المناسبة، والتهوية الجيدة.
وتتفق جوان زيركوفيتش مع ذلك الرأي، وتضيف: "إن مجرد وضع مجموعة من المكاتب الخشبية في مساحة مفتوحة لا يعني وجود تصميم مناسب لمكتب العمل المفتوح".
وتضيف: "هناك العديد من الأشياء السلبية التي يقرها مديرون ليس لديهم أي خلفية عن تصميم المكاتب المفتوحة، ويأتي ذلك في الغالب مع وجود ثقافة عمل غير مرنة. ولا يمكن تقييم مكاتب العمل المفتوحة أيضا دون تقييم التصميم المستخدم، وثقافة العمل السائدة".
فيديو قد يعجبك: