بعد 5 سنوات على اغتصاب "جيوتي".. هل من عدالة سريعة في الهند؟
نيودلهي (د ب أ)
بعد خمس سنوات من اغتصاب ابنتها جماعيا بطريقة وحشية في نيودلهي، مما أدى إلى اندلاع عاصفة احتجاجية في جميع أنحاء البلاد، تشعر "أشا ديفي" بأنه لم تتغير الكثير من الأمور.
وتقول والدة جيوتي سينج، 23 عاما، الطالبة في مجال العلاج الطبيعي :(المغتصبة) "كل يوم أرى أنباء عن اغتصاب نساء والاعتداء عليهن، وأشعر بالغضب والحزن".
وأضافت: "ما زلنا ننتظر العدالة ... لماذا لم يتم شنق الرجال الذين ادينوا بتلك الجريمة البشعة؟".
وتدرس المحكمة العليا في الهند قرارها بشأن أحكام الإعدام الصادرة بحق المدانين، ولكن محامين ونشطاء يشعرون بأن أسرة جيوتي سينج كانت محظوظة بالفعل أن يكون لها شكل من أشكال إغلاق القضية.
وقالت كيرتي سينج، وهي محامية وناشطة في مجال حقوق المرأة، إن "المحكمة السريعة استغرقت ثمانية أشهر فقط لإصدار حكم، وبالنسبة للكثيرين (من الأشخاص) الآخرين، فإن النظام القانوني لا يعمل بكفاءة".
وقال محامون إن الشرطة، تحت رقابة كبيرة بسبب الغضب العام إثر الجريمة الوحشية، أنجزت تحقيقا فعالا وسريعا الى حد ما في قضية جيوتي سينج.
واتُهم ستة رجال، من بينهم شخص كان حدثا (دون السن القانونية) وقت ارتكاب الجريمة، باغتصاب جيوتي سينج جماعيا ليلة 16 كانون أول/ديسمبر 2012. وقاموا بضرب رجل كان برفقتها وألقوه خارج الحافلة في ليلة شتوية باردة.
وتوفيت جيوتي سينج بعد أسبوعين من الاعتداء بسبب إصابات داخلية، وبعضها إصابات بقضيب معدني.
وقد أجبر الغضب الناجم عن هذا الاغتصاب الجماعي في نيودلهي، الحكومة على تطبيق قوانين أكثر صرامة بشأن الاعتداء الجنسي وجمع الأدلة واتخاذ التدابير اللازمة لتسريع محاكمات الاغتصاب، بما في ذلك تشكيل نحو 339 محكمة سريعة.
لكن بعد خمس سنوات، ما تزال هناك آراء مختلطة بين المحامين والناشطين بشأن المحاكم السريعة لمحاكمات الاغتصاب، بل إن البعض يدعون أنها تمثل مشكلة أكبر.
وتم تنفيذ محاكمات سريعة في بعض الحالات البارزة مثل حالة جيوتي سينج أو الطالبة جيشا من ولاية كيرالا، التي اغتصبت وقتلت في عام 2016.
وتقول كيرتي سينج: "لكن هل عملت كتدخل أوسع؟ أقول لا".
ويبدو أن المشكلة الأكبر هي الشرطة.
والعقبة الأولى التي تواجهها الضحية هي مركز الشرطة المحلي الذي غالبا ما يكون فيه ضباط متبلدو الشعور والأغلبية الساحقة منهم ذكور غير مدربين تدريبا جيدا على التعامل مع التحقيقات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية.
وتضيف كيرتي سينج: "الشرطة أساسية لأن كل شيء يعتمد على الأدلة التي تجمعها وغالبا ما تقوم بعمل سيء". وقالت: "ان لدينا سلطة قضائية مُنهكة وغير حساسة للاعتبارات ذات الصلة بنوع المرء وبالمثل شرطة منهكة ومتحيزة وغير فعالة".
وقال محامون إن إصلاحات الشرطة التي طال انتظارها والتي تجعل الحساسية تجاه نوع الفرد جزءا من عمليات التعيين والترقي أمر لابد منه لمحاكمات اغتصاب أكثر كفاءة. وهناك حاجة أيضا إلى تحسين آليات حماية الضحايا والشهود.
ويمكن أن يعزى انخفاض معدل الإدانة في قضايا الاغتصاب - أي ما متوسطه 5ر25 في المئة بين عامي 2007 و 2017 عبر المحاكم العادية والسريعة - إلى عدم قيام الشرطة بالتحقيق بشكل سليم، وعدم حصول الضحية على تمثيل قانوني جيد، وتسجيل قضايا ملفقة، وفقا لدراسة أوردها موقع تحليل البيانات "إنديا سبيند".
ووجدت منظمة شاكتي فاهيني، غير الربحية، التي تعمل مع ضحايا الاغتصاب، أن ما يقرب من 80 في المئة من الحالات قد أسفرت عن تبرئة المتهمين أو إخلاء سبيلهم.
ويقول ريشي كانت، المؤسس المشارك لـ "شاكتي فاهيني": "غالبا ما نجد ضحية الاغتصاب غير متعاونة لأنه يتم ترويعها أو يتم شراؤها بالمال من جانب المتهمين، وفي كثير من الحالات تنهار القضايا لأن الضحية تكون غير مستعدة للمحاكمة والاستجواب.
ولذلك، فإن الاستحقاق الأكبر الذي تطالب به المحاكم السريعة ليس هو الحل، وفقا لما يقول مارينال ساتيش، وهو أستاذ في جامعة القانون الوطني في نيو دلهي.
وقال إن تحقيقات الشرطة البطيئة والحاجة إلى إجراء فحوص متقاطعة مفصلة والإعداد المناسب من قبل المحامين يمكن أن يؤدي إلى إجهاض العدالة.
وأضاف: "في عملية الإسراع في محاكمة ما، يكون هناك ميل لتجاهل بعض الضمانات الإجرائية".
وتعد مدة ثمانية أشهر ونصف الشهر هي الوقت المتوسط لمحكمة سريعة لإصدار حكم، وفقا لمجموعة "شركاء القانون والتنمية" (براتنرز فور لو اند دفيلوبمنت)، التي درست 16 من حالات المحاكمة السريعة في نيودلهي بين يناير 2014 ومارس 2015.
وقالت آشا ديفي: "يجب أن تكون هناك عدالة أسرع، ولكن علينا أيضا أن نغير المواقف في الداخل".
وتتغير وجهات النظر السائدة منذ أمد طويل حول الرجال والنساء في الهند بشكل بطيء رغم ذلك، كما أن التقدم المحرز ضد جرائم الاغتصاب يكون متباينا في أحسن الأحوال.
وعرض الفيلم الوثائقي "ابنة الهند" مقابلات مع مغتصبين مدانين في قضية عام 2012 واثنين من محاميهم، وجميعهم يدافعون عن فكرة أن المرأة هي المسؤولة عن الاعتداءات والعنف الجنسي المرتكب ضدها.
وتم الإبلاغ عن وقوع 38 ألفا و947 حالة اغتصاب في الهند في عام 2016، أي بزيادة قدرها أربعة آلاف و296 حالة عن العام السابق له. ويقول الناشطون إن هناك حالات كثيرة لم يتم الإبلاغ عنها.
وتقول آشا ديفي بعينين دامعتين: "على الآباء أن يعاملوا بناتهم وأولادهم على قدم المساواة وأن ينشئوا أبناءهم على احترام المرأة". وأضافت: "عندها فقط ستتغير الأمور في هذا البلد".
فيديو قد يعجبك: