قطر 2017: عزلة خليجية وتقارب إيراني تركي
كتبت- رنا أسامة:
حفل عام 2017 بمفاجآت عِدة على المشهد السياسي، رُبما كان أبرزها "العُزلة" التي تعيشها قطر منذ أكثر من 6 أشهر، بعد أن قطعت أربع دول عربية علاقاتها الدبلوماسية وأغلقت مجالاتها البرية والجوية والبحرية مع الإمارة الغنية بالنفط.
ففي تطوّر غير مسبوق في العلاقات بين دول الخليج العربي، قطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها الدبلوماسية وروابطها التجارية مع قطر في الخامس من يونيو، متهمة إيّاها بدعم وتمويل الإرهاب، والتحالف مع الخِصم الإقليمي، إيران، على حساب أمن الخليج، وهو ما تنفيه الدوحة.
أثارت الأزمة قلقًا إقليميًا ودوليًا في ظل تعثّر جهود الوساطة التي تقودها الكويت بدعم من دول أخرى.
"جذور الخلاف"
تعود جذور الأزمة الخليجية القطرية إلى عام 1995؛ فالدول الأربع تقول إن السلطات القطرية دأبت على نكث التزاماتها وخرق الاتفاقات التي وقّعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون الخليجي، آخر تلك الالتزامات ما اتفق عليه في العاصمة السعودية فيما عُرِف بـ"اتفاق الرياض" في 2013، و"اتفاق الرياض التكميلي" في أواخر 2014.
وبحسب وثائق سرية كشفتها شبكة سي إن إن الأمريكية، نصّ (اتفاق الرياض 2013)، في بعض بنوده، على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم الإخوان المسلمين أو أي من التنظيمات أو الأفراد الذين يهددون أمن واستقرار دول المجلس".
ونصت بنود (اتفاق الرياض التكميلي 2014)، على "التأكيد على أن عدم الالتزام بأي بند من بنود اتفاق الرياض وآلياته التنفيذية يعد إخلالًا بكامل ما ورد فيهما".
فيما نفت قطر تلك الاتهامات، وقالت إن "السعودية والإمارات هما من خرقتا بنود اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي العام 2014 عبر مهاجمة سيادة قطر".
مطالب وقوائم
بعد أيام من إعلان المقاطعة، أصدرت الدول الأربع قائمة من 13 مطلبًا لحل الأزمة. أبرز تلك المطالب إغلاق قناة الجزيرة القطرية وقطع العلاقات مع إيران وإبقاءها على التعاون التجاري فقط، وإغلاق القاعدة التركية في الدوحة وإخراج الجنود الأتراك الذين استدعتهم قطر عقب الأزمة.
بيد أن قطر لم تستجب لتلك المطالب وقالت إنها تمس سيادتها.
فضلًا عن ذلك، أعلنت دول المقاطعة عن 3 قوائم تضم أفراد وكيانات إرهابية قالت إن قطر تدعمها.
ضمّت تلك القوائم 79 فردًا و22 كيانًا، أبرزهم الداعية الإخواني يوسف القرضاوي وقيادات إسلامية مصرية أخرى مثل وطارق الزمر ووجدي غنيم وعاصم عبد الماجد، و5 شخصيات ليبية أبرزها وأمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج.
تداعيات
كان للأزمة ولا زال تداعيات سلبية على قطر، فالمراقبون يقولون إن قطر للمرة الأولى تقف تدافع عن نفسها ضد اتهامها بدعم وتمويل الإرهاب، وسعى مسؤولوها بقيادة الشيخ تميم بن حمد لنفي هذا الاتهام والترويج بأن الدول الأربع تفرض "حصارا" على الإمارة الصغيرة، الأمر الذي ردت عليه الدول الأربع.
وقد بدت عُزلة قطر جليًا فيما شهدته قمة مجلس التعاون الـ 38 من غياب شبه جماعي لزعماء الخليج. إضافة إلى ذلك غيرت الدوحة من قوانين مكافحة الإرهاب ومنع تمويل الجماعات الإرهابية، وبات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي حاضرا لدى مكتب النائب العام القطري لمراقبة التزام الدوحة بمكافحة تمويل الإرهاب.
اقتصاديًا، تراجعت قطر إلى المركز الـ47 في مؤشر الازدهار العالمي، ووُصِف أداء البورصة القطرية خلال عام 2017، بـ"صاحبة الأداء الأسوأ في العالم". في الوقت الذي قلّص فيه الكثير من بنوك الخليج والبنوك الأجنبية الأخرى أنشطتها مع المصارف القطرية، ما أحدث اضطرابًا في سوق صرف العملة، ودفع بالبنوك البنوك للاتجاه إلى آسيا وأوروبا بحثا عن التمويل.
وتتوقع قطر أن يبلغ العجز في موازنتها لعام 2018 حوالى 7,7 مليارات دولار، للعام الثالث على التوالي، بسبب تراجع أسعار الطاقة، حسبما أعلنت وزارة المالية القطرية.
"انتفاضة آل ثاني"
بعد أول 3 شهور من الأزمة، أطلق أفراد من العائلة الحاكمة المعارضين، دعوات لوضع حد للمسار الخاطئ الذي ينتهجه أمير قطر.
بدأت أولاها مع بيان نشره أحد أبرز مُعارضي تميم، الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، على حسابه على تويتر، يدعو فيه "عقلاء وحكماء أسرته وأعيان الشعب القطري" لاجتماع طارئ.
وكتب يقول "الوضع يمضي إلى الأسوأ وأن حد التحريض المباشر على استقرار الخليج العربي والتدخل في شئون الأخرين يدفع إلى (نفق مغامرة) وصلت إليه دول أخرى انتهت إلى الفوضى والخراب".
ومثّلت دعوة "آل ثاني" نقطة انطلاق ما وصفته صحف خليجية بـ"انتفاضة عُقلاء آل ثاني ضد تنظيم الحمدين"؛ إذ لاقت الدعوة ترحيبًا واسعًا لدى عقلاء العائلة الحاكمة القطرية، وأبرزهم نجل أول وزير خارجية قطري، الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، الذي أكّد في بيان مُصوّر أن "السكوت على ممارسات النظام القطري بات أمرًا مستحيلًا."
فيديو قد يعجبك: