هآرتس: إيران بددت أموالها في حروب وهمية بالمنطقة
كتب - عبدالعظيم قنديل:
سلطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تحليل للخبير بالشؤون الإيرانية أنشيل بفايفر، الضوء على الاحتجاجات التي تشهدها مناطق مختلفة في إيران، وألقت باللوم على ما وصفته بسياسة طهران في تبديد مليارات الدولارات على حروبها الوهمية بالشرق الأوسط.
يشار إلى أن التظاهرات فى أنحاء إيران تجددت احتجاجًا على النظام وقتل خلالها متظاهران، فيما أوقف العشرات وجرت هجمات على مبان عامة؛ وهي أكبر تظاهرات منذ الاحتجاجات على إعادة انتخاب الرئيس السابق المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد عام 2009 والتي قابلتها السلطات بحملة قمع شديدة.
وقالت الصحيفة "يبدو أن الجدل الدائر وراء الأبواب المغلقة في طهران قد انسكب في الشوارع"، مضيفة "الشعب الإيراني طرح تساؤلات حول كيف سيكون حال الاقتصاد إذا أنفقت الحكومة الإيرانية تلك الأموال في الداخل".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أسباب الاحتجاجات، والتي تفجرت شرارتها على يد خصوم الرئيس الإيراني حسن روحاني سعيًا إلى الاستفادة من المتاعب الاقتصادية التي يمر بها الشعب الإيراني مثل البطالة وارتفاع الاسعار.
كما لفت التقرير إلى انتشار الاحتجاجات في مختلف أنحاء إيران، مؤكدة أنها باتت تمثل خطر حقيقي على النظام الإيراني بأكملة، بداية من المرشد الأعلى للثورة الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني.
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن الشعار الذي يردده المتظاهرون "لا غزة، لا لبنان، لا سوريا، حياتي لإيران" يعد أكبر دليل على وصول السخط الشعبي إلى أعلى مستوياته بسبب الركود الاقتصادي الداخلي.
وبحسب التقرير، حاولت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاستفادة من انخراطها في الحرب الأهلية السورية عبر ترسيخ وجود عسكري دائم، ولذا خطط الحرس الثوري إلى بناء قاعدة جوية دائمة ومرافق لرسو السفن على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ولكن ذلك يعني إنفاق مئات الملايين على الأقل، إن لم يكن مليارات، على البناء.
وتعد طهران داعمًا رئيسيًا للحكومة السورية، وتزود دمشق بدعم اقتصادي وعسكري كبير في القتال ضد المجموعات المعارضة، كما أن حزب الله يرسل مقاتليه لمساندة القوات الحكومية السورية.
وفقا لمصادر بالمخابرات الغربية، فإن الفصائل المقربة من روحاني تعارض إنفاق هذه الأموال التي يقولون إنها ضرورية لتحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل في المنزل. ويبدو أن النقاش الذي دار خلف الأبواب المغلقة في طهران قد امتد إلى شوارع المدن الإيرانية.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أنه لايمكن تقييم حجم الإنفاق الذي قدمته إيران لحلفائها ووكلائها في المنطقة بدقة، ويرجع ذلك إلى أن هناك جزء كبير من التمويل يكون في شكل أسلحة ومعدات، فضلا عن نقل المقاتلين وإمدادات جوية، علاوة على الخدمات الاستشارية عبر توفير مستشارين عسكريين وإنشاء ميليشيات شيعية تدربها وتنشرها في جميع أنحاء المنطقة.
ووفق "هآرتس"، استثمرت إيران في السنوات الأخيرة مليارات في دعم حلفائها في لبنان وقطاع غزة واليمن والعراق والسعودية والبحرين، ولكن قبل كل شيء، شرعت في توفير الأموال بسخاء إلى الرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2011 من أجل الحفاظ على بقاءه في سدة الحكم.
وقالت الصحيفة إن الاستثمار الإيراني في نظام الأسد خلال السنوات الست والنصف الماضية جاء بأشكال مختلفة ويصعب تقييمه فعليًا، حسب التقرير الذي أوضح أن البنوك الإيرانية المملوكة للدولة أقامت خطوط ائتمان للحكومة السورية بقيمة 3.6 مليار دولار في عام 2013 ومليار دولار في عام 2015 للسماح للنظام بشراء النفط والسلع الأخرى من إيران.
وبعبارة أخرى، أنفقت إيران مليارات سنويا على نظام الأسد خلال السنوات الست الماضية، ولذا ذكر التقرير أن الحرس الثوري أرسل مايقرب من 50 ألف مقاتل إلى جبهات القتال في سوريا وتدفع لهم الحكومة الإيرانية راتب شهري يقدر بنحو 300 دولار، بالإضافة إلى الأسلحة والعتاد والصيانة المستمرة، ذلك بخلاف نقل المستشارين العسكريين للجيش الإيراني.
"نموذج حزب الله"
ونوه التقرير إلى أن حزب الله اللبناني حصل على أكبر قدر من الاهتمام من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين كافة الميليشيات الشيعية في الشرق الأوسط، ولذا تصل تقديرات تمويل إيران للمجموعة اللبنانية إلى ما بين 60 مليون دولار سنويا، مضيفًا أنها تأتي في شكل دعم مالي مباشر وكميات هائلة من الأسلحة التقليدية الأساسية وأنظمة الأسلحة المتقدمة ومرافق التدريب في إيران والاستثمار في مشاريع البناء في لبنان لتعزيز مكانة الميليشيا الشيعية في البلاد.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن نموذج استخدام ميليشيا محلية لفرض سياستها مثل "حزب الله" تم تكراره مع الجماعات الشيعية المناهضة للحكومة في السعودية والبحرين، والميليشيات في العراق منذ الغزو الأمريكي 2003 والحوثيين في اليمن، الذين أمدتهم طهران بمساعدات على شكل صواريخ بعيدة المدى، ولذا أصبحت مصدر قلق دائم للعواصم العربية المحيطة مثل أبوظبي والرياض.
وكشف التقرير أن الاستخبارات الإسرائيلية أزاحت النقاب في اكثر مناسبة عن تقديم إيران أكثر من 100 مليوم سنويًا إلى حركة حماس في قطاع غزة، ولكن منذ باية الحرب الأهلية السورية توجهت أنظار الحرس الثوري الإيراني إلى الجماعات المسلحة في سوريا.
وقد حاول الحرس الثوري الحصول على بعض المكاسب من نفقاتها المستمرة في سوريا في مقابل حقوق التعدين واستئجار الأراضي للزراعة. لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت، وربما سنوات، إلى أن تهدأ الأمور في سوريا بما فيه الكفاية لكي يرى الإيرانيون أي أرباح، وذلك حسبما أوردت الصحيفة الإسرائيلية
إن الاتفاق النووي الإيراني، الذي أنهى معظم العقوبات المفروضة على إيران، ألغى تجميد عشرات المليارات من الدولارات التي وصلت إلى خزائن النظام، ولكنها لم تنعكس بعد على رخاء الشعب الإيراني.
فيديو قد يعجبك: